لا الخسارة لأنه أفضل طريق تكافح به الثورة .وعليه ، فإن ما أعاق حركات الإصلاح شيء كاختلاف المصلحين في تحديد الأهداف القريبة والبعيدة ، وتحديد العقبات الصغرى والكبرى.
لهذا السبب أو ذاك ، أصبح من الظاهر لكل مواطن في فلسطين بان الإصلاح ليس عملا سياسيا فحسب بل أنه عمل حضاري شامل يتناول المفاهيم والأفكار والقيم، هذا بالإضافة إلى أن الإصلاح عملية مستمرة باستمرار. ذلك أن معالجة معوقات النهوض وبالذات في الإطار الاجتماعي لا يمكن أن يحددها سقف زمني محدد وذلك بكونها تمس القيم والأفكار وطرق التفاعل الاجتماعي، ومن ناحية أخرى انه لن يأتي الوقت الذي يتم فيه معالجة كل شيء. لكن المهم في كل مرحلة التشخيص العلمي للواقع وتبيان المشاكل والإشكالات التي تعتبر في بعض الأحيان عن حالة الأزمة والتي تتطلب فعلا إصلاحيا جذريا وسريعا وخصوصا عندما تكون المشكلة القائمة تهدد وحدة وسلامة المجتمع ويمكن أن تجره الى الفوضى والاحتراب مما
يسهل على الخارج قدرته على الهيمنة والتحكم بمصائر المجتمع. من جانب آخر، فلا بد من فهم أن الإصلاح عملية صعبة ومعقدة وتحتاج إلى نفس طويل.. ذلك أن الإصلاح ليس عملية إرادية تحدث بمجرد الرغبة في تحقيقها بل هي عملية شاقة وطويلة وان الإصلاح الديمقراطي الحقيقي شيء مطلوب ومرغوب، وقد أصبح الشعب الفلسطيني الآن وفي هذا العصر بالذات عصر التقدم العلمي والتطور التكنولوجي، عصر المعلوماتية والاتصالات، أكثر إطلاعا وأوسع آفاقا، وعلى علم بكل ما يجري في العالم من أحداث، وبالتالي أكثر معرفة بواجباته وأصبح أكثر مطالبة بحقوقه، لذلك فانه لا يقبل بأقل من أن يأخذ حقوقه كاملة غير منقوصة في ممارسة السلطة وان تكون بيده مقدرات القوة.
فالديمقراطية بالنسبة للشعب الفلسطيني الآن لم تعد فقط أسلوب الحكم، بل ممارسة سلوكية وطريقة الحياة، وللإصلاح السياسي مقومات أهمها البعد التشريعي، فلا ديمقراطية بدون قوانين عصرية حديثة تراعي متطلبات التحديث والعصرنة ورغم أن العبرة ليست بالقوانين بل بدرجة تطبيقها والالتزام بها، لكن غياب القوانين الديمقراطية أسوء بكثير من وجودها مع عدم الالتزام بها. فالمطالبة باتخاذ التشريعات أكثر صعوبة من المطالبة بتفعيلها. كما أن لكل مجتمع خصوصيته وتركيبته وظروفه الاجتماعية ولكن ما لا محيد عنه هو أن يعكس سيادة الشعب وهيمنته على مصيره بصرف النظر عن الطريقة التي يؤمن بها.
فإجراءات الإصلاح التي يؤمن بها الشعب الفلسطيني تكمن بالمشاركة الفعالة للمواطن، والانتخابات بإقرار القوانين التي تحميها، وتطبيق سيادة القانون، ومحاربة الفساد، وإقرار مبدأ اللامركزية بهدف توزيع عادل للسلطة ولمكاسب التنمية على مستوى الإقليم.
وعلى ضوء ما ذكر أعلاه، فان الديمقراطية مفتاح الترتيبات لمفهوم الإصلاح بمعنى أن حرية التعبير هي إحدى أدوات الديمقراطية فإذا انعدمت حرية للتعبير فكيف للحكومة الفلسطينية أن تتعرف على الخلل لتقوم بإصلاحه وكذلك الرقابة، فالرقابة على أداء الحكومة من أدوات الديمقراطية وإذا انعدمت الرقابة فكيف للحكومة أن تقوم بعملية التقييم والتقويم وتحاسب المقصرين، فالديمقراطية أفضل آلية لتحرير المجالات والقدرات لتساعد المجتمع والدولة على التغيير للأفضل، فالديمقراطية غاية وليست وسيلة كما في عبارات الإصلاح لترقية العمل السياسي في النظام الحاكم الذي يعد بمثابة القلب إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله. لذا الديمقراطية تمثل ارادة كل فرد وفق مبادئ وقيم والحكم العادل المبني على الاستحقاق والجدارة.