فرنسا والملف الليبي: ماكرون يكرر فكرة «موت» الحلف الأطلسي على خلفية معارضته للمد التركي

في إطار الزيارة التي قام بها الرئيس قيس سعيد إلى باريس، صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن «اللعبة الخطيرة»

التي تقوم بها تركيا في ليبيا تؤكد على «الموت السريري» لمنظمة الحلف الأطلسي مكررا بذلك تصريحا كان قد قام به أواخر سنة 2019. وجاء هذا الكلام في إطار المباحثات بين الرئيسين في الشأن الليبي حيث اعتبر الرئيس قيس سعيد أن حل الأزمة لا يكون إلا عبر قرار ليبي - ليبي وشجب التدخلات الأجنبية وأشار لأول مرة، على ضرورة منح «شرعية» جديدة لحكومة الوفاق الوطني، المدعومة من قبل منظمة الأمم المتحدة، من قبل الشعب الليبي وهو تغيير نسبي للموقف الرسمي التونسي.

وتتهم باريس نظام الرئيس أردوغان بخرق القرار الأممي المتعلق بحظر الأسلحة على الفصائل الليبية المتنازعة وبقيامها بنقل إرهابيين إلى ليبيا ثبت، حسب عديد المصادر في باريس وقد رصدت المخابرات الأوروبية وجمعيات حقوقية مجموعات من المقاتلين المرتزقة بعضهم تابع لتنظيم داعش الإرهابي تم نقلهم عبر طائرات تركية من سوريا إلى مطار مصراتة الليبي. وقال الرئيس الفرنسي « أنا أعتبر اليوم أن تركيا تلعب في ليبيا لعبة خطرة وتنتهك كل التزاماتها التي أخذتها في مؤتمر برلين». وردت تركيا مباشرة على تصريحات الرئيس الفرنسي معتبرة على لسان وزير خارجيتها هامي أكسوي أنه «بسبب الدعم الذي تقدمه منذ سنوات إلى الفاعلين غير الشرعيين، فرنسا لها مسؤولية كبيرة في تدهور ليبيا. من هذا المنظار فان فرنسا هي التي تلعب لعبة خطرة».

الموقف الفرنسي تجاه حل الأزمة في ليبيا عبر عنه ماكرون في المؤتمر الصحفي مع الرئيس التونسي قائلا: «فرنسا وتونس تطالبان أن يعلن المتنازعون عن وقف إطلاق النار وأن يلتزموا باستئناف المفاوضات في إطار أممي من أجل إعادة الأمن للجميع وتوحيد المؤسسات الليبية والدخول في إعادة اعمار ليبيا لفائدة كل الليبيين». وهو الموقف الذي عبر عنه سابقا ماكرون منذ أن نجح في تنظيم لقاء في باريس بين المشير حفتر والرئيس السراج.

تحذيرات فرنسية ولجنة تحقيق أطلسية
ويظهر حديث الرئيس إيمانويل ماكرون على «موت» منظمة الحلف الأطلسي عمق الخلافات الداخلية في المنظمة على خلفية امتداد النفوذ التركي إلى ليبيا وقيام أنقرة بإرسال معدات عسكرية وذخيرة وتدخل بالطائرات و بالدرون و تجنيد مقاتلين لمناصرة حكومة فايز السراج.وحذر الرئيس الفرنسي من خطورة أن «يظهر أعضاء الحلف الأطلسي والأوروبيون، الذين لهم علاقة بهذا الموضوع، ضعفا في الخطاب والأعمال و يفسحوا المجال أمام لعبة القوة وغياب التعاون». وأضاف في الغرض « لا أريد أن أشاهد بعد ستة أشهر أو عام أو عامين الوضع في ليبيا يتحول إلى ما هو عليه في سوريا اليوم» مشيرا بذلك إلى عزم باريس الوقوف في الأشهر والسنوات القادمة أمام التغول التركي في منطقة المغرب العربي.

ونجحت فرنسا، مدعومة من ثمانية بلدان أوروبية،في إرغام منظمة الحلف الأطلسي على فتح تحقيق يوم 18 جوان في «عدوانية» تركيا تجاه الحليف الفرنسي. وكانت قوات الحلف الأطلسي المرابطة في البحر الأبيض المتوسط قد رصدت يوم 10 جوان تحركات مشبوهة لباخرة غير تركية انطلقت من ميناء اسطنبول تجاه ليبيا تعرضت إليها باخرة فرنسية من الأسطول الأطلسي لمراقبتها في المياه الدولية وقد عمدت باخرتان تركيتان مرافقتان لها الى تهديد الباخرة الفرنسية بإطلاق النار مستعملة رادارها الحربي وهو ما اعتبرته باريس «تهديدا عسكريا». ولم تتمكن الباخرة الأطلسية من مراقبة الباخرة المشبوهة التي تعتقد باريس أنها تحمل عتادا حربيا في عملية خارجة عن القانون الدولي.
استخدام باريس للورقة الأطلسية رغم اعتبارها أن المنظمة في «حالة موت سريرية» يدل على أن المعركة الدبلوماسية بداية معركة أخرى يمكن أن تفضي إلى تفاقم خطير في الوضع في المنطقة. أنقرة – التي ترضخ إلى عقيدة «الأمة الزرقاء» المنتشرة في البحر الأبيض المتوسط «مهد أجدادنا الذين صنعوا التاريخ» حسب عبارة رجب طيب أردوغان تريد إعادة بناء النفوذ التركي في المنطقة العثمانية. خلاف قديم – جديد يحل مع قرار فرنسا دعم قواتها العسكرية البرية بصورة غير مسبوقة في تاريخها المعاصر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115