وبات من شبه المؤكد أنه سيكون الإسم المطروح لاحقا لتشكيل الحكومة خاصة بعد زيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري والتي تمّ خلالها مناقشة الورقة الإصلاحية التي قدمتها المبادرة الفرنسية للخروج من الأزمة الراهنة .
وقال الحريري إن «الاجتماع كان إيجابياً وجرى فيه مناقشة الورقة الإصلاحية التابعة للمبادرة الفرنسية وللرئيس بري كان واضحاً بموافقته وإيجابياً تجاه الإصلاحات في الورقة». كما أكد الحريري أنه سيتواصل مع جميع الكتل السياسية للتأكد من التزامها ببنود المبادرة الفرنسية التي تقوم على تشكيل حكومة اختصاصيين.
الالتزام بالمبادرة الفرنسية
ومن المفترض ان يبدأ الموعد الجديد لانطلاق الاستشارات النيابية الملزمة بعد غد الجمعة لاختيار الإسم الأكثر قبولا لتكليفه بالحكومة الجديدة . وبدا الحريري متحمسا للمبادرة الفرنسية أكثر من أي وقت مضى وشدد في عدة تصريحات إعلامية مؤخرا على أنها الطريق الوحيد لوقف الانهيار وإعادة اعمار بيروت وانها بمثابة الفرصة الأخيرة. كما أعلن الحريري أن «تشكيل هكذا حكومة يسمح للرئيس ماكرون بتجييش المجتمع الدولي للاستثمار في لبنان».
وكان الحريري قد أكد في مقابلة له أنه «مرشح طبيعي» لتولي رئاسة الحكومة، وقال إنه سيقوم «بجولة اتصالات للتأكد من التزام الجميع بورقة إصلاحات صندوق النقد وحكومة من الاختصاصيين، فإذا وافقوا لن أقفل الباب».
والمفارقة انه عندما اندلعت الاحتجاجات في لبنان قبل قرابة العام، كان العنوان الأبرز لها اسقاط كل رموز النظام السياسي اللبناني بدءا بحكومة الحريري، وتمّ بعدها الاتيان بحسان دياب على رأس حكومة تكنوقراط باعتباره مستقلا ولا ينتمي لأي من الأحزاب الحاكمة ...وبعد عام على بدء الحراك اللبناني الشعبي يعود اسم الحريري للتداول بصفته المرشح الأوفر حظا بعد فشل تجربة دياب بالحكم...ولعلها من مفارقات النظام السياسي اللبناني المبني على أسس المحاصصة الطائفية والتي تختزل المناصب السيادية في بلد الأرز بموافقة الطوائف وزعمائها . وهنا يبدو الحريري متمتعا بكامل المشروعية ليعود كمرشحا طبيعي من الباب نفسه الذي خرج منه قبل عام .
ويأمل اللبنانيون في أن تنجح المشاورات الحالية بالإتيان بحكومة اختصاصيين أكفاء تنقذ لبنان من المستنقع الاقتصادي الذي يغرق فيه يوما بعد يوم . فهذه الحكومة يبدو انها ستفتح الأبواب لدعم خارجي ينتظره اللبنانيون لانتشالهم من أزمتهم الاقتصادية الصعبة .
ملف ترسيم الحدود
وتتزامن هذه التطورات مع انطلاق لبنان بالتفاوض رسميا على ترسيم الحدود البحرية والبرية مع «إسرائيل» وذلك عبر محادثات غير مباشرة ترعاها الأمم المتحدة وتمت بوساطة أمريكية. وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان لها أن وفد التفاوض سيترأسه العميد الركن الطيار بسام ياسين، وسيضم في عضويته العقيد الركن البحري مازن بصبوص، ووسام شباط عضو هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان، إلى جانب الخبير في الشؤون البحرية نجيب مسيحي.
ومن المقرر أن تعقد الاجتماعات اليوم في مقر تابع لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل»، في قرية الناقورة بجنوب لبنان تحت رعاية منسق الأمم المتحدة.
ورغم ان «إسرائيل» ولبنان رسميا في حالة حرب الا ان اتفاق ترسيم الحدود يشكل اختراقا نوعيا لاحد أشد الملفات الساخنة والصعبة في المنطقة . مما يطرح تساؤلات حول ما اذا كانت تسوية ملف الحدود مع «إسرائيل» يأتي في اطار تسوية كاملة للأزمة اللبنانية بكل منعرجاتها السياسية والاقتصادية ، ام انه ملف منفصل ولا علاقة له بالوضع الداخلي اللبناني ؟ اذ يرى بعض المحللين بأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين بات ملحا خاصة بعد تزايد الاهتمام باكتشافات الغاز الطبيعي في البحر المتوسط ، وان لبنان في خضم أزمته المالية الراهنة أحوج ما يكون الى الإسراع بحلحلة هذا الملف العائق والبدء بأعمال التنقيب التي تمّ تكليف شركات فرنسية وايطالية وروسية بها . ويؤكد المحللون بأنه لا يمكن البدء بعمليات التنقيب دون مناخ سلمي وبعيدا عن خطر اندلاع أية مناوشات بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وان هذا كان أحد أهم شروط التفاوض حول صفقات التنقيب .
وفي خضم كل الانهيار المالي والتصدع السياسي الذي يعيشه بلد الأرز، بات البحر المتوسط وما يحمله من ثروات غازية وطاقية هو بارقة الأمل الجديدة للبنانيين بأن يحمل معه حلولا لمشاكلهم المالية الصعبة ويدخل بلدهم في نادي الدول المنتجة للغاز في المنطقة.