حيث لم يستطع اي من الطرفين تحقيق الحسم العسكري لصالحه. واثبتت اشهر الاقتتال الماضية ان ازمة ليبيا متشابكة وان المصالح الخارجية لدول الجوار والاقليم والقوى الكبرى هي المتحكمة في مسار الأزمة انفراجا وتأزما .
ويرى شق من المراقبين ان الملف الليبي لم يبلغ بعد تلك الأهمية التي تجعل منه أولوية السياسات الخارجية مثلا للولايات المتحدة او روسيا لانشغال كليهما بملفات اخرى غير ملف ليبيا . فالولايات المتحدة منغمسة في ملفات كوريا الشمالية وايران والعراق وافغانستان بينما نجد روسيا لديها ازمة سوريا العقوبات الدولية وضمان ايصال الغاز للأسواق الاوروبية . علما بان وباء كوفيد 19 المستجد أربك ساسة العالم سيما الامريكيين ومن بعدهم الروس بسبب ارتفاع ضحاياه . اذ تخطت اعداد الموتى المصابين من بين الامريكيين خسائر الولايات المتحدة في حرب فيتنام بالربع الى حد يوم امس 83 الف وفاة جراء الاصابة بكورونا. لكن هذا لم يمنع وزارة الخارجية الروسية من الكشف عن وجود مبادرة روسية موجهة
للخارجية الامريكية مضمونها بناء حوار بين خبراء روس وامريكيين حول ليبيا . سيرغي لافروف وزير الخارجية الذي كشف عن تلك الخطوة و المبادرة وفقا لما نشره موقع الخارجية الروسية، كانت خلال زيارة سيرغي لافروف الى واشنطن في ديسمبر الماضي، وان المبادرة الروسية كانت في اطار بحث المواضيع ذات الاهتمام المشترك . وفيما كانت روسيا تنتظر تفاعلا ورداامريكا على هكذا طلب خرج النائب الاول لمساعد الخارجية الامريكي لشؤون اوروبا وروسيا كريستوفر روبنسون الذي اتهم روسيا باستغلال –نزاعات اقليمية لحماية مصالحها السياسية والاقتصادية الضيقة وتحريك عملية السلام في ليبيا.
وتواصلت الاتهامات الامريكية لروسيا و تدخلها في ليبيا ففي الثامن من ماي الجاري عاد روبنسون كريتفوفر ليشن هجوما قويا على الكرملين باتهامه بدعم قوات الجيش الذي يقوده حفتر ، كما تحّمل واشنطن موسكو مسؤوليته تردي الوضع الإنساني.
على صلة بحجم الخلافات والمصالح المتضاربة يجمع اغلب الملاحظين على انه لا يمكن تصور حل سياسي قريب او حسم عسكري.. وسوف يزيد ذلك من حجم التدخلات الخارجية سواء لحلفاء جماعة الاخوان المسيطرة على طرابلس او حلفاء حفتر.
التطورات الميدانية
ميدانيا كشفت مصادر استخباراتية واعلامية متطابقة انجاز حصول اكثر من عملية عسكرية نوعية خلف خطوط التماس في طرابلس قامت بها مجموعات صغيرة من كتيبة طارق ابن زيان و كتائب اخرى من ترهونة . واكدت تلك المصادر بان احدى العمليات نجحت في سحب عدد من المرتزقة السوريين من ارض المعركة و اكدت المصادر بان من جرى سحبهم أدلوا باعترافات مهمة . وتشهد طرابلس و ضواحيها منذ بدء هجوم حفتر العسكري ما يشبه الحرب الاهلية لكن حصل تصعيد أخطر منذ حصول التدخل التركي تحت غطاء مذكرة التفاهم العسكري الأمني التي سمحت لجماعة الاخوان المسيطرة في طرابلس بالصمود امام قوات حفتر بل و خلق توازن عسكري بين طرفي الحرب.
وتخشى دول الجوار ومن بينها مصر وحتى الجزائر من استغلال تركيا لتلك المذكرة لإيجاد موطئ قدم في غرب ليبيا مثل الاستيلاء على قاعدة الوطية القريبة من تونس والجزائر. سيناريو سوف يفرض على حلفاء حفتر وبالذات الجارة مصر مضاعفة الدعم للجيش الليبي لحماية قاعدة الوطية العسكرية الاستراتيجية.