وكانت طرابلس شهدت إجراءات امنية غير مسبوقة بنشر مجموعات مسلحة عند مداخل الساحة الخضراء وسط المدينة لمنع وصول المتظاهرين. وأطلقت تلك المجموعات النار على من حاول الوصول الى الساحة الخضراء، كما قامت عناصر المجموعات المسلحة التابعة للوفاق بحملات اعتقال واسعة في صفوف المتظاهرين وقامت بتفتيش أعداد كبيرة منهم.
وفي خطوة لاحقة ولامتصاص الغضب الشعبي الناتج عن تردي الوضع المعيشي و إطلاق النار على المدنيين قام رئيس حكومة الوفاق فائز السراج أمس بإقالة وزير الداخلية باشا أغا ، علما بان المعني يشغل كذلك منصب وزير الدفاع كمكلف . بلا شك إقالة وزير مثل باشا اغا المعروف بالرجل القوي في حكومة ضعيفة سوف تكون له تداعيات على أداء تلك الحكومة و قد يزيد من تأزم الوضع الأمني وحتى السياسي . علما بان باشا أغا انتقل منذ أشهر للعمل من مدينة مصراته مسقط رأسه ويستمد باشا اغا قوته من دعم قادة مصراته وهو آمر مليشيا حطين إحدى أكبر ميليشيات مصراته . ويحظى الوزير المقال بدعم خارجي بدليل هندسته وتوقيعه على أغلب الاتفاقيات مع الخارج . فتحي باشا أغا له علاقات مع فرنسا وتركيا وهو أحد المرشحين لتصدر المشهد السياسي القادم. نفوذ وقوة الرجل جعلته في شبه منافسة مع السراج ، حيث برز خلاف في المواقف بين الرجلين ، مما دفع بابن مصراته لمغادرة طرابلس نحو مصراته . وقلل مراقبون من أهمية إقالة السراج لوزير الداخلية ورجحوا رفض باشا اغا لقرار رئيس الوفاق .
الجدير بالملاحظة ان عديد المسؤولين الكبار سواء في حكومة الوفاق او الحكومة المؤقتة في برقة جرت إقالتهم ولم يمتثل هؤلاء الوزراء لقرار الإقالة ، من ذلك مثلا إقالة وزير دفاع السراج الأسبق المهدي البرغثي على خلفية تورطه في مجزرة براك الشاطئ الوحشية . كذلك إقالة مفتي الديار الليبية الصادق الغرياني من طرف مجلس نواب في 2015 ومازال لحد اللحظة مباشرا لمهامه ، أيضا محافظ مصرف ليبيا المركزي في طرابلس .
وأردف المراقبون بان صورة الحال تختلف نوعا ما عن الإقالات الفارطة أولا لأن المقال ليس سوى باشا أغا الرجل القوي محليا وخارجيا والرجل جمع بين القوة العسكرية والقوة السياسية . ثانيا وبسبب تصميم المحتجين على الاستمرار في الاحتجاجات فإن السراج وسلطات طرابلس مجبرة على إبداء الكثير من المرونة و احترام المتظاهرين أو بالأحرى ضمان حرية التظاهر . وان قرار الداخلية بإقرار حظر التجول ليس بالقرار الصائب وأن الحل هو فتح حوار شامل ينهي معاناة المواطن وإطلاق سراح المعتقلين فورا , المحصلة أن الأيام القادمة سوف تشهد تطورات في المشهد السياسي بسبب تنامي الاحتجاجات الشعبية .