لبنان: واقع اقتصادي قاتم وتجدد الاحتجاجات يُربك حكومة دياب

عاد اللبنانيون مجددا إلى الشوارع احتجاجا على الوضع الإقتصادي والمعيشي المتردي خصوصا في مدينة طرابلس ، لتمتد فيما بعد إلى مدن اخرى

في مشهد مشابه للإحتجاجات الشعبية التي هزت البلاد قبل أشهر ونجحت في إسقاط حكومة سعد الحريري. وساهم انهيار الليرة اللبنانية وزيادة التضخم وارتفاع البطالة في مزيد تعقيد المشهد اللبناني وسط ركود اقتصادي امتد لسنوات وصعوبات جمة تواجه الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب .
ويجد لبنان اليوم نفسه وسط ازمة مالية حاد وتعقيدات في المشهد السياسي المتذبذب وأيضا تداعيات انتشار فيروس ''كورونا» المستجد على غرار سائر دول العالم، وهو مايضع اليلاد على صفيح ساخن خصوصا بعد اشتعال الإحتجاجت الشعبية مجددا مما دفع الجيش إلى استخدام الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية. واحتشد المتظاهرون في الساحة الرئيسية فيما رشق البعض قوات الأمن بالحجارة في الشوارع الجانبية .

يشار الى أن انخفاض الليرة اللبنانية بشكل مخيف إلى مايفوق نصف قيمتها كان سببا في تأجج هذه الإحتجاجات رغم دعوات السياسيين والمسؤولين إلى ضرورة ملازمة المنازل استجابة لشروط الحجر الصحي الشامل الذي يعيشه لبنان لمواجهة مخاطر «كوفيد 19''.وأسفرت الإحتجاجات التي طالت بالأساس بنوك وماكينات صرف آلي ومحلات تجارية عن مقتل شاب متظاهر يبلغ من العمر 20 عاما .ويأتي هذا التصعيد في الشوارع اللبنانية في وقت تفرض فيه الحكومة حظرا شاملا للتجول على غرار باقي دول العالم للحد من انتشار فيروس ''كورونا'' المستجد ، إلاّ ان مراقبين يرون ان هذه التجمعات والمظاهرات الشعبية للمطالبة بتحسين الاوضاع الإجتماعية ورفع التجميد الذي تم فرضه على ودائعهم البنكية سيحمل على غرار الخسائر المادية خسائر أخرى على علاقة بمزيد تفشي فيروس كورونا في البلاد التي سجلت الى اليوم 721 إصابة و24 حالة وفاة .

إشترك في النسخة الرقمية للمغرب

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

وألقي محتجون في مدينة»صيدا « الواقعة جنوب البلاد قنابل حارقة على مبنى تابع للمصرف المركزي وهم يرددون هتاف «ثورة» وأضرموا النار في واجهة المبنى قبل أن يهشموا واجهات بنوك.وفي بيروت، نظم العشرات وضع بعضهم كمامات طبية مسيرة في أرجاء المدينة بينما كانوا يرددون شعارات ضد النظام المصرفي ويدعون لبنانيين آخرين للانضمام إليهم. وفي وقت لاحق، رشقت الحشود قوات الأمن التي تمركزت أمام المصرف المركزي بالحجارة.وحث رئيس الوزراء حسان دياب اللبنانيين على الامتناع عن العنف وقال إن «نوايا خبيثة خلف الكواليس» تهز الأمن والاستقرار.وأضاف دياب في بيان «نحن اليوم أمام واقع جديد، واقع أن الأزمة المعيشية والاجتماعية تفاقمت بسرعة قياسية، وجزء منها بفعل فاعل، خصوصا مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء إلى مستويات قياسية».

وقال تقارير إعلامية إنّ الدولار الأمريكي بيع مقابل 4200 ليرة لبنانية امس الأول الثلاثاء في وقت تتخبط فيه الحكومة لإرساء خطة اقتصاددية قد تنقذ البلاد من أزمتها الاقتصادية مع العلم أن لبنان أعلن في وقت سابق عجزه عن تسديد ديونه الخارجية وتخلفه عن سداد ديونه الشهر الماضي مايؤكد عمق الأزمة التي يمر بها.وتحاول المجموعة الدولية عقد اجتماع دعت اليه فرنسا لدعم لبنان في مواجهة أزمتها الإقتصادية وذلك بعد رفع قيود الحجر الصحي الشامل الذي يتم العمل به في جل بلدان العالم هذا العام .

وضع اقتصادي هشّ
ومنذ الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة رئيس الوزراء المكلف حسان دياب تتزايد التحديات المفروضة امامها بعد أشهر على ماتم وصفه بـالانتفاضة الشعبية بعد أن نجح المتظاهرون في دفع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى الاستقالة. وتواجه هذه الحكومة الكثير من الصعاب والمطبات مع عودة الاحتجاجات وتجدد الغضب الشعبي في الشوارع

اللبنانية ضد الفساد والمحسوبية والنخبة السياسية الحاكمة.ورغم أنّ مراقبين اعتبروا الحكومة الجديدة متوازنة من حيث التركيبة إلا أن المعارضات أيضا كان لها نصيب كبير خاصة بعد انتقادات لبعض الأسماء المقترحة في حكومة حسان دياب الجديدة.

ولئن يرى البعض أن الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة بث نوعا من الهدوء في البلاد بعد أسابيع من التوتر، يرى البعض الآخر أن الأزمة المالية والإقتصادية وتأثيراتها على المشهد الاجتماعي والمستوى المعيشي زادت من تعقيدات الحياة السياسية الإقتصادية في لبنان.

وتواجه الحكومة اللبنانية الجديدة مظاهرات شعبية جديدة بعد توقعات دولية بعودة الهدوء وذلك اثر استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري إلاّ أنّ السلطات تفاجأت بارتفاع سقف المطالب وسط دعوات للقطع مع منظومة الفساد والمحسوبية المهيمنة على أغلب دواليب الدولة.

والى جانب الوضع الاجتماعي والاقتصادي الهش الذي يعيش على وقعه لبنان في الآونة الأخيرة مع تصاعد حدة الحركات الاحتجاجية في البلاد وأيضا حرب الدولة لمجابهة انتشار وباء ''كورونا'' في العالم ،يجد بلد الأرز نفسه محاطا بواقع إقليمي مشوب بالتوتر في أغلبه على غرار مايحصل في سوريا والعراق واليمن والصراع الإيراني الأمريكي في المنطقة وما يحمله ذلك أيضا من تداعيات مباشرة على واقعه الداخلي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115