وجدلا كبيرا حول فحوى هذا الاتفاق وآثاره وتداعياته، خاصة انه يأتي في ظل موجة تطبيع غير مسبوقة تشهدها المنطقة مع الكيان «الإسرائيلي».
جاء الإعلان عن هذه المفاوضات التي ستنطلق في منتصف أكتوبر الجاري على لسان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع شريكه في الحكم «حزب الله» ، وهذا ما يعطي مؤشرا على إمكانية أن يكون هذا القرار قد اتُخذ بضوء أخضر من حزب الله . كما رحبت الرئاسة اللبنانية، بالتوصل إلى «اتفاق إطار»، متمنية استمرار واشنطن في الوساطة النزيهة بين الجانبين. من جهته أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري انه طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يقود في الوقت الراهن الجهود الخارجية لانتشال لبنان من أزمته، الضغط على شركة « طوطال» لعدم التأخير في التنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية.
أية انعكاسات
وفور الإعلان عن هذه الخطوة طرحت تساؤلات كبيرة في الشارع اللبناني حول فحواها وتأثيراتها وانعكاساتها على الوضع اللبناني والعلاقة بدول الجوار وكذلك بالعدو «الإسرائيلي» خاصة ان لبنان الذي طالما وقف سدا منيعا في وجه أية محاولات للتطبيع مع «إسرائيل».
ويبدو جليا ان هناك ضغوطات أمريكية كبيرة باتجاه توقيع هذا الاتفاق من أجل الخروج بلبنان من المأزق الاقتصادي والانهيار المالي الذي يعيشه . ويرى شق واسع من اللبنانيين بأن هذا الاتفاق ليس مرتبطا بنهج المقاومة الذي سيظل قائما طالما ان هناك أراض محتلة . وبأنه سيتم برعاية أممية وبوساطة أمريكية لحل مشكلة التنقيب عن الغاز قبالة الشواطئ اللبنانية في المنطقة المتنازع عليها بين لبنان و«إسرائيل». اذ لا يمكن البدء بأعمال التنقيب في ظل وجود خطر السلاح والتصعيد العسكري وانه لا بد من تسوية لهذا الملف -قانونية وأممية - قبل الشروع في عمليات التنقيب.
ومن المعلوم ان هناك نزاعا بين لبنان و«اسرائيل» على المنطقة التي تعرف ببلوك رقم 9 الغنية بالنفط والغاز في البحر المتوسط . وكانت الحكومة اللبنانية قد أعلنت في عام 2018 عن منح رخصة لشركات «إيني» الإيطالية و«طوطال» الفرنسية و«نوفاتيك» الروسية للقيام بأول عملية تنقيب بحري للطاقة في لبنان في منطقتين تقع إحداهما في مياه متنازع عليها مع «إسرائيل».
ترسيم الحدود والانتخابات الأمريكية؟
يرى البعض ان هذا الاتفاق هو كسائر الاتفاقيات التي تمّ التوصل اليها بوساطة أممية بين لبنان و«إسرائيل» لإيقاف الحروب التي اندلعت مثل حرب جويلية وغيرها وانه ليس اتفاق تطبيع للعلاقات، في حين يرى البعض الآخر انه يحمل تنازلا من السلطات اللبنانية واعترافا غير مباشر بالعدو «الإسرائيلي» مع القبول بحدوده البحرية والبرية مع لبنان .
ويبدو ان ملف ترسيم الحدود بين لبنان و«اسرائيل» هو من أولويات ادارة ترامب في حملته الانتخابية للفوز بأكبر عدد من أصوات الداعمين له وذلك من أجل الفوز بعهدة ثانية. اذ يبدو ان الطريق اليوم الى البيت الأبيض يمرّ عبر تل ابيب ومن خلال ضمان مصالحها في الشرق الأوسط .
وتأتي هذه التطورات الأخيرة فيما تصاعدت الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها اللبنانيون مع وصول الدين العام حوالي مليار دولار خلال العام الماضي. كما أنها تأتي فيما تدخل البلاد مرحلة أكثر خطورة في الحرب ضد فيروس كورونا الذي يستمر في حصد أرواح المئات من الضحايا، مما دفع وزير الصحة اللبناني الى التحذير من خطر تكرار السيناريو الأوروبي مع تزايد تفشي الوباء .
لبنان ينطلق قريبا في مفاوضات ترسيم الحدود مع «إسرائيل»: في الأبعاد والتأثيرات السياسية والاستراتيجية؟
- بقلم روعة قاسم
- 09:23 06/10/2020
- 802 عدد المشاهدات
أثار اعلان الدولة اللبنانية عن الانطلاق في الاتفاق الإطار لترسيم الحدود البرية والبحرية مع «إسرائيل»، ردود فعل واسعة في الأوساط اللبنانية