حكومة تؤمن بالأفعال لا بالأقوال، ولا نتطلع بأن تحدث المعجزات أو إن الحكومة الجديدة تحمل عصا سيدنا موسى عليه السلام ، وإنما العمل ضمن خطة عمل إنقاذية واضحة نستطيع من خلالها الوصول إلى الأهداف الحقيقة من نمو وتطوير في ظل الأزمة الحالية. بعد انتظار طويل عقد البرلمان السوري جلسته التي كان يترقبها الجميع وحسب دستور البلاد فإن تشكيل مجلس جديد للشعب يعني أن الحكومة في حكم المستقيلة.
وعلى ذلك فإنه من المرتقب أن يتم تشكيل حكومة جديدة قريباً، إلا أن حجم التغيير فيها يترك لرئيس الجمهورية الذي يسمي رئيس مجلس الوزراء ويطلب منه تشكيل الحكومة. وعلى الرغم من كل الانتقادات للحكومة الحالية برئاسة المهندس حسين عرنوس فإنها تابعت مهامها حتى الرمق الأخير، والظروف المعيشية التي عاشها السوريين في السنوات الأولى لحكومة عماد خميس كانت من أصعب الظروف التي تعرض لها خلال الأزمة، الذي وجه العديد من الانتقادات وكسر جميع الخطوط الحمراء في انتقاد المسؤولين بعد ارتفاع الأسعار وزيادة عدد ساعات تقنين الكهرباء بالإضافة إلى انتشار الفساد علناً داخل المؤسسات الحكومية، انطلاقاً من ذلك إن التغيير الحكومي بشكله ومفهومه التقليديين لن يحدث أي فرق نوعي في سوريا، فربما تكون حكومة أفضل من سابقتها بقليل أو أسوأ بقليل، ولا يمكن أن تأتي حكومة متميزة بفوارق كبيرة عن سابقاتها إذا ما جاءت بنفس السياقات السابقة.
وفي المقابل، لا زال هناك «امتحان الشارع» الغاضب من تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والمجتمعية وسوء الخدمات وانخفاض الدخول وتدهور القيمة الشرائية لليرة السورية وانهيار سعر الصرف، وينبغي أن نسأل الآن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا المجال، هل تستطيع الحكومة الجديدة أن تستفيد من أخطاء الحكومات السابقة؟
فالحكومة الجديدة، ومهما أطلق عليها من تسميات، سوف لن يكون حظها أوفر من حكومة خميس السابقة، وستبقى سهام النقد تجاهها ، ما لم تتخذ الإجراءات التالية: -تأمين العيش والحياة الكريمة للمواطن. -القضاء التام على الفساد المستشري في البلاد وفي جميع مؤسسات الدولة والضرب بيد من حديد على المفسدين وتقديمهم إلى المحاكم لنيل العقاب الذي يستحقونه، كما يجب اعتبار نهب الثروة الوطنية جريمة كبرى يعاقب عليها الجاني بأقسى العقوبة، خاصة وبعد دراسة التقارير التي قدمتها الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والتي فضحت دور الشخصيات المؤثرة في الحكومة، فهذا يعني أن هؤلاء ليس من مصلحتهم أن تستقر الأمور في سورية، وأن يستتب الأمن والاستقرار في الإقليم، وهم بذلك لا يقلون شرا عن الإرهابيين،
لذا يتطلب الأمر من الحكومة المقبلة إيقافهم عند حدهم. والعمل الجاد والفوري على تخفيف معاناة الشعب من خلال توفير الكهرباء والماء الصافي والعناية الصحية والخدمات المعيشية الأخرى. وحل مشكلتي البطالة والفقر المنتشرين في المجتمع السوري بشكل كبير وذلك بسبب انخفاض مستويات الدخول أو الأجور، وارتفاع عدد العاطلين عن العمل. ويجب على كل وزير أن يكون أكثر صلابة وعدم السماح لأي متنفذ أن تكون الوزارة تحت تصرفه ووضع حد لحيتان السوق والمتنفذين وإعادة النظر في الأسعار والتصدير والاستيراد ولا بد من الإشارة هنا، إن هذه المطالب المهمة والأساسية لا يمكن تحقيقها بعقلية ونهج الحكومة المنتهية ولايتها، لذا يطلب من السيد رئيس وزراء الحكومة المقبلة أن يختار العناصر الوطنية الكفؤة والنزيهة، والتي تضع قضية تقدم سورية وازدهارها وسعادة شعبها في المقام الأول، بهذا فقط يمكن تحقيق هذه الأهداف النبيلة، وتحقيق الأهداف لا يأتي بالأمنيات فقط ولكن بالعمل المخلص والجاد، هذا وإن كنا نعتقد إن الفساد المستشري في الدوائر والمؤسسات انعكاس لحالة اجتماعية موجودة أصلاً وظاهرة أفرزتها الظروف الجديدة.