للحديث بقية: كورونا والمتغيرات العالمية

يواصل فيروس كورونا انتشاره حول العالم وما زالت أعداد الوفيات في ارتفاع في الوقت الذي بدأت فيه عديد الدول بتخفيف

إجراءات العزل الصحي، في محاولة لإعادة دورة الحياة الاقتصادية الى طبيعتها بعد توقف كلي دام قرابة 40 يوما في عديد الدول . 

وقد اطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تحذيرا من أن كوفيد-19 «يطلق العنان لطوفان من مشاعر الحقد وكراهية الأجانب». دون أن يذكر بلدا أو أفرادا محددين، داعيا إلى «بذل كل ما في وسعنا» لوضع حد لذلك. فهذا الوباء الذي قتل اكثر من 150 الف شخص في أوروبا وحدها خاصة في بريطانيا ، أماط اللثام عن عديد الجوانب السلبية في المجتمعات ومنها مشاعر معاداة الأجانب التي تفاقمت على الإنترنت وفي الشوارع، وكذلك انتشار نظريات المؤامرة . ولعل المستهدف الأول كان المهاجرون خاصة مع ارتفاع أصوات في أوروبا حمّلت هذه الفئة مسؤولية انتشار الوباء بسرعة أكبر.

يأتي ذلك فيما أحيا الأوربيون أمس الذكرى الـ 75 للحرب العالمية الثانية. هذه الحرب التي أفرزت نظاما وهيكلا عالميا جديدا و أدت إلى إنشاء الأمم المتحدة تحت شعار تعزيز التعاون الدولي ومنع الصراعات في المستقبل، ولكنها أعطت الدول المنتصرة في الحرب: الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي والصين والمملكة المتحدة وفرنسا حق النقض وكرست نفوذها في العالم مما فتح الباب امام انطلاق ما سمي بالحرب الباردة بكل ما خلفته من تداعيات على العالم .واليوم السؤال الذي يطرح نفسه هو أي نظام عالمي جديد سيولد بعد كورونا وهل ستغير هذه الجائحة الخارطة السياسية والاقتصادية العالمية . فالعالم برمته اليوم يواجه تحديا جديدا وأمام حرب عالمية وبائية. ويبدو جليا أن كورونا سيغير الكثير في النظم العالمية وفي العلاقات الدولية وفي مختلف الجوانب سواء الاقتصادية او السياسية او الاجتماعية . وكما يطرح بشدة مستقبل الوحدة الأوروبية التي تعرضت الى أكبر اختبار أمام حجم الجائحة التي قضت على الآلاف في أوروبا والعالم.

كما أن الإنسانية جمعاء اليوم تبدو أمام امتحان خطير يتعلق بمدى كفاءة نظمها الصحية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الإنسانية ... ولئن أظهر كورونا مشاعر الكراهية اكثر الا ان هناك حتمية واحدة وهي ان الخلاص من هذا الوباء لا يمكن ان يكون الا جماعيا ..وذلك في خضم المخاوف من اندلاع موجة ثانية وثالثة من كورونا مع فتح الحدود بين الدول بشكل تدريجي ...فأية بؤرة للوباء في اية منطقة في هذا العالم «المعولم» يمكن ان تعيد نقل الوباء بسهولة الى أي مكان آخر وهذا ما أثبته الانتشار السريع والخطير لهذا الفيروس منذ بداية تفشيه في يوهان الصينية قبل ان ينتشر في مختلف أصقاع العالم .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115