عشرات القتلى في اشتباكات عنيفة بين ارمينيا وأذربيجان: جبهة قتال جديدة تستقطب الأطراف الدولية وتؤجج الصراع بين روسيا وتركيا

تزايدت في الآونة الأخيرة حدة الإشتباكات بين كل من جمهوريتي أرمينيا وأذربيجان بسبب خلافات حول أحقية

حكم إقليم «ناجورنو قرة باغ». وتبادل الجانبان الاتهامات بالعنف وباستخدام المدفعية الثقيلة بينما وردت تقارير عن مقتل 21 شخصا على الأقل وإصابة المئات في أقوى اشتباكات بين الجانبين منذ عام 2016 ، لكن المعطيات الجديدة التي تتهم من خلالها أذربيجان أطراف دولية بالدخول على خط الأزمة، جعلت من الصراع يأخذ منحى أكثر خطورة ويهدد بإندلاع حرب جديدة.
وللإشارة فإنّ الإشتباكات بين الجمهوريتيين السوفيتيتين السابقتين الواقعتين في جنوب القوقاز ليست جديدة أو مفاجئة بل أن الأمر تكرر منذ سنوات بسبب إقليم «›ناجورنو قرة باغ» المنشق الذي يقع في أذربيجان لكنه يخضع لإدارة الأرمن .
وأعلن رئيس أذربيجان إلهام علييف التعبئة العسكرية الجزئية. وقال وزير خارجية أذربيجان أمس الاثنين إن ستة مدنيين قُتلوا وأصيب 19 منذ اندلاع الاشتباكات مع القوات الأرمينية.ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن ممثل لوزارة الدفاع الأرمينية قوله إن مائتي أرميني أصيبوا.وأعلن الإقليم الانفصالي عن مقتل 15 جنديا من قواته. كان ناجورنو قرة باغ قد ذكر أمس الأول أن 16 من جنوده قتلوا وأصيب ما يربو على مائة بعد أن شنت أذربيجان هجوما جويا ومدفعيا.وقال الإقليم إنه استعاد السيطرة على بعض الأراضي التي كان قد خسرها أمس الأحد وإن أذربيجان تستخدم المدفعية الثقيلة في القصف.
«أبعاد الصراع المتجدد»
ويرى مراقبون أن المشهد الراهن بات يكتسب خطورة بالغة خاصة بعد دخول أطراف دولية على خط الأزمة على غرار تركيا وروسيا، ويؤكد متابعون أن منطقة جنوب القوقاز طالما كانت جبهة تستهوي مطامع الدول باعتبار أنها ممر استراتيجي لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز لأسواق عالمية.فقد دعت روسيا إلى وقف فوري لإطلاق النار بينما قالت تركيا إنها ستساند أذربيجان حليفتها التقليدية وهو مازاد من حدة التوتر في المنطقة وسط تقارير واتهامات تؤكد أنّ أنقرة نقلت مقاتلين من سوريا إلى أذربيجان .
ونقلت وكالة إنترفاكس عن سفير أرمينيا لدى روسيا قوله إن تركيا نقلت نحو أربعة آلاف مقاتل من شمال سوريا إلى أذربيجان. وندد برلمان أرمينيا أمس الاثنين بما وصفه بـ«هجوم عسكري شامل» من أذربيجان على «ناجورنو قرة باغ» وقال إن تدخل تركيا في الأزمة يهدد بزعزعة استقرار المنطقة.
وفي رد زاد من توتر المشهد دعا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أمس الاثنين إلى إنهاء «الاحتلال» الأرمني لناغورني قره باغ لوضع حد للقتال الدامي بين الانفصاليين المدعومين من أرمينيا والقوات الأذربيجانية.وقال «حان الوقت لإنهاء هذه الأزمة التي بدأت مع احتلال ناغورني قره باغ». وأضاف اردوغان الذي تعتبر بلاده الداعم الرئيسي لأذربيجان «فور انسحاب أرمينيا من الأراضي التي تحتلها، ستستعيد المنطقة السلام والوئام».
من جهته قال الكاتب السوري خيام الزعبي أنه ‘’بعد الحرب على سوريا وليبيا واليمن جاء الآن الدور على أرمينيا وأذربيجان، لتصطف روسيا خلف أرمينيا وتركيا خلف أذربيجان، وبالنظر إلى جملة التوترات والصراعات بين الروس والأتراك والناجمة عن خلافات الطرفين في عدة ملفات أهمها الملف السوري والليبي، تذهب الأنظار إلى منطقة ناغورني قره باغ كمركز أخر للصراع بين الطرفين’’.
وتابع محدثنا ‘’وسعت روسيا من دائرة إنتقاداتها الإقليمية والدولية على خلفية الموقف التركي المتحيز للطرف الأذري، فدعت أنقرة إلى وقف التدخل هناك، لذلك يبدو أن الصراع على منطقة قرة باغ أعاد روسيا وتركيا إلى المربع الأول لتشتعل الحرب بينهما مرة أخرى . وتُعتبر ساحة قره باغ -اليوم- من أهم ساحات المواجهة الروسية – التركية، حيث تملك موسكو في هذه المنطقة أوراقا قوية تمكِّنها من استفزاز أنقرة بسهولة في العتبة الشرقية لها، وذلك لقدرة موسكو الفعلية على استهداف غالبية التشكيلات العسكرية التركية في شرق البلاد، وعلى الطرف الأخر تقيم روسيا مع أرمينيا علاقات أوثق تختلف كثيرا من حيث النطاق والبعد، من علاقاتها مع أذربيجان،بالرغم من أنها تبيع الأسلحة للطرفين’’ وفق تعبيره.
مطامع روسية تركية
وأكد الكاتب السوري» على ارتكاز عيون أنقرة على تلك المنطقة، حيث تُعنى القيادة التركية بطموحات جيواستراتيجية في القوقاز وآسيا الوسطى والتي جعلت من أذربيجان الثرية بالمحروقات، حليفها الأساسي في المنطقة. وهنا لا بد من التذكير بان المسألة أكبر من تركيا على الرغم من التصريحات غير المسؤولة التي أدلى بها الرئيس التركي بشأن صبه الزيت على النار في الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا، وتأكيداته الغريبة على أنه سيقف إلى جوار أذربيجان في حربها «العادلة» مع أرمينيا. أي أن أردوغان وجد أخيراً ورقة لممارسة سياساته المثيرة والغامضة، كما فعل -بالضبط- بشأن جمهورية القرم الروسية عندما توجه إلى كييف ليؤكد لنظيره الأوكراني بيترو بوروشينكو أنه يقف إلى جواره ضد «الأعداء الروس». ومن الواضح أن أردوغان يحاول أن يصور نفسه بطلا عالميا لرفع الأثقال السياسية، لأنه في الوقت نفسه يتعامل مع التنظيمات المتطرفة والإرهابية ويسعى لفرض مشاريع لتقسيم المنطقة» على حد قوله.
وأضاف «وفي نفس الوقت تجاوزت أزمة قره باغ الخلاف الأرميني ـ الأذربيجاني التقليدي، لتنتقل إلى مستويات عالية، فتصاعد أعمال العنف هناك قد ينذر بعواقب وخيمة على المدى المتوسط ولا يمكن التراجع عنها وقد تصل لحد اشعال حرب شاملة، ومن شأن العودة للحرب زعزعة الاستقرار في الإقليم الذي تمر عبره أنابيب لنقل النفط والغاز. وقد يؤدي ذلك لدخول القوتين الكبيرتين بالمنطقة روسيا وتركيا لغمرة النزاع المسلح والعنف».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115