لم يستفق الشعب اللبناني بعد من هول الفاجعة التي ألمت به وهو يحاول رغم الحزن والالم لملمة ركام عاصمته المنكوبة ...وقد دفعت حالة الغضب والاحتقان الشعبي عديد الوزراء امس الى تقديم استقالاتهم واحدا تلو الآخر بعد أزمة انفجار مرفإ العاصمة بيروت. وعلى وقع الاحتجاجات الشعبية الغاضبة التي حملت الحكومة مسؤولية الفساد والإهمال . وقد خلف الانفجار 158 شهيدا وأكثر من 6 آلاف جريح، ومئات المفقودين، حسب تقديرات رسمية غير نهائية. وجاء هذا الانفجار ليزيد من الاستقطاب السياسي الحاد الذي يعيشه لبنان في ظل تداخل الأدوار الخارجية والإقليمية.
واعتبر المحلل والكاتب اللبناني قاسم قصير في حديث لـ «المغرب» ان الحكومة اللبنانية واجهت ضغوطا متزايدة للاستقالة . وهذه الخطوة قد تشكل ردا وتخفف قليلا من الاحتقان الشعبي .خاصة بعد المظاهرات التي خرجت في اليومين الأخيرين وهي الأكبر من نوعها منذ أكتوبر مشيرا الى ان لبنان مقدم على صعوبات كبيرة.
اما عن وضع لبنان اليوم بعد الانفجار وعن انعكاساته و وعن قراءته لمؤتمر باريس لدعم لبنان.. اجاب :«نحن في ظل صراع متعدد الأوجه بهدف إعادة السيطرة على الوضع اللبناني من قبل فرنسا وحلفائها ولمواجهة المخاوف من تغير الأوضاع وتحول لبنان الى ساحة لتركيا والصين وإيران وروسيا وحزب الله وحلفائهم . ولذلك تستخدم جميع أوراق الضغط المالية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والعسكرية . وأتى انفجار المرفإ في هذه اللحظة وخوفا من انهيار البلد تدخلت فرنسا لإعادة البحث عن حلول وطرحت مبادرة مالية اقتصادية سياسية لكن هناك أطراف داخلية وخارجية غير راضية عن المشروع الفرنسي ولذلك تضغط من خلال الشارع والاستقالات ودفع الحكومة إلى الاستقالة وإجراء انتخابات نيابية».
وتابع :»نحن في خضم معركة قد تتطلب الوصول إلى تسوية معينة ولابد من تنازلات وتغيير في التفكير واعادة اعطاء الاولوية الوضع الداخلي دون أن نفصل ذلك عما يحيط بنا خارجيا لا ادري إلى اين سنصل لكنني اتمنى ان تكون النهاية لمصلحة الوطن واللبنانيين»
وحول المساعدات للبنان والشائعات بشأن رفضها فقد أجاب : «أما على صعيد المساعدات فإن لبنان بحاجة لمساعدات كبيرة بسبب الكارثة وبسبب الوضع الاقتصادي ولكن الدول العربية والإسلامية والأجنبية تفضل حاليا حصر المساعدات بالمساعدات الإنسانية وان تتولى مباشرة او عبر مؤسسات مدنية تقديم المساعدات لا عن طريق الحكومة بسبب الفساد.وهناك مشروع كامل للتغيير وفي حال تمت الموافقة عليه قد تحصل المزيد من المساعدات»
اما في ما يتعلق بموضوع محاربة الفساد فاعتبر محدثنا بأن الأمر مطلوب أن هناك خطة متكاملة قبل الكارثة وقد زادت الأولوية لذلك على أمل تحقيق ذلك.
وعن مقاربته للمظاهرات الشعبية المحقة المطالبة بمحاكمة الفاسدين، ومدى المخاوف من تجييشها من قبل البعض وتحويلها عن مسارها يجيب :«هناك محاولات لإثارة الفتنة المذهبية أو الحرب الأهلية لكن حتى الآن فشلت وعلينا مراقبة التطورات وما سيحصل حتى يوم الثامن عشر من اوت موعد صدور قرار المحكمة الدولية . فالأمور تسير بشكل سريع في لبنان وعلينا الحذر والانتباه».
يشار الى ان مؤتمر باريس للمانحين الدوليين اختتم يوم الأحد بتعهدات بتقديم مساعدات عاجلة قيمتها نحو 253 مليون يورو . غير أن الدول الأجنبية تطالب بالشفافية في توزيع المساعدات خشية كتابة شيكات على بياض لحكومة يرى شعبها ذاته إنها غارقة في الفساد. ومن شأن هذا المؤتمر ان يضع خارطة طريق لإنقاذ البلاد وهو شكل من أشكال كسر الحصار غير المعلن المفروض على لبنان بسبب قانون قيصر ، الذي خلف أزمة اقتصادية كبيرة دفعت بالليرة اللبنانية الى الانهيار وفقدان قيمتها .