عمّت عديد المناطق اللبناني ووسط حالة من السخط والغضب جراء الوضع الصعب الذي آلت اليه البلاد . والمفارقة ان هذه الثورة التي عقد عليها الآلاف من المواطنين الآمال لتغيير أوضاعهم ، أدخلت البلاد في متاهة جديدة من الفوضى لم يشهد مثلها اللبنانيون سابقا في تاريخهم الحديث وحتى في أقسى أيام الحرب الأهلية .
وفي الحقيقة يوجد تباين كبير في مواقف اللبنانيين اليوم بعد عام من انطلاق هذا الحراك حول جدواه وأهمية المواصلة به والاستمرار بنهجه، ويلاحظ على مواقع التواصل الاجتماعي مثل «الفيسبوك» وغيرها وجود حالة من السخط والتندر مع دعوات الى إعادة القبول بالضرائب التي فرضتها الحكومة آنذاك على خدمات «الوتساب» والعودة الى ما قبل مناخ الثورات عسى يعود لبنان من جديد. في حين أن بعض الشرائح الاجتماعية لم ينطفئ ايمانها بالثورة ومعانيها وأهدافها، وترى تلك القطاعات بأنه لا طريق أمام بلد الأرز للقطيعة مع ارهاصات الماضي والطائفية وما فيها من مساوئ سوى ثورة كلية على النظام وأركانه وزعمائه .
بعد عام من هذا الحراك ، التغير الوحيد الذي طرأ كان للأسوأ، انهيار مالي وانخفاض سعر العملة الوطنية الى سبعة اضعافها وأضرار جسيمة في الاقتصاد وفي كل مناحي الحياة . وانعكس ذلك على أسعار المواد الاستهلاكية الأولية، وتآكل رواتب الموظفين بجميع القطاعات وارتفاع نسب الفقر وفقدان العديد من المواد الأساسية من بينها الأدوية مما يهدد صحة وحياة الآلاف من المرضى.
والمفارقة ان الثورة التي أرغمت سعد الحريري على تقديم استقالته يوم 29 أكتوبر 2019 وبعد مرور عام على انطلاقها، يعود اسم الرجل ليًطرح مجددا كمرشح محتمل للحكومة اللبنانية، بعد أن عجزت حكومة حسان دياب على الصمود أمام قوة الضغوطات الداخلية والخارجية . وكذلك بعد تعثر وفشل مصطفى أديب في إيجاد مفاتيح الحل لعقدة تشكيل الحكومة.
اليوم لم تبق من شعارات «الثورة» سوى شعار محاربة الفساد، ويبدو ان هذه المعركة ستكون أم المعارك القادمة ولها الكلمة الفيصل في مستقبل الحراك الدائر وشكل المرحلة القادمة بكل تحدياتها الصعبة.