وكان إقرار رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، بأن ملف رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية لـ«الدول الراعية للإرهاب» مرتبط بتطبيع العلاقات بين بلاده و«إسرائيل»، قد حسم الجدل حول أسباب تراجع السودان عن «لاءاته الثلاث» وهي نقطة اعتبر مراقبون أنها حسمت ملف التطبيع السوداني مع الجانب «الإسرائيلي» برضوخ سلطة الخرطوم لضغوطات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يسعى لكسب ود اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية قبيل الإنتخابات وتمهيدا لتمرير صفقة «القرن» المزعومة.
وقال البرهان، في مقابلة بثها التلفزيون الرسمي: «لا يمكن الحديث عن رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب بمعزل عن التطبيع». ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرارا برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، حيث أدرجته واشنطن على هذه القائمة منذ 1993، وذلك اثرا استضافته آنذاك الزعيم السابق لتنظيم «القاعدة»، أسامة بن لادن.
ولئن كان انضمام السودان لقائمة دول التطبيع ، سواء نتيجة الضغوطات الأمريكية أو لأسباب داخلية أخرى ، إلا أن التصريحات الرسمية الأمريكية مستمرة منذ إعلان التطبيع بين الإمارات و«اسرائيل» حول نية دول عربية أخرى الدخول في علاقات رسمية مع الجانب «الإسرائيلي»، مع وجود تقارير إعلامية تؤكد ان 5 دول أخرى ستتبع بدورها سياسة «التطبيخ» إما رضوخا لضغوطات أمريكا أو تماشيا مع سياسة جديدة تتعارض مع مقاطعة «إسرائيل» باعتبارها كيانا محتلا للأراضي الفلسطينية.
ومن بين الدول الخمس التي يتم ذكرها السعودية وسلطنة عمان، وقطر، والمغرب. وكانت الإمارات والبحرين وقعتا في منتصف الشهر الماضي اتفاقا مع «إسرائيل» بتطبيع العلاقات لتنضاف إليهما في وقت لاحق السودان .
«طعنة وخيانة للقضية الفلسطينية»
من جانبه قال الصحفي الفلسطيني قاسم الأغا، إن إعلان السلطات الانتقالية بالسودان عن موافقتها على تطبيع العلاقات مع «دولة» الاحتلال الإسرائيلي، يشكل طعنة وخيانة جديدتَين للقضية الفلسطينية، ولشعبها المتمسّك بحقوقه وثوابته المشروعة.
وأضاف الصحفي الأغا لـ«المغرب»، أن النظام السوداني الحالي بهذه الخطوة يتناقض مع المصالح الوطنية العليا للسودان، وينقلب على مبادئ شعبه التاريخية التي تمسك بها أعوامًا طويلة، والتي تتمثّل بـ«اللّاءات الثلاث»: «لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض مع «إسرائيل».
وتابع «السودان بإعلان التطبيع يشيّع هذه اللاءات، ويهوي لتحقيق سلام تصفه «إسرائيل» بأنه سلام حقيقي؛ إلّا أن السلام والاستقرار الحقيقين في الشرق الأوسط لن يتحقّقا دون تلبية حقوق الشعب الفلسطيني، التي كفلتها كل المواثيق والأعراف الدوليّة.
وزاد «اعتقاد السلطات السودانية الانتقالية بأن الرخاء والرفاهية الاقتصادية والتحرر من القيود الدولية، يمكن تحقيقها عبر بوابة التطبيع ضرب من الوهم والخيال، وهي في الحقيقة مقدمة للتفريط بمزيد من ثروات ومقدّرات هذا البلد الماديّة والبشريّة، واستكمال مخطّطات تقسيمه».
وأضاف «نحن الفلسطينيون نراهن على يقظة وإرادة الشعب السوداني وقواه الحيّة، وإرادة كل الشعوب العربية والإسلامية؛ لوقف انزلاق أنظمتهم نحو التطبيع مع دولة الاحتلال، وإسقاط اتفاقات العار المبرمة معها.
وأشار إلى أن قرار السودان بالتطبيع مع الاحتلال، وما سبقه من قرارين مماثلَين لدولتي البحرين والإمارات، يُعد نَسفًا لمبادرة السلام العربية عام 2002، ولكل القرارات والمواثيق الدولية، التي كفلت للشعب الفلسطيني، إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين.
وشدّد على أن تباهي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن دولًا أخرى ستلتحق بقطار التطبيع؛ يتطلب بناء جبهة عريضة من شعوب وقوى وأحزاب الأمة العربية والإسلامية؛ تتصدى وتجهض نتائج هذا المسار العبثيّ، بما يصون مواقف بلدانهم وبقائها في الدائرة العربية، بعيدًا عن «تحالفات الشراكة» مع الاحتلال والإدارة الأمريكية.