«قانون قيصر» الأمريكي ...أية تداعيات على سوريا ولبنان

دخل قانون قيصر الذي أقره مجلس الشيوخ الأمريكي في شهر ديسمبر الماضي حيز التنفيذ في مطلع هذا الشهر ليزيد من تأزيم

الوضع الاقتصادي والسياسي الذي تعيشه سوريا. فقانون قيصر جزء من الحرب التي تشنها الولايات المتحدة على النظام السوري وحلفائه من أجل إضعافه ، ويأتي في خضم العقوبات الاقتصادية التي لا تمسّ سوريا فحسب بل تمس كذلك الدول التي تتعامل معها ومن بينها لبنان.
وينصّ القانون على فرض عقوبات اقتصادية خانقة على الحكومة السورية، وملاحقة الأفراد والمجموعات والدول التي تتعامل معها. وتشمل القيود المالية وقف مساعدات إعادة الإعمار إلى حين سوق مرتكبي الأعمال الوحشية إلى العدالة. وقد ندّدت سوريا بقانون قيصر محذرة من أن تطبيقه سيفاقم من معاناة المدنيين في ظل اقتصاد منهك جراء الحرب. وقال مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية، في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية «سانا»، إن بلاده تعرب «عن إدانتها الشديدة لقيام الإدارة الأميركية بتشديد الإجراءات القسرية المفروضة على سوريا عبر ما يسمى قانون قيصر» معتبراً أنه «يستند إلى جملة من الأكاذيب والإدعاءات المفبركة».
وهنا تطرح التساؤلات حول تأثير هذا القانون على الاقتصاد السوري وكذلك على حلفائه في لبنان وإيران وغيرها من الدول المتعاملة مع سوريا ؟.
عقوبات قاسية
ويتضمن قانون قيصر عقوبات قاسية على الحكومة السورية، وذكر المسؤول الأمريكي عن الشأن السوري، جيمس جيفري، أن العقوبات ستصبح سارية المفعول في هذا الشهر، لتتمّ من خلالها ملاحقة الأفراد والمجموعات التي تتعامل مع بشار الأسد. ويسعى القانون الجديد إلى توسيع نظام العقوبات السابق، عبر استهداف المؤسسات الحكومية السورية والأفراد من مدنيين ومسؤولين، يمولون الحكومة السورية، كما يفتح الباب أمام فرض عقوبات على أصحاب الشركات الأجنبية التي تجمعها صلات بالأسد وحلفائه. ويرى عديد الخبراء في الاقتصاد ان سوريا يمكن ان تتخطى هذه العقوبات الجديدة بالنظر إلى الدعم والمساندة القوية التي تتلقاها من أصدقائها خاصة روسيا وإيران والصين وبعض الدول العربية المساندة لها .
أما بالنسبة لتأثير العقوبات على حلفاء سوريا وكل من يتعامل معها ، فيبدو واضحا انه سيكون هامشيا على إيران التي تعيش حصارا دام لسنوات ولا زال متواصلا بأشكال مختلفة ومكّنها هذا الحصار من اعتماد سياسة الاكتفاء الذاتي حتى أصبحت قطبا اقتصاديا وعسكريا وتكنولوجيا كبيرا يُعمل له ألف حساب في ميزان القوى الإقليمية والدولية . روسيا أيضا حليف استراتيجي هام لدمشق وهي من القوى العملاقة ولن يكون بمقدور واشنطن فتح جبهة المواجهة بشكل مباشر ضد موسكو من خلال فرض عقوبات على شركاتها التي تتعامل مع الحكومة السورية.
لبنان الحلقة الأضعف
يبدو ان الحلقة الأضعف والأكثر تأثرا بهذا القانون ستكون لبنان . فهذا البلد يعيش على وقع أزمة اقتصادية خانقة مع تهاوي العملة اللبنانية الى مستويات غير مسبوقة أمام الدولار ، وقد سبق ان فرضت واشنطن حصارا اقتصاديا عليه من خلال منع التحويلات بالدور في محاولة لتأجيج الوضع الاجتماعي عبر تفجير موجات من الاحتجاجات الشعبية يكون عنوانها الأساسي الوضع الهش ولكن هدفها غير المعلن هو إضعاف السند الشعبي لحزب الله داخليا .
فالولايات المتحدة ومن ورائها حليفها الإسرائيلي تحاول عبر هذه العقوبات السياسية والاقتصادية تحقيق ما عجز عنه الاحتلال الصهيوني طيلة العقود الماضية وهو تركيع حزب الله واستئصال سلاحه الذي هو الهاجس الأساسي لإسرائيل . فسوريا لطالما كانت بالنسبة إلى لبنان بوابته البرية إلى العالم العربي ..وهي رئته الاقتصادية التي يكاد لا يتنفس من غيرها ، وهناك اتفاقيات وعقود موقعة بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والصحية والمالية..ولا احد يمكن أن ينكر الأهمية الإستراتيجية لسوريا بالنسبة للبنان فهي عمقه الجغرافي والتاريخي والاقتصادي أيضا وذلك بالرغم من كل التجاذبات السياسية وصراع المحاور الدائر وانقسام الطبقة السياسية بين مؤيد ومعارض للنظام السوري . إلا ان العلاقات السورية والتبادلات التجارية تبقى أقوى من كل التجاذبات والصراعات السياسية . وحتى في زمن الضعف السوري ظلت علاقات التبادل التجاري متواصلة عبر تبادل المواد الزراعية، والطبية، والكهرباء، والتبادل التجاري، فضلا عن العلاقات المصرفية. لذلك يؤكد عديد خبراء الاقتصاد ان تطبيق قانون قيصر ستكون نتيجته كارثية على لبنان . ففيما يبحث البلد عن طوق النجاة من أزمته الاقتصادية المستفحلة ويأمل بتنفيذ خطة التعافي المالية في أسرع وقت بدعم ورعاية من صندوق النقد الدولي ، جاء القانون الجديد ليعمّق أكثر من حجم الأزمة التي يعيشها البلد. مما سيزيد من تأزيم الوضع الاقتصادي والأزمة المالية والتي أصبح فيها وجود الدولار شحيحا أكثر من أي وقت مضى.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115