«هيروشيما لبنان» ...انفجار ضخم يهزّ العاصمة اللبنانية: آلاف الجرحى وعشرات القتلى ومحافظ بيروت يعلن عن أن المدينة مدينة منكوبة

عاش اللبنانيون أمس يوم رعب غير مسبوق وتحولت العاصمة اللبنانية الى مدينة منكوبة بعد وقوع انفجار ضخم في مرفإ بيروت، حوّل

مئات الأبنية في العاصمة الى رماد منثور وتطايرت الشظايا في كافة أنحاء المدينة، ويحدث ذلك وسط تباين في المواقف والتحليلات حول أسباب الانفجار وخلفياته. فهناك سؤال واحد اليوم يراود اللبنانيين هو ماالذي حصل ومن يقف وراء التفجير؟ .
وفي كلمة وجهها للبنانيين قال رئيس الحكومة حسان دياب بأن ما حصل في بيروت لن يمر بسهولة ودعا اللبنانيين الى الوحدة لتضميد جراح الوطن ووجه نداء عاجلا الى كل الدول الصديقة والشقيقة للوقوف الى جانب لبنان وان تساعده في بلسمة جراحه. وأضاف :«نحن في مصيبة ونتحصن بالايمان بالله».
وتشير المعلومات الأولية الى ان الانفجار وقع جراء حريق نشب في العنبر رقم 12 في المرفإ، بسبب اشتعال أسلحة مصادرة حسب مصادر امنية وإعلامية . في حين أعلن محافظ بيروت مدينته مدينة منكوبة بسبب حجم الأضرار الهائل.
وقال المدير العام لقوى الأمن الداخلي في لبنان عباس إبراهيم إن الانفجار الهائل الذي حدث في منطقة مرفإ بيروت يوم الثلاثاء وقع في جزء فيه مواد شديدة الانفجار وليس متفجرات مثلما ذكرت في السابق الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في البلاد. وفي تصريحات للصحفيين بثتها قنوات تلفزيونية رفض إبراهيم التكهن بسبب الانفجار وقال «لا يمكن استباق التحقيقات». وأكدت مصادر أمنية لبنانية خاصة لـ«المغرب» بأن الحادثة وقعت بسبب انفجار 50 طن من مادة نيترات الأمونيوم أي ما يعادل ربع قنبلة هيدروجينية.
وتحدث وزير الصحة اللبناني عن عدد كبير من الجرحى في حين اكدت مصادر أمنية إصابة قرابة أربعة آلاف جريح ووفاة 50 شخصا على الأقل وعدد الشهداء مرشح للازدياد. وقال الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة إنه تم نقل مئات الأشخاص الذين أصيبوا في انفجار مرفإ بيروت إلى المستشفيات للعلاج لكن كثيرين ما زالوا محاصرين في المنازل التي تضررت من الانفجار. وقال كتانة لوسائل الإعلام المحلية إنه لا توجد أرقام محددة لعدد المصابين حيث لا زال كثيرون محاصرين في المنازل وداخل منطقة الانفجار. وجرى انقاذ آخرين بالقوارب.
ونقلت محطة (إل.بي.سي.آي) اللبنانية عن مستشفى أوتيل ديو القول إن طاقمها الطبي يتولى علاج أكثر من 500 مصابا ولا يمكنه استقبال المزيد. وقال المستشفى إن عشرات المصابين في حاجة لعمليات جراحية وناشد المواطنين التبرع بالدم.
وجاءت أولى ردود الأفعال الدولية من واشنطن حيث قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كايلي مكناني في إفادة صحفية إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تتابع عن كثب الانفجار الذي وقع في بيروت. ولم تقدم أي تفاصيل بشأن سبب الانفجار. وأعربت فرنسا عن دعمها للبنان واستعدادها لتقديم كل المساعدة الممكنة . في حين أعلن رئيس مجلس الوزراء اللبناني اليوم الأربعاء يوم حداد وطني على الضحايا .
ودفع حجم الانفجار والأضرار البعض الى تشبيهه بما حصل في «هيروشيما» اليابانية... وتحدث مواطنون لبنانيون من بيروت لـ«المغرب» عن ان حجم الانفجار غير مسبوق ولم تشهد مثله البلاد حتى في أشد أيام الحرب الأهلية اللبنانية قتامة. ويؤكد شهود عيان بأنه لم ينج أي منزل في العاصمة من الخسائر الهائلة بسبب حجم التدمير الذي أصاب كل المنازل والأبنية وسط حالة من الهلع والخوف جعلت اللبنانيين المنقسمين سياسيا يتوحدون في الألم ومشاعر الخوف على بلدهم وأهلهم .
ويعيد هذا الزلزال الأوضاع في لبنان الى المربع الأول ويأتي في وقت تعاني منه البلاد من أزمة اقتصادية وسياسية وتحديات غير مسبوقة على كل المستويات. ولعل التساؤل اليوم هو حول مدى ارتباطه بالاشتباكات الأخيرة التي وقعت بين حزب الله وبين جيش الاحتلال الإسرائيلي على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة . لذلك فانه لا يستبعد عديد المحللين بان تكون لإسرائيل يد فيما حدث خاصة ان هذا البلد ومقاومته ظلت المهدد الأساسي لأمن الكيان المحتل ووجوده .
والمؤكد ان حجم الخسائر والأضرار التي لحقت بالعاصمة كبير ويتطلب شهورا لإعادة ترميمها في ظل ظرف اقتصادي صعب تعيشه البلاد مع انهيار العملة الوطنية. كما ان حجم التدمير الذي لحق بمرفإ بيروت كبير جدا. ويؤكد مختصون بان حجم الأضرار يحتمّ شهورا لإعادة العمل به. كما ان خروج مرفإ بيروت عن العمل ستكون له تداعيات صعبة على الوضع المعيشي في البلد. فاللبنانيون الذين عاشوا خلال الأسابيع الأخيرة على وقع انقطاع متواصل للتيار الكهربائي إضافة الى وضع حياتي صعب بسبب غلاء الأسعار والمعيشة، جاء هذا الانفجار ليزيد لياليهم قتامة وشدة، وذلك مع سقوط عدد كبير من الضحايا لم تستطع مستشفيات العاصمة استيعاب بعضهم مما دفع الأجهزة المختصة الى اعلان حالة الطوارئ .
ويرى مراقبون بأن توقيت الانفجار جاء ليثير استفهامات عديدة خاصة انه يأتي قبيل أيام من موعد اصدار المحكمة الخاصة بالشهيد رفيق الحريري حكمها وذلك بعد مرور 15 عاما على مقتل الزعيم اللبناني في تفجير شاحنة ملغومة ببيروت وشكل آنذاك بداية لاضطراب الأوضاع في لبنان والمنطقة وبداية انقسام كبير لا زال متواصلا الى الآن . ومن المتوقع ان تصدر المحكمة التي أسستها الأمم المتحدة حكمها على أربعة متهمين في تطور قد يهز البلاد من جديد. وقال سعد الحريري الأسبوع الماضي «نتطلع للسابع من أوت ليكون يوماً للحقيقة والعدالة من أجل لبنان، ويوماً للاقتصاص من المجرمين». ويقول حسان دياب الذي خلفه في المنصب إنه على البلاد أن تتجنب المزيد من الاضطرابات بسبب قرارات المحكمة.
فلبنان المنكوب اقتصاديا وصحيا مع الارتفاع المهول بعدد الإصابات بكورونا ، تأتي هذه الكارثة لتفاقم أزمته أضعافا وتحتّم على اللبنانيون اليوم ان يواجهوا الكارثة بالوحدة وان يضعوا خلافاتهم وانقساماتهم السياسية جانبا من أجل لملمة جراحهم ونفض رماد عاصمتهم المنكوبة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115