وممثّل الجانب اليوناني تمّ خلالها بحث جهود تسوية أزمات المنطقة وتعزيز التعاون في مجال الطاقة ، وذلك في تقارب بين الطرفين إلى جانب اليونان في مواجهة المدّ التركي في شرق المتوسط وحصول معطى جديد في حرب التنقيب المندلعة منذ أشهر طويلة بين أنقرة ودول شرق المتوسط .
وقد استضافت قبرص أمس قمة ثلاثية جمعت قادة كل من قبرص ومصر واليونان في إطار آلية التعاون التي تجمع الدول الثلاث المتعلقة بالأنشطة البحرية في البحر الأبيض المتوسط والتي تشهد هذه الآونة حرب نفوذ كبرى مع الجانب التركي خصوصا بعد توقيع الاتفاق البحري والأمني بين حكومة أنقرة من جهة وحكومة الوفاق الليبية من جهة أخرى. وخلّف التقارب التركي الليبي ردود فعل دولية عنيفة رافضة لمحاولات تركيا استغلال ثروات شرق المتوسط لصالحها إلى جانب رفض الدول المعنية مصر واليونان وقبرص. وكردّ على الاتفاق بين ليبيا وتركيا وقّعت كل من مصر واليونان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، خلال زيارة لوزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، إلى القاهرة، وهو ما اعتبره
مراقبون صفعة قوية لتركيا الطامعة في ثروات البحر المتوسط.وجرى خلال توقيع الاتفاقية تعيين المناطق الاقتصادية الخالصة بين مصر واليونان في خطوة مشابهة لما قامت به أثينا مع روما في محاولة للحد من مساعي تركيا التوسعية في المتوسط وسعيها لاستغلال ورقة التنقيب والثروات البحرية للضغط في ملفات خلافية مع أوروبا.
وخلال هذه القمة قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إنّ العلاقات بين مصر واليونان «ممتدة وقوية»، لافتا إلى أن «تصديق البرلمانات على الاتفاقيات الاقتصادية يعكس نجاحها ونجاح الهدف منها»، في إشارة إلى اتفاق تعيين الحدود البحرية المبرم بين البلدين، كما شدد على أهمية أن «يتم التعاون وفقا للقوانين والأعراف الدولية».ولطالما أكدت مصر أنها لن «تفرط في نقطة من مياهها ولن تقبل التدخلات التركية». وأكّد السيسي على «حرص مصر على مواصلة تفعيل أطر التعاون مع قبرص، وتكثيف التشاور حول القضايا الإقليمية والملفات ذات الاهتمام المشترك، سواء على المستوى الثنائي أو من خلال آلية التعاون الثلاثي التي تجمع بين مصر وقبرص واليونان».
توافق دولي
هذا التوافق الثلاثي برعاية دول الاتحاد الأوروبي يأتي بعد تمسك تركيا بعمليات التنقيب في شرق المتوسط واستمرار سفنها في الوصول إلى ضفاف المتوسط رغم التحذيرات الدولية والدعوات للتهدئة والتفاوض. يشار إلى أن الرفض الداخلي والإقليمي والدولي للاتفاق البحري الموقع بين طرابلس وأنقرة، قابله إصرار تركي ليبي على المضي قدما في تنفيذه بعد مصادقة الطرفين رسميا عليه ،في حين اعتبر مراقبون ان الاتفاق البحري التركي الليبي رد من أنقرة على إنشاء منتدى لشرق المتوسط حول الغاز في جانفي أوائل العام، استبعدت منه تركيا خلال اجتماع عقد في القاهرة بين ممثلين عن قبرص واليونان و’’اسرائيل’’ ومصر وإيطاليا والأردن والأراضي الفلسطينية.
والخلاف المصري اليوناني التركي ليس وليد الأحداث الراهنة أو التطورات المتعلقة بالمتوسط ، بل تشهد العلاقات بين هذه الأطراف فتورا كبيرا نتيجة التصعيد في المتوسط . إذ تحاول أنقرة باعتبار انها تمثل تمثّل بوّابة العبور الأولى للاجئين والمهاجرين غير الشرعيين نحو القارة الأوروبية، استغلال هذه الورقة للضغط على الطرف اليوناني ومن خلفه أوروبا خاصة وأن أثينا هي ثاني أكبر بوابة عبور للمهاجرين باتّجاه أوروبا، ويفسر مراقبون الضغط الأوربي من خلال المساعدات المالية لتركيا لوقف تدفّق مئات آلاف اللاجئين من مختلف الجنسيات (اغلبهم سوريون) إليها.
ويرى مراقبون أن المشهد الراهن تجاوز الصراع الليبي- الليبي خصوصا بعد الاتفاق الليبي التركي الأخير والذي اعتبرته عدة أطراف دولية محاولة تركية لبسط النفوذ في المنطقة مما يزيد من استنفار الدول المعنية. كما اعتبر متابعون أنّ التطورات المرتقبة ستزيد من حدة التوتر والخلافات في شرق المتوسط وفتح الأبواب أمام سيناريوهات متعددة أهمها قرب اندلاع حرب النفوذ والثروات الطبيعية.