«أدوات» أردوغان للحرب في ليبيا

ينظر الجميع بترقّب شديد وحذر إلى مآل التطوّرات التي باتت تُهدّد وحدة ليبيا ودول الجوار والمنطقة ككل، فما من شك أن الرئيس التركي

رجب طيب أردوغان مستمر بطموحاته السياسية والنفطية، إذ أعلن صراحة عن أنشطة بلاده المستقبلية في ليبيا، ضاربا عرض الحائط بكل المبادرات الإقليمية والدولية لوقف الحرب هناك، وتترجم تلك التصريحات بمساعي أردوغان لإفشال الجهود المصرية الهادفة إلى إحلال السلام في ليبيا، وإجهاض مبادرات وقف إطلاق النار وإخراج المرتزقة وتفكيك الميليشيات.

ولا يخفى على أحد أن الحرب وقفت في سوريا وتراجعت الحاجة إلى المقاتلين هناك والى القوى الإقليمية التي كانت ترسل الأموال والأسلحة إلى سوريا وتمول المقاتلين والتي تعاني اليوم أوضاعاً اقتصادية صعبة ولم تعد مهتمة كثيراً بما يجري في سوريا، لذلك استغلت تركيا هذه الظروف ونشطت عبر الفصائل العسكرية السورية الموالية لها لتجنيد آلاف المقاتلين السوريين للقتال في ليبيا دعما لحكومة السراج عبر تقديم اغراءات مالية كبيرة لهم.
كما انضم إلى هؤلاء شبان سوريون يعيشون في تركيا وبسبب الأوضاع المزرية التي يعيشونها هناك. وتراجع الدعم التركي المالي لهؤلاء المسلحين، باتت خياراتهم محدودة للغاية، فكانت ليبيا وجهتهم من أجل الكسب المادي لذلك وقعوا على عقود للقتال لمدة ستة أشهر إلى جانب قواتها وأن تركيا تتكفل بنفقات علاج الجرحى وإعادة جثامين القتلى منهم إلى سوريا ومنحهم الجنسية التركية في نهاية المدة.

في هذا السياق فإن التقدم الذي حققته قوات الوفاق على الأرض في ليبيا ما كان ليتحقق لولا التدخل التركي المدعوم بالمرتزقة السوريين للسيطرة على آبار النفط، ومن جهة أخرى، فإن سيطرة تركيا على النفط في ليبيا تحقق لأردوغان مآرب جيوسياسية كثيرة، وممارسة الضغوط على دول أوروبا،حيث يستطيع أن يوقف خطط دول حوض البحر المتوسط لتصدير الغاز إلى أوروبا، ويرسم حدوده البحرية وفقا لطموحاته وأهدافه..في نفس السياق وقد أصبحت تركيا وروسيا عاملين مهمين في ليبيا وإن أي تسوية للازمة الليبية لن تتحقق بغيابهما عن طاولة المساومات والمفاوضات من أجل ضمان مصالحهما وإستراتيجتيهما في ليبيا.
لكن في حقيقة الأمر، ان أبناء ليبيا سوف يقفون خلف كرامة وطنهم حتى يتحقق المرجو لليبيا، وهو محو كل إرهاب غاشم يستهدف ليبيا وعرقلةً مخطط أردوغان وحلفاءه الذي دمر وأزهق وأباح كل أركان الدولة الليبية. وبالتالي ستكون ليبيا الشرارة الأولى التي ستحرق عروش عملاء أمريكا وإسرائيل وسترمي بهم إلى مزبلة التاريخ، فإذا استطاعت تركيا وحلفاؤها أن تتحكم في مجريات الأوضاع وتحولها إلى صالحها فإنها لن تستطيع أن تهزم المقاومة لأنها لا تؤمن بعقيدة سوى الوطن.
أن سوريا وليبيا، مدعوتان اليوم للوقوف صفاً واحداً أمام الإرهاب الذي يهددهما في أكثر من مكان، ومن هذه النقطة يجب على الدول العربية العمل المشترك لدحر قوى الإرهاب وهزيمة هذا التيار المتطرف ورد هجمته عن منطقتنا ومجتمعاتنا وأهلنا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115