هل تتجه الأزمة الليبية نحو السيناريو السوري ؟

تؤكد كل المؤشرات وكل الأنباء القادمة من ليبيا بان هذا البلد دخل في مرحلة جديدة من الصراع وان الحرب الباردة الخفية التي كانت تدور بين محاور الصراع

وبين الدول الكبرى المؤثرة في الملف الليبي أصبحت مكشوفة للعيان .

فقد تصاعدت المخاوف من «سورنة » الملف الليبي وجعل ليبيا ساحة الحرب الجديدة والصراع الروسي الأمريكي بأدوات متعددة ، خاصة ان تقدم الجيش السوري واستعادته للأرضي السورية من الجماعات المسلحة المعارضة بدعم روسي إيراني، قلب المعادلات لا في سوريا فحسب بل في المنطقة برمتها ، وهذا ما دفع انقرة للبحث عن نصر آخر وعن « ساحة أخرى» للصراع تثبت فيها وزنها ومعادلاتها في الإقليم بعد فشل استراتيجيتها في سوريا.

مرحلة جديدة
ويمكن القول ان توقيع الاتفاقية الأمنية والعسكرية قبل أشهر بين أنقرة وحكومة الوفاق أدخلت ليبيا في مرحلة جديدة من الصراع ، فكان لدخول تركيا كلاعب جديد بكل ثقلها العسكري والأمني ، الأثر الكبير لتغيير معادلات القوى في ليبيا وأولى نتائجها كان انسحاب قوات حفتر من قاعدة الوطية الاستراتيجية الهامة بعد القصف التركي .
وقد دفع هذا التطور المفاجئ للأحداث روسيا لتدخل على الخط بشكل أكبر ، في محاولة لحفظ ماء وجه حليفها خليفة حفتر ، فموسكو -حسب عديد المتابعين- لن تسمح بهزيمة حليفها او تحول بلد عمر المختار لقاعدة خلفية للقوات التركية بضوء أخضر امريكي .وهذا ما يؤجج المخاوف من انفجار الصراع التركي -الأمريكي -الروسي على الأرض الليبية. اذ تتحدث عديد التقارير عن ان المعركة القادمة ستكون الأشرس والأخطر وتداعياتها كبيرة لا فقط على ليبيا بل على دول الجوار خاصة تونس والجزائر ومصر .

وقد أبدى وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان أسفه لـ»سَوْرَنة» النزاع في ليبيا حيث انخرطت روسيا وتركيا في الحرب الأهلية الدائرة في هذا البلد، داعياً طرفي النزاع للعودة إلى طاولة المفاوضات. وقال لودريان أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في مجلس الشيوخ الفرنسي إنّ «الأزمة تزداد سوءاً لأنّنا --وأنا لست خائفاً من استخدام الكلمة-- أمام «سورنة» لليبيا».

واكد الوزير الفرنسي أنّ «حكومة الوفاق الوطني مدعومة من تركيا تجلب إلى الأراضي الليبية مقاتلين سوريين بأعداد كبيرة وبآلاف عدّة».
وتابع «من جهة أخرى، جهة حفتر، (الأمر نفسه يحصل ولكن) بدرجة أقلّ، لأنّ عديد القوات أقلّ، هناك روسيا التي تجلب بدورها مقاتلين سوريين» لدعم معسكر حفتر.

وقد سبق ان تحدثت عديد التقارير عن وجود مرتزقة في ليبيا تابعين لمجموعة فاغنر المعروفة بقربها من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وحسب حكومة الوفاق فإنّ مئات من العناصر التابعة لهذه المجموعة الأمنية موجودون حالياً في ليبيا. كما سبق ان أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا قبل أيام أنّ روسيا أرسلت إلى ليبيا مؤخّراً مقاتلات لدعم المرتزقة الروس الذين يقاتلون إلى جانب حفتر، في اتّهام واضح لموسكو التي ردت على لسان رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الفيدرالية الروسي، فيكتور بونداريف، بالقول بأن تصريح قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) بشأن توريد روسيا مقاتلات من طراز «ميغ- 29» إلى ليبيا، أشبه بنوع من الغباء». وأضاف بونداريف أنه بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تقاتل طائرات «ميغ- 29» السوفيتية السابقة حول العالم، وليست ليبيا استثناء. في حين طلبت واشنطن مساعدة أوروبية لسحب المرتزقة من ليبيا، وضمان تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بحظر تصدير السلاح إلى البلد الأخير.

مخاوف أوروبية
وبات واضحا من تصريح الوزير الفرنسي ان باريس متخوفة من تراجع دورها في المعادلة الليبية، فبعد ان كانت أحد أهم الأطراف المؤثرة في النزاع سواء بدعمها الخفي لخليفة حفتر ، او برعاية عدة لقاءات للتسوية السياسية مثل باريس 1 و2 في مواجهة الدور الإيطالي ، دخلت تركيا على خط الأحداث لتغير المعادلات وموازين القوى لمصلحتها ومصلحة حلفائها . واكد الوزير الفرنسي ان تكرار السيناريو السوري في ليبيا أمر يهدد أمن أوروبا وأمن دول الجوار الليبي بما فيها تونس والجزائر».وجدد لودريان تأكيده على ضرورة احترام الأطراف لاتفاق برلين المبرم في جانفي والذي ينصّ على العودة إلى وقف لإطلاق النار واستئناف العملية السياسية.
وفي خضم ما يحدث من تفجير للمعارك المسلحة بشكل غير مسبوق ، أكتفت الأمم المتحدة بالإعراب عن»قلقها البالغ» إزاء تدفق الأسلحة والمرتزقة على ليبيا

فالأمم المتحدة -ورغم تعيين عديد المبعوثين الأميين الى هذا البلد -عجزت عن إيجاد المناخ الملائم للتسوية الليبية بسبب تعنت فرقاء الصراع المحليين او الخارجيين، وهذا ما أطال عمر الأزمة وفتح الباب واسعا أمام تدّخل عديد الأقطاب الطامعة في الثروات النفطية الليبية .
واليوم تتصاعد المخاوف من قرب اندلاع المواجهة الكبرى ...هذه المواجهة التي يبدو ان كل شيء سيكون مباحا فيها حتى استغلال المدنيين والعزل ، خاصة بعد التقارير الأممية التي تتحدث عن تفخيخ منازل المدنيين في جنوبي العاصمة الليبية طرابلس. فكيف سيخرج الليبيون من هذا السيناريو الأسوأ؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115