برية مباشرة مع سوريا مثل لبنان والأردن وقد أصبحت العلاقات بين دمشق ودول الجوار أمام أزمة جديدة بسبب قانون قيصر. ويتضمن القانون سلسلة عقوبات اقتصادية ضد نظام بشار الأسد في سوريا وضدّ حلفائه وضدّ الشركات والأفراد المرتبطين به، ويستهدف معاقبة الأسد وحرمانه من مصادر التمويل، ليعود إلى مفاوضات تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب الدائرة في سوريا.
ويرجح عديد المراقبين أن تمتد انعكاسات هذه العقوبات على لبنان وعلى الأردن التي تربطه بسوريا علاقات اقتصادية وتجارية كبيرة، وقد وجهت واشنطن تحذيرات إلى كل من البلدين بشأن إيقاف التعامل التجاري مع سوريا .
آخر الأسلحة
ومن المعلوم أن المملكة الأردنية انتهجت منذ بدء الأزمة السورية سياسة الحياد مشددة على ضمان أمن واستقرار الدولة السورية. ويرى عديد المحللين ان الأردن على غرار لبنان تحمّل تبعات هذه الحرب عبر استقبال موجات كبيرة من النازحين السوريين وان هذه العقوبات قد تمسّ بصورة مباشرة من المساعدات الإنسانية التي تستهدف هؤلاء النازحين. وهناك من
يرى أن هذا القانون شكل جديد من أشكال الضغوطات على الأردن ولبنان لتحقيق أهداف أخرى، خاصة في ما يتعلق بموضوع معارضة الأردن للمخططات الإسرائيلية بضم غور الأردن وكذلك مواقف لبنان وخاصة حزب الله وحلفائه الذين يرفعون لواء المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني .
ويرى المحلل السياسي السوري خيام الزعبي في حديثه لـ«المغرب» ان قانون قيصر آخر الأسلحة التي لجأت اليها واشنطن بعد فشل التدخل العسكري خاصة بعد ان تمكن الجيش السوري من فرض سيطرته على مساحات واسعة من الأرض السورية».
ويضيف بالقول :«وبالتوازي مع ذلك، إن تداعيات الحرب المفروضة على سوريا لم تنته، فبعد الفشل الأمريكي في سوريا، فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على سوريا «قانون قيصر» الذي طال كل النواحي والقطاعات الحيوية وحتى الشركات أو الدول التي تتعامل مع الحكومة السورية، وذلك لإلحاق أكبر قدر من الضرر الاقتصادي بداعميها، وخاصة في لبنان وإيران وروسيا، وكافة الشركات التي تمولها وتشارك في عملية إعادة الأعمار وإنتاج الغاز والنفط المحلي».
رسائل عديدة
ويضيف محدثنا :«لا يختلف اثنان في أن العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية ضد سوريا في هذا الوقت الهدف منها نقل إشارات تحمل في طياتها العديد من الرسائل أهمها الضغط على سوريا وحلفاؤها بهدف تحقيق المشروع الأمريكي في المنطقة، بالإضافة إلى إضعاف سوريا وزيادة العزلة المالية والاقتصادية والسياسية التي تعاني منها البلاد ومعاقبة حلفائها بغية إجبارها على القبول بالحل السياسي للأزمة السورية على أساس قرار مجلس الأمن 2254.» ويؤكد محدثنا ان خيار سوريا للتعامل مع هذه العقوبات عديدة منها إعتماد سياسة الإكتفاء الذاتي وخاصة ان لديها تجربة كبيرة في السابق وبطبيعة الحال لن تقف دمشق مكتوفة الأيدي أمام العقوبات الأمريكية، وستتوجه لاتِّباع مجموعة من الاستراتيجيات والخيارات من أجل إبطال فاعلية العقوبات الخطيرة، خاصَّة تلك التي تتعلق بالتجارة والتبادلات المالية مع العالَم الخارجي».
وقال الزعبي إن هذه العقوبات لن تؤثر كثيرا على سوريا، لأنها واقعة ومنذ سنوات تحت مجموعة من العقوبات الأمريكية وقد نجحت في امتصاص آثارها رغم الحرب المستمرة منذ تسع سنوات، كما تستطيع روسيا والصين وإيران أن تلعبا دوراً كبيراً، لأنهما منذ البداية وقفا إلى جانب سوريا، وبالتالي فإن تأثير أية عقوبات محتملة سيكون ضئيلا.»
وفي المقابل فان تأثيراتها ستكون أكثر وطأة على دول الجوار التي تعاني أوضاعا اقتصادية ومعيشية هشّة على غرار لبنان الذي وصل فيه سعر صرف عملته الى أدنى مستوياته منذ الحرب اللبنانية بسبب سياسة التضييق على دخول الدولار الى الأسواق اللبنانية او تهريبه عبر شبكات تهريب الأموال». فما لذي سيغيره قانون قيصر في المنطقة وأي شكل من العلاقات الاقليمية سيتمخض عنه؟