القمة الإفريقية المصغرة حول سد النهضة الأثيوبي ... هل تحمل بوادر انفراج للأزمة ؟

تتسارع التطورات والأحداث بخصوص أزمة سد النهضة الاثيوبي، وتتطلع القاهرة إلى الاجتماع المزمع عقده الثلاثاء القادم بدعوة من الاتحاد الإفريقي

الذي يبدو انه دخل على خط الأزمة من خلال هذه القمة «المصغرة» والتي تضم الدول المعنية بالصراع أي مصر وإثيوبيا والسودان.

وتأمل تلك الدول في التوصل إلى اتفاق حول ملء و تشغيل» سد النهضة، بعد ان تعثرت المحادثات التي عقدت طوال الأسبوعين الماضيين برعاية الاتحاد الافريقي وبمشاركة مراقبين أفارقة وأوربيين وأمريكيين دون التوصل الى اتفاق . ويبدو ان موقف القاهرة واضح في هذا الشأن وهو ما أعلن عنه صراحة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من خلال رفض الإجراءات الأحادية بشأن سد النهضة الأثيوبي .

وتعود بدايات هذه الأزمة إلى عام 2011 حينما أعلنت إثيوبيا عن عزمها إنشاء سد بوردر على النيل الأزرق، وتمّ إسناده إلى شركة ساليني الايطالية. وأطلق عليه مشروع «إكس» وسرعان ما تغير اسم المشروع إلى سد الألفية الكبير وقد وضع حجر أساسه في الثاني من افريل 2011، ثم تغير الإسم للمرة الثالثة ليصبح سد النهضة الأثيوبي الكبير .
يشار إلى أن الدول الواقعة على نهر النيل كانت قد وقعت اتفاقيات عديدة في مختلف المراحل التاريخية بشأن تقسيم مياهه أولها عام 1902 في أديس أبابا وأبرمت الاتفاقية بين بريطانيا بصفتها ممثلة لمصر والسودان وإثيوبيا، ونصَّت على عدم إقامة أي مشروعات -سواءٌ على النيل الأزرق، أو بحيرة تانا ونهر السوباط، ثم عقدت اتفاقية أخرى بين بريطانيا وفرنسا،

عام 1906، وظهرت عام 1929 اتفاقية أخرى، وهذه الاتفاقية تتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل، وإن لمصر الحق في الاعتراض في حالة إنشاء هذه الدول مشروعات جديدة على النهر وروافده. ولذلك فان مصر ترى ان لها حقا تاريخيا بمصب النهر وهي تعارض إقامة هذا السد الذي يؤكد المختصون بأنه سيقلل من كمية المياه التي تحصل عليها من النيل، بكل ما يحمله ذلك من مخاطر على أمنها القومي والغذائي والمائي . لذلك هناك خشية لدى السودان ومصر من أن يؤدي السد الذي تكلف أربعة مليارات دولار إلى نقص المياه. وتحصل مصر على نحو 90 % من احتياجاتها المائية من النيل الأزرق الذي يعتبر الرافد الأساسي لنهر النيل.
لذلك فان أزمة سد النهضة مسألة وجود ومصير بالنسبة للمصريين الذي طالما اعتبروا أن مصر هبة النيل وارتبطت حضارة الفراعنة بهذا النهر الحيوي والتاريخي .

كما أنّ دخول إسرائيل على خط الأحداث واللعب على فتيل هذه الأزمة من وراء الستار من خلال تشجيع مشروع السد وتوطيد أوثق العلاقات مع اثيوبيا بشكل يمثّل تهديدا للأمن القومي المصري... كل ذلك يحيلنا إلى ملف الصراع على المياه في المنطقة . ويرى عديد المتابعين بأنّ تلّ أبيب توظف أزمة سد النهضة لتعزيز نفوذها في أفريقيا .
ولئن كانت الحروب التي جرت طوال العقود الماضية تركز على الأمن والطاقة فان حروب المستقبل حسب عديد المتابعين ستكون كذلك على المياه ومنابعها ومصادرها ومسالك توزيعها . وتتصاعد المخاوف اليوم بشأن اندلاع حرب جديدة في القارة على خلفية سد النهضة في حال أخفقت جهود الاتحاد الإفريقي في تطويق هذه الأزمة التي تهدد القارة وسلمها وأمنها .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115