وكان الرئيس الأمريكي قد أشار خلال لقاء عقد في أوت الماضي مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى هذا الإعلان ولكن دون تحديد موعد.
ويأتي قرار الانسحاب الأمريكي بعد تزايد الهجمات ضد أهداف أمريكية من قبل مناوئين للوجود الأمريكي في العراق ، وينتشر حوالي 5 آلاف جندي في البلاد تحت إطار «محاربة الإرهاب» .
ترتيب الأوراق
ويبدو أن هناك توجها جديدا للولايات المتحدة بخفض قواتها في الخارج سواء أتعلق الأمر بالعراق او بأفغانستان ايضا، خاصة أن البنتاغون كان قد أعلن انه يريد أن يخفض عدد العسكريين في أفغانستان إلى أقل من خمسة آلاف جندي على خلفية محادثات السلام بين الأطراف الأفغانية. وينصّ اتفاق الدوحة الموقع في فيفري الماضي بين واشنطن وحركة طالبان على هذا الإنسحاب في حدود عام 2021 .
وتأتي هذه الخطوات الأمريكية في إطار إعادة ترتيب الملفات السياسية وأدوار واشنطن فيها ، فيبدو أن الإدارة البيضاوية تودّ التخلص تدريجيا من هذا الوجود العسكري في عديد المناطق الساخنة وبؤر التوتر بالنظر إلى أن انعكاساته السلبية كانت أكثر بكثير من منافعه على الولايات المتحدة الأمريكية، نظرا للكلفة المالية الباهظة وكذلك البشرية مع ازدياد الخسائر في صفوف هذه القوات» .
ولكن الانسحاب الأمريكي العسكري أو التخفيف منه لا يعني انسحابا أمريكيا من تلك الملفات الهامة، بل أن الدور الأمريكي -حسب عديد المراقبين- سيظل قائما مؤثرا لكن بطرق وأطر سياسية من خلال المفاوضات وعقد الصفقات التي تضمن لأمريكا مصالحها الاقتصادية والأمنية والسياسية .ويقول الباحث والكاتب العراقي قاسم آل جابر لـ«المغرب» بأن السياسة الخارجية الأمريكية تغيرت كثيرا بعد وصول أوباما للحكم ولاحقا ترامب، وبدأ الصراع الداخلي الأمريكي بين اللوبيات السياسية ومراكز صنع القرار الأمريكي يخرج للعلن. وحسب محدثنا فانه بات من الصعب فهم السياسة الخارجية للولايات المتحدة لأنها متأرجحة بين الدعم الخفي للمتطرفين وبين الدور الإعلامي في مناهضهم والموقف السلبي من قضايا الشرق الأوسط والانحياز الواضح للكيان الصهيوني الغاصب». ويضيف :«الولايات المتحدة اليوم ليست كما كانت قبل 10 أعوام ودورها السلبي في العراق وأفغانستان وشمال سوريا خير دليل على ذلك». ويتابع: «قد تكون الإدارة الأمريكية الآن غير مستعدة لتقديم ضحايا في صراعات شرق أوسطية أوجدتها من أجل السيطرة وفرض النفوذ ومن أجل منابع النفط في المنطقة» .
الصراع الصيني الأمريكي
ولا يخفى على أحد تداعيات الصراع الروسي الأمريكي وانشغال أمريكا به ومن جانب آخر تسونامي التنين الصيني القادم بقوة لفرض نفوذه الاقتصادي». وفي هذا السياق يعتبر الباحث العراقي أن الوضع مربك خاصة وأن المنطقة على صفيح ساخن بسبب السياسات الأمريكية. ويتابع بالقول: «حتى الانسحاب أو إعادة التموضع غير مفهومة، فانسحاب القوات الأمريكية من جنوب ووسط العراق والاتجاه غربا أيضا غير واضح المعالم، فالأمريكيون من جانب يعلنون الانسحاب ومن جانب آخر يعززون قواتهم وقواعدهم العسكرية غرب العراق وصولا للحدود العراقية السورية».
وأعرب محدثنا عن اعتقاده بان ترامب يحاول تحسين صورة أمريكا في المنطقة إعلاميا فقط من أجل الظفر بأربع سنوات أخرى في قياده أمريكا. فالرجل لن يفي بأي وعود قطعها على نفسه غير تلك التي وعد إسرائيل بها.» وفيما يخص الانسحاب أو إعلان الصلح أو الهدنة مع طالبان فيعتبر محدثتنا بأن ذلك ورقة انتخابية لا أكثر ووهم ساقه ترامب ضمن برنامج حملته الانتخابية وما غير ذلك لا واقعية له.