حصيلة كارثية من الخسائر البشرية والمادية. هذه الزيارة تأتي في وقت يعيش فيه الشارع السياسي اللبناني حراكا غير مسبوق وسعيا حثيثا لتشكيل حكومة جديدة بعد استقالة حكومة حسان دياب نتيجة الانتقادات والاحتجاجات التي طالبت بتغييره عقب حادث مرفإ بيروت وما تلا ذلك من حملة ضغط شعبية للإطاحة بحكومته.
وقبيل زيارة ماكرون بساعات قليلة كلف الرئيس اللبناني ميشال عون سفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب بتشكيل حكومة جديدة، ومصطفى أديب الذي كان سفيرا للبنان في برلين منذ عام 2013 عمل كذلك مستشارا لرئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي وحصل على تأييد أغلب النواب خلال الاستشارات النيابية التي تم إجراؤها وفق وسائل إعلام لبنانية.
كما أكدت تقارير إعلامية أن تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة وليد جنبلاط كانوا من المؤيدين لترشيح أديب خلال المشاورات الرسمية التي كانت تحت إشراف الرئيس ميشال عون صباح أمس الاثنين.
فإلى جانب الوضع المالي الصعب ومخلفات انفجار مرفإ بيروت المروع يواجه لبنان أيضا تداعيات انتشار وباء ‘’كورونا’’ على غرار باقي دول العالم ، بالإضافة إلى التوتر الشعبي ومارافقته من احتجاجات اجتماعية غاضبة زادت من تفجر المشهد الداخلي وسط اتهامات من الشارع الغاضب للطبقة السياسية بالفساد والمحسوبية وسط مطالب بضرورة إرساء حكومة تلبي احتياجات الشعب دون خلفيات طائفية أو دينية وهو ما يعتبر صعبا في ظل طبيعة التعدد السياسي الغالب في لبنان من مختلف الطوائف والديانات وفي ظل واقع إقليمي تحكمه الاستقطابات السياسية الحادة ما يجعل بقاء لبنان محايدا أمرا صعب الحدوث.
وسيواجه أديب حزمة من العراقيل والتحديات والملفات الحارقة التي ستكون وفق قوله «حكومة كفاءات»ستعمل على حل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يواجهها لبنان وهي الأزمة الأشد منذ عقود طويلة. ومن بين التحديات المفروضة أمام رئيس الحكومة المكلف ضرورة إقناع المجتمع الدولي بتقديم الدعم اللازم لبلاده وما سيرافق ذلك من تنازلات وتوافقات داخلية وخارجية .
اشتراطات فرنسية
ومن المتوقع أن يصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون صباح اليوم الثلاثاء إلى لبنان في زيارة - هي الثانية منذ انفجار بيروت- وقال عنها مراقبون أنها محاولة للضغط على الأطراف السياسية في لبنان لتسريع مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة التي ستعمل على رأب الصدع المحيط بالواقع السياسي في البلاد ولمساعدة لبنان على الخروج من النفق المظلم والأزمة الاقتصادية العميقة التي يقبع فيها بلد الأرز منذ سنوات .
واقترح ماكرون خلال زيارته الأولى إلى لبنان عقدا سياسيا في شكل اتفاق جديد مع السلطات السياسية.وأضاف «سأتحدث إلى جميع القوى السياسية لأطلب منها اتفاقا جديدا. أنا هنا اليوم لأقترح عليهم اتفاقا سياسيا جديدا».وعشية وصوله إلى لبنان حذر ساكن الإليزي من تدهور الأوضاع في لبنان ومن دخول البلاد في أتون حرب أهلية ذات أبعاد خطيرة ،ولئن يرى مراقبون أن الدعم الغربي للبنان عامة والدعم الفرنسي خاصة سيكون مرفوقا باشتراطات على مستوى التركيبة السياسية للحكومة المقبلة وانتماءات وزراءها مع العلم أن الغرب وحلفاءه الخليجيون يحاولون عبر مساع حثيثة إقصاء حزب الله المدعوم من إيران من الساحة السياسية في لبنان وبالتالي من المنطقة.
إلاّ أن حسن نصر الله زعيم حزب الله أكد يوم أمس وقبيل ساعات من وصول ماكرون إلى لبنان على إنفتاح حزبه على «الطرح الفرنسي بشأن التوصل إلى «عقد سياسي جديد». وقال نصرالله أمس الأول الأحد «نحن منفتحون على أي نقاش هادف في هذا المجال لكن لدينا شرط أن يكون هذا النقاش وهذا الحوار اللبناني بإرادة ورضى مختلف الفئات اللبنانية».