وهي أول زيارة يقوم بها ساكن الإليزيه إلى العراق. وربط مراقبون الزيارة بحالة التخبط التي يعاني منها العراق في السنوات الأخيرة في إطار مساعي الحكومات العراقية المتعاقبة لاتباع سياسة الحياد إزاء التوتر بين أمريكا وإيران على أراضيها .
ووصل ماكرون إلى بغداد قادما من بيروت أين التقى بنظيره العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وكذلك رئيس أقليم كردستان العراقي الشمالي وعددا من القادة السياسيين الفاعلين، مؤكدا أن بلاده تدعم ‘’العراق أمام تحديات التدخل الأجنبي وتهديدات تنظيم «داعش» الإرهابي»، وقال ماكرون خلال مؤتمر صحفي «أؤكّد لكم أنّني سأكون غداً صباحاً في العراق لكي أطلق، بالتعاون مع الأمم المتحدة، مبادرة لدعم مسيرة السيادة» في هذا البلد.وكان ماكرون قال الجمعة في لقاء مع الصحفيين إنّ «المعركة من أجل سيادة العراق أساسية» للسماح «لهذا الشعب وهذا البلد اللذين عانيا كثيرا» بـ«عدم الخضوع إلى حتمية سيطرة القوى الإقليمية والإرهاب».وأضاف «هناك قادة وشعب مدركون لذلك ويريدون أن يحددوا مصيرهم بأنفسهم»، مشيرا إلى أن «دور فرنسا هو مساعدتهم على ذلك».وأشار ماكرون إلى أنه ينوي أن «يبني معهم مبادرة قوية، بالتعاون مع الأمم المتحدة، من أجل سيادة العراق».
وتدور على الأراضي العراقية منذ سنوات حرب نفوذ بين إيران وأذرعها على الميدان من جهة وبين أمريكا وحلفائها من جهة أخرى، مما يضع العراق في موقف صعب يفرض عليه الاصطفاف في حرب دفعت خلالها بغداد أثمانا باهظة سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
محاولات توسيع النفوذ
وحول أبعاد هذه الزيارة والدور الفرنسي الذي يبحث ماكرون عن مزيد ترسيخه في العراق والمنطقة العربية بصفة عامة، قال الكاتب العراقي نصيف الخصاف لـ«المغرب» إنّ فرنسا وباعتبار أنها عضو مشارك ضمن التحالف الدولي لمحاربة داعش ولديها قوات برية ومساهم في الطلعات الجوية للتحالف ضد أهداف محددة لداعش الإرهابي ، فإن لفرنسا أشخاصا يحملون الجنسية الفرنسية من أصول عربية على الأغلب ضمن أسرى داعش في العراق و»الحقيقة أن فرنسا لا تريد عودتهم إلى فرنسا وطلبت سابقا من العراق محاكمتهم بالعراق وعدم إعادة أي منهم إلى فرنسا» وفق تعبيره.
وتابع « بالإضافة إلى ذلك إن حكومة الكاظمي منفتحة أكثر من سابقاتها على التعاون والتعامل مع جميع دول العالم على وفق المصالح المشتركة وخاصة الدول الغربية ولا تريد فرنسا أن تكون في آخر المضمار في السباق نحو استثمار حاجة السوق العراقية لكل شيء تقريبا،وفرنسا على خلاف الولايات المتحدة وبريطانيا لم تشارك في غزو العراق عام 2003 ما يعني عدم اعتبارها «عدوا» من قبل بعض الفصائل المسلحة خاصة وإن فرنسا لم تصعد في خطابها ضد إيران مما يضعها خارج دائرة الاستهداف من قبل بعض الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في العراق».
وأكد محدثنا أنّ فرنسا تحاول استثمار الفراغ الذي قد ينشأ نتيجة انسحاب الولايات المتحدة المتوقع من العراق في غضون السنوات الثلاث القادمة وهي من الأطراف الدولية القليلة التي لازالت تحتفظ بعلاقات طيبة مع جميع دول المنطقة
وبخصوص محاولات فرنسا الخروج عن تحالفات الغرب سواء التحالف الدولي أو الناتو واللعب بصفة فردية في المنطقة الغربية كسبا للمزيد من النفوذ، أجاب محدثنا أن هذه الفرضية رغم أنها مطروحة إلاّ أنها لن تكون بهذه السرعة ولا بهذه الكيفية ، وأضاف هذا الاحتمال موجود لكن يتعلق بالوضع في أوروبا واحتمال تبلور موقف أوربي موحد إزاء العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف «وليس واردا لدى صاحب القرار الفرنسي أن تحاول فرنسا لعب دور بمعزل عن دول الاتحاد الأوربي وهذا لايمنع أن تكون لفرنسا رغبتها وعلاقاتها المنفردة مع بعض دول المنطقة وخاصة لبنان والعراق،اعتقد أن فرنسا ستدخل إلى المنطقة من بوابة لبنان لا العراق، وستحاول أن تلعب دورا أكثر استقلالا عن أمريكا في المنطقة وأكثر التقاء مع مصالح الدول العربية وتطلعاتها وسيكون دورها مدعوما أوروبيا لما لذلك من بعد استراتيجي في الصراع الدولي في المنطقة والعالم» على حد تعبيره.
وفي ما يتعلّق بسيناريو محاولات فرنسا الانخراط في الحرب ضدّ إيران وروسيا عبر استعمال العراق ولبنان كأوراق ضغط، أجاب الكاتب العراقي «لا أعتقد أنها ستنخرط بأي حرب ضد إيران أو روسيا هذا احتمال بعيد جدا الا بحالة واحدة أن يكون ذلك بقرار من مجلس الأمن ضمن البند السابع كما حدث في التحالف الدولي ضد العراق في عام 1991 وضد داعش في العراق وسوريا،بالإضافة إلى أن موقفها إزاء إيران قد ظهر واضحا من خلال رفض مشروع القرار الأمريكي باستمرار حظر بيع السلاح إلى إيران ، يمكن أن يكون هذا معيارا لعلاقة فرنسا مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران».
عبر بوابتي العراق ولبنان: زيارات ماكرون إلى المنطقة العربية ومساعي فرنسا لاستثمار تراجع الدور الأمريكي
- بقلم وفاء العرفاوي
- 09:26 03/09/2020
- 664 عدد المشاهدات
بعد زيارته إلى لبنان توجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس الأربعاء إلى العاصمة العراقية بغداد كمحطة ثانية في جولته العربية ،