الأسود جورج فلويد على يد شرطي أمريكي ، في مشهد تناقلته عدسات الكاميرات وأثار صدمة لدى الرأي العام الأمريكي وكشف اللثام عن أزمة العنصرية في بلاد العم سام.
وقد زاد تعامل ترامب وكذلك الإجراءات التي اتخذها بحق المتظاهرين من النقمة عليه وعلى طريقة ادارته للحكم في البيت الأبيض. فقد لوحّ بإتخاذ إجراءات فورية «وحشد جميع الموارد الفيدرالية المتاحة» لوقف أعمال الاحتجاجات والنهب والشغب في جميع أنحاء الولايات المتحدة على حد قوله. ولم يساهم خطاب ترامب في اطفاء نار الغضب الأمريكي بل زاد من تأزيم الوضع، وقد أكد أنه سيرسل «الآلاف من الجنود والأفراد العسكريين المدججين بالسلاح لوقف أعمال الشغب، ووصف المحتجين بأنهم «منظمو هذا الارهاب» وأنهم سيواجهون عقوبات جنائية شديدة.
ويبدو ان هذه الإحتجاجات كانت فرصة ثمينة لخصوم ترامب ومناوئيه في الحزب الديمقراطي ، فلم يدخر المرشح الديمقراطي للبيت الأبيض ومنافس ترامب جو بايدن جهدا من أجل استغلال هذه الفرصة التاريخية وتوجيه اتهامات لاذعة لأداء الرئيس الأمريكي ، فقد التقى المرشح الديمقراطي للبيت الأبيض مسؤولين سياسيين ودينيين من السود ليندد بـ«العنصرية المؤسساتية» المتفشية في الولايات المتحدة، إثر مقتل جورج فلويد لدى توقيفه. ورفع شعار استئصال ما أسماه بـ «العنصرية المؤسساتية» اذا هزم ترامب في انتخابات الثالث من نوفمبر القادم.
والمعلوم ان لبايدن -الذي كان نائبا للرئيس باراك اوباما على مدى ثماني سنوات - حظوظ كبيرة وشعبية لدى الأمريكيين السود الذين تعتبر أصواتهم أساسية لأي ديمقراطي يأمل في الفوز بالرئاسة.
ومن المتوقع ان يحاول خصوم ترامب سواء في الداخل او في الخارج استغلال هذه النقمة الشعبية لإضعاف موقع ترامب، وبالتالي محاولة التأثير على المواقف الأمريكية الخارجية المتعلقة بتأجيج النزاعات الدائرة في أكثر من منطقة في العالم.
وفي الحقيقة فان هذه الحادثة هي القطرة التي أفاضت الكأس ، فلطالما كان تعامل الادارة الأمريكية مع تفشي جائحة كورونا فاشلا في السيطرة على الأزمة الصحية ،مع تزايد حالات الوفيات بصورة جنونية الى مستويات غير مسبوقة، كل ذلك أثار سخط الرأي العام الامريكي ، بعد أن بان بالكاشف ان هذا العملاق الأمريكي بكل ما يمتلكه من عظمة وقوة اقتصادية وسياسية ومالية ...بدا هشا أمام الفيروس الخفي . ودفعت المخاوف من موجة الغضب الرئيس الأمريكي الى الاختباء في قبو محصّن بالبيت الأبيض حسب ما كشفته وسائل اعلام محلية ، فقدم بذلك صورة دعائية سيئة هي آخر ما يحتاجه الرجل في حملته الانتخابية الصعبة .
وكانت مصادر كشفت أنه تمّ نقل ترامب وزوجته ميلانيا وابنهما بارون إلى القبو المحصن في ظل الاحتجاجات خارج البيت الأبيض الأسبوع الماضي، مما أدى إلى موجة من الانتقادات وجهت له حتى من حلفائه قبل خصومه لأنه كان غائبًا ومتواريا عن الأنظار في خضم هذه الأزمة الوطنية الصعبة. والأكيد ان ترامب سيجني في الشهور القادمة وفي استحقاق نوفمبر القادم ، ثمار سياساته ومواقفه الداخلية والخارجية طوال الأعوام الماضية.