للحديث بقية: 53 عاما على نكسة حزيران... مالذي تغير ؟

مرّت أمس الذكرى الـ53 لنكسة حزيران او ما يسمى بـ«حرب الأيام الستة» والتي وقعت عام 1967، ونشبت بين «إسرائيل»

وكل من مصر وسوريا والأردن بين 5 جوان 1967 والعاشر من الشهر نفسه، وأدت إلى احتلال «إسرائيل» لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان وتعتبر ثالث حرب ضمن الصراع العربي الإسرائيلي. جاءت هذه الهزيمة المدوية او ما اصطلح بتسميته بـ «النكسة» لتفتح مرحلة قاتمة في تاريخ هذا الصراع العربي الاسرائيلي ، فقد أحدثت صدمة قوية لا تزال اصداؤها الى اليوم ، فالجيوش العربية بكل هيبتها وترسانتها بدت عاجزة أمام جيش الاحتلال الصهيوني الذي تمكن من تدمير 80 % من العتاد الحربي في الدول العربية و كان من أهم نتائج الحرب صدور قرار مجلس الأمن رقم 242 وانعقاد قمة اللاءات الثلاثة العربيّة في الخرطوم وتهجير معظم سكان مدن قناة السويس وكذلك تهجير معظم مدنيي محافظة القنيطرة في سوريا، وتهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الضفة مع محو قرى بأكملها، وفتح باب الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية. ولا زال الفلسطينيون يعانون آثار هذه الحرب المدوية الى اليوم، فالاحتلال يسيطر على الضفة الغربية بعد أن قام بضمّ القدس والجولان ...ومنذ ذلك التاريخ ايضا بدأت مرحلة «الاستسلامات» العربية او التي

اصطلح على تسميتها بالمصالحات واتفاقيات السلام مع «اسرائيل» والتي أثارت حتى الآن جدلا واسعا في الأوساط العربية بين مؤيد ورافض.

ولم تتغير اليوم مخططات اسرائيل وسياسة الاستيطان وابتلاع أراض فلسطينية وسلب ما يمكن سرقته من الأراضي العربية، لأن جوهر هذا الكيان مبني بالأساس على مبدإ الهيمنة والاحتلال ، وبقاؤه واستمراره رهن مواصلة سياسة الاحتلال. والحديث عن اتفاقيات سلام او امكانية تعايش مع الشعب الفلسطيني في دولة واحدة او دولتين ايضا يكشف التاريخ يوما بعد يوم زيفها وذلك أمام تعنت الاحتلال وجبروته واستهدافه المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني .

فأطماع اسرائيل تزداد يوما بعد يوم والمفارقة ان التاريخ أعاد استنساخ « نسخة أخرى» من بلفور، هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وجد فيه الإسرائيليون ضالتهم . ومعه بدأ عهد جديد من الهيمنة الإسرائيلية تحت عنوان «صفقة القرن». وانطلاقا من الشهر القادم يتهيأ الاحتلال لضمّ أراض جديدة في الضفة وغور الأردن . لكن ما حدث ذات في ماي من عام 2000 على أرض لبنان وبأيدي مقاومته الشعبية ومشهد طرد قوات الاحتلال الاسرائيلية من جنوب لبنان قلب كل المعادلات وأعاد الأمل للشعوب العربية بإمكانية التحرر من الاحتلال مهما طال الزمن أو قصر . وتلك هي سُنّة التاريخ وكل قصص الاحتلال عبر التاريخ القديم او الحديث تؤكد ان المقاومة والصمود هي عناوين الانتصار . وهذا ما امتلكه اللبنانيون قبل عشرين عاما وأثبتوه في جنوبهم ... وهو ايضا ما يمتلكه الفلسطينيون ، فإرادتهم صلبة كصلابة جبال الكرمل وجبال نابلس و جبال القدس والخليل والنقب...

وفيما نستحضر اليوم ذكرى النكسة بكل ما تحمله من أوجاع وآلام ، فانه من الأهمية بمكان أن ندرك كذلك ان الهزيمة ليست قدرا وان الانتصار نتيجة حتمية لمسيرة طويلة من الصمود . والشعب الفلسطيني صامد في أرضه لا يتزحزح ولا يمكن لأية صفقة او مخططات ان تهزم ارادة «شعب الجبارين».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115