فيضانات السودان تعرّي الواقع المرير وتفرض إصلاحات كبرى

ارتفعت حصيلة ضحايا السيول والأمطار والفيضانات التي اجتاحت السودان قبل يومين، إلى 101 وفاة، و46 إصابة وتشريد وتضرّر مئات الآلاف،

وسط دعوات دولية لمساعدة السودان الذي يعيش واقعا سياسيا ضبابيا وصعوبات اجتماعية واقتصادية حادة منذ سنوات . واجتاحت المياه 16 ولاية من أصل 18 ولاية مخلفة أضرارا بشرية ومادية ضخمة أدت بمجلس الدفاع والأمن، إلى حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر، واعتبارها «منطقة كوارث طبيعية».
وفي سياق متصل، وصلت طائرتان مصريتان إلى الخرطوم، تحملان مساعدات إنسانية (خيام ومواد غذائية) تقدر بـ23 طن؛ لدعم المتأثرين بالسيول والفيضانات، حسب وكالة الأنباء السودانية.فيما واصل منسوب النيل الارتفاع في الخرطوم ، مسجلا 17.66 متر متجاوزراً أعلى رقم مسجل (17.20 ) بـ 40 ويبدأ موسم الأمطار الخريفية في السودان من جوان، ويستمر حتى أكتوبر، وتهطل عادة أمطار قوية في هذه الفترة، وتواجه البلاد سنويا فيضانات وسيولا واسعة. ووفق خبراء في شؤون الموارد الطبيعية في إفريقيا فإن الحكومة السودانية مجبرة على ‘’تخفيف الأزمة الحالية، وتقليل فرص تكرار الآثار المدمرة للفيضانات مستقبلا باعتبار أن هذا العام تخطت فيه الفيضانات الحد الطبيعي»
وتواجه الحكومة الجديدة بقيادة رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، وضعا داخليا صعبا خاصة وأنها تعاني منذ توليها -عقب الإطاحة بحكومة عمر البشير التي أسقطها الحراك الشعبي- اختبارات صعبة في عدة مجالات داخلية وأخرى خارجية .
ويعد الإختبار الأصعب أمام حكومة حمدوك هو المظاهرات الشعبية والاحتجاجات الاجتماعية المتصاعدة التي رفعت مطالبا بالتغيير ومحاربة الفساد والبطالة والفقر المدقع وغيرها من المطالب المعيشية .وتخشى حكومة حمدوك أن يرفع المحتجون والمعارضة سقف المطالب خاصة بعد الآثار الكارثية للفيضانات الأخيرة مما يوحي بأن الأوضاع ستسير نحو مزيد من التفجر وقد تصل الى حد دخول السودان في الفوضى .
مسؤوليات متراكمة
وتولت حكومة حمدوك المسؤولية بعد الإطاحة بعمر البشير بعد 16 أسبوعا من المظاهرات الشعبية التي توسعت رقعتها وقد تتزايد وتيرتها مع ظهور موجة رفض كبير لأي دور سياسي قد يلعبه الجيش السوداني . وجاءت الإطاحة بالبشير (75 عاما) في بيان على لسان وزير الدفاع عوض محمد أحمد بن عوف أذاعه التلفزيون الرسمي أمس ، بعد 3 عقود من الحكم.وخلف الانقلاب العسكري الذي شهده السودان ردود فعل دولية وأخرى إقليمية دعت في أغلبها إلى دعم الانتقال الديمقراطي والسلمي للسلطة في السودان في مهلة اقل من العامين على غرار ما فعلته أمريكا وألمانيا وفرنسا .
في وقت تمر فيه السودان بمرحلة حساسة بعد تغيير سياسي فرضته إرادة الشارع واحتجاجات شعبية أدت إلى إسقاط حكم الرئيس السابق عمر البشير . ويرى مراقبون أنّ ما حصل من انهيار للبنية التحتية والآثار الكارثية للفيضانات الأخيرة سيزيد من مخاوف السودانيين بشأن الواقع الاجتماعي المتردي وما يرافقه من صراع داخلي بين الدولة والحركات المتمردة، وسط مخاوف من تحوّل السودان الى ساحة لصراعات جديدة قد يغذيها تضارب السياسات الداخلية وتباين المواقف بين مختلف مكونات المشهد السياسي الداخلي، إذ بات الغموض يكتنف مستقبل هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها السودان .
وبالإضافة إلى المعضلات الداخلية يحذر متابعون من تنامي الدور الخارجي الذي يواجهه السودان الذي بات في مرمى مطامع أطراف خارجية لعدة اعتبارات نظرا للأهمية الاقتصادية والإستراتيجية التي يتمتع بها السودان. وخلف التغيير في رأس السلطة السودانية تباينا في ردود الفعل الدولية والإقليمية التي دعمت في أغلبها الانتقال الديمقراطي والسلمي للسلطة في السودان .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115