المناضلة الفلسطينية ليلى خالد في حديث خاص لـ«المغرب»: لا يمكن للفلسطينيين أن يواجهوا مخططات الضم الإسرائيلية إلا بالوحدة وبإعادة ترتيب البيت الفلسطيني

• البيانات العربية لا تكفي لمواجهة صفقة القرن الخبيثة بكل مضامينها

ليلى خالد اسم من ذهب وهو محفور في ذاكرة النضال الفلسطيني ...هي من أوائل المناضلات الفلسطينيات اللواتي دخلن بكل ثقلهن على خط المقاومة. ويرتبط اسمها بعدة عمليات نضالية خاضتها ضد الاحتلال الإسرائيلي منها عملية خطف طائرة شركة «العال الإسرائيلية» وتحويل مسارها إلى سوريا، بهدف إطلاق سراح المعتقلين في فلسطين، ولفت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية سنة 1969. وهي حاليا عضو في المجلس الوطني الفلسطيني وقيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . تحدثت في هذه الحوار الهاتفي الخاص لـ«المغرب» من مقر اقامتها في الأردن عن الوضع في المنطقة وعن مستجدات القضية الفلسطينية وما تتعرض له من مؤامرة صهيونية جديدة تحت مسمى «صفقة القرن» . وأكدت بانه لا يمكن للفلسطينيين ان يواجهوا هذه المؤامرات الا بالوحدة وبالمقاومة الشاملة التي تشمل كل النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية .

• كيف يمكن مواجهة مشروع الضم الإسرائيلي وعدم تنفيذ صفقة القرن؟
كل المؤامرات متصلة بمشروع واحد وهو المشروع الصهيوني الذي تدعمه أمريكا بكل وسائل وأدوات القوة ، الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية والأمنية . لذلك لا نتفاجأ بوجود استمرارية لذلك منذ النكبة إلى حدّ هذه اللحظة ، ولكننا الآن نواجه مرحلة خطيرة جدا في فلسطين وخارجها.
أولا لم يكن الإسرائيليون يجرؤون على ضم أراض جديدة في الوقت الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة عن قرارات كثيرة مثل حق الشعب الفلسطيني في العودة الى ارضه ، فهذا اول خرق للقرارات الدولية .
اما الخرق الثاني فهو السياسات الإسرائيلية التي اتُخذت ضد أهلنا في فلسطين من مجازر وانتهاكات . لذلك نحن لا ننسى عديد المجازر التي اقترفتها إسرائيل ضد شعبنا من أجل انهاء وجوده المعنوي والمادي. وبالتالي ما كان يمكن لهذا العدو ان يستمر في غلوه ضاربا بعرض الحائط كافة القرارات الدولية لولا تشتت العرب وانقسامهم بل بات جزء منهم -كأنظمة رجعية عربية -جزءا من المشروع . لذلك تأتي صفقة القرن في ظل واقع عربي سيء ، مكنّ إسرائيل والولايات المتحدة من ان يطرحوا حلا آخر غير حل الدولة الفلسطينية. هذا اضافة الى المعاهدات التي عقدت بين مصر وإسرائيل أي اتفاق كامب دايفيد وكان اول خرق رسمي عربي لموضوع العلاقة مع الاحتلال، بمعنى انهاء الشعار الذي اطلقه جمال عبد الناصر في مؤتمر القمة في السودان «لا اعتراف لا صلح لا تفاوض مع «اسرئيل». وجاء بعده أوسلو كاختراق فلسطيني إسرائيلي للحالة الفلسطينية التي نهضت في عام 67 بثورة مسلحة ولحقتها أيضا انتفاضتان في فلسطين . وفي الانتفاضة الأولى التاريخية وقف العالم بجانب الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، لكن للأسف لحقت أيضا اتفاقية أخرى بين إسرائيل والأردن في وادي عربة... وكل هذا يؤهل العدو لان يستمر في تنفيذ مشروعه الاستيطاني . فإسرائيل قامت على الاستيطان بالقوة لذلك عندما تطرح مثل هذه الحلول فهي تتآمر على الشعب الفلسطيني وقضيته . للأسف في ظل ظرف عربي سيء منقسم خانع الى حد التواطؤ والتآمر ، لذلك نسمع التصريحات الإسرائيلية والأمريكية بما في ذلك سفير الولايات المتحدة الامريكية في إسرائيل الذي قال ان لا دولة للفلسطينيين الا عندما يصبحون ربما كنديين فيمكن ان تكون لهم دولة ، وتصريح مثل هذا يعني الاستهزاء بالمسار النضالي للشعب الفلسطيني الذي قدم حتى الآن اكثر من 100 الف شهيد وآلاف المعتقلين في سجون الاحتلال . جميع العرب أعلنوا رفضهم لصفقة القرن ولكن هذا كلام لا يدعمه أي نوع من الخطط سواء العسكرية او السياسية او الأمنية او الاقتصادية لمواجهة مثل هذه الحالة . نحن رأينا في اكثر من مرحلة عندما أعلن الرئيس الأمريكي ترامب ان القدس عاصمة إسرائيل وعاصمة الشعب اليهودي في العالم ماذا كان رد الفعل العربي . أعلنوا رفضهم ولكنهم لم يفعلوا أي شيء للقدس عندما يخرج أهلها من اجل حماية المسجد الأقصى . إسرائيل منعت الفلسطينيين من المجيء للمسجد الأقصى للصلاة والدفاع عنه ولكنها تسمح للمستوطنين كل يوم بالقدوم الى المسجد والادعاء بان هذا المسجد بني على الهيكل. يعني نحن أمام صفقة مدروسة من كل جوانبها بالنسبة للعدو .

• ما المطلوب -اليوم- حسب رأيك في خضم كل هذه الوقائع التي ذكرتها؟
أولا أقول ان البيانات لا تكفي ، والحديث عن عدم الموافقة على هذه الصفقة الخبيثة بكل مضامينها لا يكفي .
فالمطلوب أولا من الفلسطينيين -ممثلين بمنظمة التحرير الفلسطينية- ان يعملوا على انهاء هذا الانقسام في الساحة الفلسطينية، لأنه لا يؤهل اطلاقا إلى أن ينتصر الفلسطينيون على العدو في كل مخططاته المختلفة من ضم القدس والآن الضفة الغربية . لذلك المطلوب الآن وحدة الشعب الفلسطيني من خلال انهاء الانقسام والاعلان الرسمي والواضح أولا بسحب الاعتراف بإسرائيل من قبل السلطة الفلسطينية التي وقعت اتفاق أوسلو ، وثانيا لا بد ان نعيد ترتيب الوضع الفلسطيني من خلال إعادة بناء وحدة وطنية بين كل مكونات الشعب الفلسطيني.
ثالثا علينا ان نرسم استراتيجية جديدة وطنية، وهناك على الأرض قاعدة شعبية واسعة تؤيد النضال وتشارك في النضال الفلسطيني ، بالأمس راينا عندما دخل الجنود الإسرائيليون الى قرية يعبد ، قتل جندي إسرائيلي وأغلقت القوات الإسرائيلية المدينة واعتقلت بناتها ورجالها وشبابها واطفالها ومازالت حتى هذه اللحظة تحاصر هذه القرية وقد اعتاد الشعب الفلسطيني على ذلك ولكن راية المقاومة بقيت محفورة في عقول أهلنا وشبابنا الذين يدركون جيدا ان الذي يذهب لمواجهة هذا العدو على حواجزه او عندما يقتحم القرية سيستشهد، وهو مستعد لذلك والقائمة تطول في مسألة الشهداء الذين يقدمون ارواحهم في سبيل انقاذ هذا الوطن من براثن الاحتلال . هذه المهمات عاجلة وضرورية ويجب ان يكون خلفها إرادة سياسية حقيقية من الكل الفلسطينيين لمواجهة هذه الصفقة على قاعدة المقاومة الشاملة . وهي لا تعني فقط شكلا واحدا بل تشمل كل الوسائل وعلى كل المستويات بما فيها العمل المسلح ..من دون ذلك لا يمكن للشعب الفلسطيني ان يتمكن من دحر جيش اسرائيل عن الأرض. ويجب ان تكون كل مكامن القوة لدى الشعب الفلسطيني تحت راية المقاومة... هذا يمكن ان يحدّ من قدرة العدو على تنفيذ وقائع جديدة على الأرض الفلسطينية .

• كيف يمكن على المستوى العربي مواجهة صفقة القرن ومخططات الضم الجديدة؟
رغم حالة الضعف العربي، ما زال هناك الخير في أمتنا خاصة من قبل قوى التحرر العربي في البدان المختلفة. ونحن ننادي بذلك بالاعتماد على أحرار العالم الذين يؤيدون الشعب الفلسطيني في نضاله . هناك العديد ممن يرفعون راية المقاومة ضد المحتل وإدانة افعاله من امريكا الى اليابان . ونحن جزء من محور المقاومة في المنطقة على المستوى الإقليمي ولسنا وحدنا في هذه المواجهة . وأثبت محور المقاومة انه قادر على افشال مثل هذه الصفقة ، ودون ذلك سيكون المستقبل صعبا . صحيح أن البلدان العربية الآن في حالة ضعف فهناك الاعتداء على اليمن والتآمر على سوريا وعلى ليبيا وعلى كل الأمة العربية بأدوات محلية من قبل «المعلم» الامريكي . ولكن بالرغم من كل ذلك ، ايماننا وارادتنا وثقتنا بشعبنا وأمتنا هي القادرة على الانتصار .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115