تطرق الكاتب والمحلل السياسي اللبناني عبد الوهاب بدرخان في هذا الحديث الهاتفي لـ«المغرب» الذي كان مباشرة من لندن الى تطورات الوضع الوبائي في أوروبا وتداعياته على الأزمات العالمية . مشيرا الى ان كورونا تسبب بتأجيل استحقاقات بريكست في بريطانيا . وأوضح ان قرارات التخفيف من الحظر وإعادة الحياة الى طبيعتها تبدو الآن أصعب في اوروبا، مشيرا الى ان اقتصاديات الدول ضربت بسبب ثلاثة شهور من الشلل . وقال ان واشنطن بدأت تمارس ضغوطا على الدول كافة وتتوعد بعقوبات على الدول التي تستمر في علاقات تجارية مع الصين لكن الدول الاوربية لا تدعم الولايات المتحدة في هذه التوجهات . مشيرا الى ان بعض الدول تستغل الوباء لتأجيج الصراعات الدولية التي كانت ناشبة قبله.
• ما هي تداعيات كورونا العالمية بعد أشهر على تفشيه؟
بعد أربعة شهور من اعلان كورونا وباء عالميا تواصلت التداعيات كما كانت في البداية، كل الدول عانت من عنصر المفاجأة ولم تتمكن إجراءاتها السريعة من تقليص الإصابات والوفيات او احتواء تفشي الفيروس . ولا زال الجميع يجهلون طبيعة الفيروس لكي يصوبوا مواجهتهم له . ثم ان كل الحكومات اكتشفت محدودية أنظمتها الصحية وعدم قدرتها على استيعاب الجائحة وامتداداتها وقد اتخذت قرارات الزام المواطنين بالمنازل وهي إجراء حتمي رغم صعوبته الا ان قرارات التخفيف من الحظر وإعادة الحياة الى طبيعتها تبدو الآن أصعب ، فكل اقتصاديات الدول ضربت بسبب ثلاثة شهور من الشلل .
الأخطر أيضا ان استعادة النشاط كأنها سيمهد الى موجة ثانية من الوباء وأصبح واجبا على الجميع -حكومات وافراد- ان يدركوا بأن الحياة العادية لن تعود الى سابق عهدها مع الاستمرار في إجراءات الوقاية والحذر . وكما ان الأفراد مدعوون الى مواصلة التباعد وتقبل اكراهاته كذلك تبدو الدول محكومة بمواصلة غلق الحدود أيا تكن الاعتبارات السياسية.
• كيف تقرؤون ما يجري من حرب كلامية بين الصين والولايات المتحدة وانعكاساتها؟
ما يجري من اشتباه بعدم شفافية الحكومة الصينية في توفير المعلومات بشأن الفيروس يعد أمرا غير مسبوق في العلاقات الدولية الخاصة بالأزمة الصحية. أكثر من ذلك اذا صح أنها دمرت أدلة تتعلق بمنشإ الفيروس فهذا سيؤخر عملية التوصل الى اللقاح المناسب . وفي الحالتين يمكن اعتبار ان الصين تتسبب بأضرار وخسائر على المستوى العالمي . من هنا فان عدم استعدادها للتعاون مع تحقيق دولي علمي ومحايد يضاعف الشكوك في موقفها ولكن يبدو انه يلائم الرئيس الأمريكي الذي لا يعطي الأولوية للوباء بل للاقتصاد. وبالتالي فهو يعتبر ان الصين أخطأت ويجب ان تدفع لتغطية أخطائها . ترامب يتطلع الى مساهمة صينية ملموسة في تخفيف خسائر الاقتصاد الأمريكي لقاء مساندتها في مواجهة الضغوط الدولية عليها . فاذا كان عليها ان تدفع ، فلتدفع للولايات المتحدة وحدها . طبعا هذا هو الجزء المرئي من الحرب الباردة الامريكية الصينية والتي يمكن ان تتحول الى حرب ساخنة في جنوب شرق آسيا. اما الجانب غير المرئي من هذه الحرب فهو ان واشنطن بدأت لتوها تمارس ضغوطا على الدول كافة وتتوعد بعقوبات على الدول التي تستمر في علاقات تجارية مع الصين لكن الدول الاوربية لا تدعم الولايات المتحدة في هذه التوجهات . وبالتالي فان العالم منقسم مع وجود آمال بزغت قبل أسابيع بان يكون هناك تعاون أقله في مواجهة الوباء . بدل ان يستغل الوباء لتأجيج الصراعات الدولية التي كانت ناشبة قبله.
• كيف تقيم الوضع اليوم في بريطانيا؟
بريطانيا تعيش تفاعلات الفيروس كغيرها من الدول لكنها تعاني من تأخر الحكومة في الاستجابة للأزمة ولم تكن توجهات رئيس الوزراء جونسون مختلفة عن توجهات الرئيس الأمريكي لكن حصول اصابته واعترافه بانه نجا من الموت، وكذلك وقائع انتشار الفيروس ووفياته أرغمت الحكومة البريطانية على تنفيذ اغلاق صارم، ولا زالت تتخوف من المرحلة الثانية من الوباء في الوقت الذي تراجع فيه بشكل يومي خططها لتحفيز الاقتصاد متى أصبح ممكنا رفع الحظر وإعادة النشاط التجاري .
وفيما كانت هذه الحكومة تعد نفسها لانطلاقة اقتصادية تواكب الخروج النهائي من الاتحاد الاوروبي فان كورونا يتسبب بتأجيل استحقاقات بريكست عاما على الأقل.