ليبيا: دور دول الإقليم في الصراع الليبي ... بين الترحيب والإنتقاد

منذ اندلاع الأزمة السياسية في ليبيا 2014 بسبب انقلاب جماعة الإخوان وعموم ما يعرف بتيار الإسلام السياسي على نتائج الانتخابات التشريعية

على خلفيّة خسارتهم للانتخابات وفرض الإسلام السياسي أمرا واقعا جديدا بقوة سلاح فجر ليبيا وإنشاء حكومة في طرابلس ، منذ ذلك الحين لم تبق دول الجوار العربية مصر تونس والجزائر مكتوفة الأيدي فجاءت عدة مبادرات من هنا وهناك بهدف حل الأزمة الراهنة.

كما احتضنت تلك الدول سيما تونس والجزائر عدة حوارات بين الأطراف الليبية المتصارعة كما عبرت دول الخليج السعودية الكويت الإمارات عن دعمها لأي مبادرة تهدف إلى إنهاء الأزمة سلميا ، لكن تعنت الفرقاء حكم على جميع المبادرات بالفشل. أخطر من ذلك شهدت ليبيا عدة حروب ما بين قوات حفتر وقوات الوفاق المعترف بها دوليا، مما سمح للقوى الخارجي كتركيا بالتدخل عسكريا في ليبيا تحت غطاء اتفاقية عسكرية موقعة مع حكومة السراج مع انسداد أفق العملية السياسية، وجرى أقلمة الأزمة ولم تعد مفاتيح حلها بأيدي اللبيين وقد بلغ التوتر أشده بين مصر وتركيا وفرنسا واليونان وأصبح ينذر باندلاع حرب إقليمية على الساحة الليبية ولم تتوقف تركيا عن إرسال المرتزقة والسلاح والخبراء العسكريين لليبيا .
وردت مصر بانتا لن تسمح بتجاوز الوفاق المدعومة من تركيا خطوط حمراء رسمتها القاهرة من جانبه شرعن مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق أي تدخل عسكري مصري مواجهة ما سماه بالاحتلال التركي.

موقف مصري أردني
في ذات السياق وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأردني أيمن الصفدي أكد سامح شكري وزير خارجية مصر على أن الأوضاع في ليبيا وتطوراتها والتدخلات الخارجية والسعي من قبل المليشيات المتطرفة وجلب المقاتلين الأجانب المتطرفين إلى ليبيا يشكل تهديدا جسيما للأمن القومي المصري والأمن القومي العربي ،شكري جدد غرض بلاده على الدفع نحو الحل السلمي للازمة بما يحافظ على وحدة ليبيا .

وتشهد ليبيا التي تملك أكبر إحتياطي نفط في إفريقيا نزاعا مسلحا بين سلطتين حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة ومقرها طرابلس، ولكنها فشلت في انتزاع شرعية وطنية والمشير خليفة حفتر الذي يسيطر على كامل إقليم برقة وجزء من الجنوب ويحظى يدعم مجلس النواب وجميع قبائل برقة وقبائل أخرى من إقليم الجنوب وبدعم خارجي من مصر والإمارات وفرنسا في حين تقف تركيا بقوة مع حكومة الوفاق .

لذلك تعمل القوى المؤثرة على إحياء المسار السياسي وجمع الأطراف المتصارعة حول طاولة المفاوضات ،ووقف إطلاق النار لكنها تصطدم بخلاف بين تلك الأطراف المحلية تتعلق أساسا حول عائدات تعديل النفط واقتسام السلطة وخلافات بين الأطراف الخارجية الطامعة في ثروات ليبيا ومهمة حلحلة الأزمة الراهنة ليست بالسهلة فخلافات الدول الكبرى انتقلت إلى أروقة وجلسات مجلس الأمن الدولي والدليل فشل مجلس الأمن الدولي في إصدار قرار يدين حفتر المتهم من حكومة الوفاق بعرقلة الحل السلمي وسعيه السيطرة على السلطة.

إكراهات ما قبل إقرار وقف إطلاق النار
تتواصل التصريحات النارية وتبادل الاتهامات ما بين تركيا وفرنسا ومصر بالتزامن مع مضاعفة كل من هذه الأطراف دعم حليفها داخل ليبيا ، تركيا ترى أنها بدعمها للحكومة من خلال الاعتراف الدولي بها تسعى إلى إرساء الاستقرار والأمن، بينما ترى القاهرة وباريس أن تدخل تركيا زاد من تعقيد الأزمة.
في ذات الإطار تأكد تسلل الدب الروسي إلى المشهد الليبي في سعي روسي للحصول على نفوذ يخدم مصالحها في ليبيا، نفوذ اقلق الولايات المتحدة ودفعها إلى تفويض تركيا بمسك الملف الليبي والتفاوض مع الروس لإيجاد تفاهمات محددة تمنع استنساخ السيناريو السوري .
في غضون ذلك حافظ المشهد العسكري الميداني على درجة عالية من التوتر والترقب لما سوف تحمله الساعات والأيام القادمة من تطورات ميدانية ، مع أن الأغلبية الساحقة من المراقبين يؤكدون بأن اندلاع حرب جديدة بين قوات السراج وقوات حفتر سيناريو مستبعد جدا ،وأن القوى الدولية بصدد التجهيز لإقرار وقف لإطلاق النار والتهدئة وإطلاق المسار السياسي مجددا .

تحرك القوى العظمى يشمل ممارسة ضغوطات على السراج وحفتر وقيام كل واحد منهما بتنازلات هي إكراهات بالنسبة لهما، فحفتر الذي كان أشرف على إطلاق عملية عسكرية واسعة بدفعه لحوالي 40 ألف عسكري وآلاف الآليات العسكرية والطائرات المقاتلة إلى غرب ليبيا وإلى أطراف طرابلس وجد نفسه مجبرا على سحب قواته. والسراج الذي اضطر إلى توقيع مذكرة تفاهم عسكري مع تركيا وتلبية مهمتها الاقتصادية بتوقيع مذكرة اقتصادية وأعلن عزمه تحرير على كامل ليبيا من قوات حفتر، وجد نفسه أو سوف يجد نفسه مجبرا على التراجع وقبول وقف الحرب ...

شروط مفروضة
ضغوطات و اكراهات سوف تكون بمقابل سواء في تشكيل الحكومة المقبلة أو من خلال المناصب السياسية للدولة عبر الترضيات وضمان المصالح يعني الدول المؤثرة كذلك بدرجة متفاوتة فبلا شك نصيب الأسد سيكون لتركيا، أما إعادة الإعمار فسيكون لمصر . وهكذا تضمن الأطراف المحلية والخارجية مصالحها لكن يبقى السؤال المطروح هو هل حانت لحظة إعلان توافق بين تلك الدول ؟ واضح أن هكذا توافق مازال بعيدا والدليل تبادل الاتهامات بين تلك الأطراف الدولية .

الجدير بالإشارة أن الإتحاد الأوروبي بدء البحث عن تهدئة مع تركيا ، كذلك تركيا سبق أن عبرت عن رغبة في الحوار مع مصر الكل أكد أنّ لا حلّ عسكري للازمة في ليبيا وأنّ الحل سياسي، لكن لا احد أعلن صراحة أنّ جشع بعض القوى الخارجية هو سبب تعطيل أي اهتمام لما لحق الشعب الليبي من أذى وعشرات الآلاف بين قتلى وجرحى ودمار لحق تقريبا أغلب المدن الليبية والشرخ الاجتماعي . شرخ وتوتر مابين كل مدينة ومدينة اجتهد المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية في تجاوزه ،ونجح بنسبة كبيرة في ذلك وإبعاد شبح اندلاع حرب أهلية قد تنتهي بتقسيم البلاد .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115