العراقية بترتيب أولوياتها وبمكافحة جائحة كورونا . اذ لا يكاد يمر يوم دون ان تعلن فيه حكومة عبد المهدي عن سقوط ضحايا نتيجة العمليات الإرهابية . ورغم ان البلاد أعلنت هزيمة التنظيم أواخر سنة 2017 ، الا انه ما زال يحتفظ بخلايا نائمة في مناطق واسعة ، ويشنّ هجمات تستهدف المدنيين والجيش وكذلك منشآت النفط العراقية خاصة في المنطقة المعروفة باسم « مثلث الموت» والتي تضم محافظات كركوك وصلاح الدين شمال البلاد وديالي في الشرق.
ويبدو ان انشغال السلطات العراقية بمواجهة كورونا ، بكل ما يتطلبه ذلك من إمكانيات كبيرة صحية ولوجستية وأمنية ، جعل هذه الجماعات الإرهابية تجد الفرصة سانحة لإعادة تنشيط عملياتها ولتثبت وجودها في قلب المعادلة العراقية . مما يزيد من التحديات أمام هذا البلد الذي وصلت فيه الإصابات بفيروس كورونا إلى1539، فيما بلغ مجموع الوفيات 82 حالة، ومجموع حالات الشفاء 1009 حالات بحسب الأرقام الرسمية .
انخفاض التوتر بين واشنطن وطهران
واللافت ، في خضم هذه المستجدات الأمنية ، هو انخفاض التوتر الأمريكي الإيراني على أرض العراق مع توقف للهجمات الصاروخية والغارات الثأرية، مما يطرح تساؤلات حول إمكانية ان تكون هذه «الهدنة غير المعلنة» هي بداية لتسوية ما او اعداد لجولة جديدة من المواجهة . فمع تفشي جائحة كوفيد-19، شهد بلاد الرافدين تغير العديد من التحالفات ، فقد غادرت عديد القوات الأجنبية العراق من بينها 2500 مدرب عسكري من مختلف الجنسيات ضمن التحالف الدولي، فيما تجمع الجنود الباقون، وغالبيتهم من الأمريكيين، في عدد محدود من القواعد. ومن المتوقع ان تبدأ المفاوضات بين الحكومة العراقية وواشنطن في جوان القادم بشأن شكل العلاقات العسكرية والاقتصادية بين البلدين . ويبدو ان الحكومة الجديدة التي هي بصدد التشكل ستشهد مرجلة جديدة من العلاقات بين العراق وامريكا .
تحديات عديدة
وعن ابرز التحديات التي تنتظر الحكومة الجديدة يوضح الكاتب والباحث العراقي نصيف الخصاف لـ « المغرب « بالقول :» من المنتظر أن يطلب السيد مصطفى الكاظمي من مجلس النواب اليوم تحديد جلسة لمجلس النواب لمنحه الثقة، وأعتقد إنه سيمنح الثقة وستمرر استنادا للإجماع السياسي على تكليفه. وهناك جملة من التحديات الكبيرة التي تواجه رئيس الوزراء المكلف يقع في الأولوية منها أربع تحديات كبيرة هي وباء كورونا وسبل التعاطي معه وتخصيص المبالغ والامكانات المادية والبشرية لتقليل عدد الإصابات. والثاني إعادة النظر بالموازنة بما يتناسب مع انخفاض أسعار النفط العالمية إلى النصف تقريباً وضرورة تقليص النفقات الحكومية وتحديد منافذ الهدر بالمال العام وإغلاقها خاصة ما يتعلق بالموازنة التشغيلية. والثالث يكمن في حصر السلاح بيد الدولة وإنهاء ظاهرة استخدام السلاح من قبل بعض الجهات المسلحة لفرض ارادتها على المواطنين ومؤسسات الدولة بالقوة». والرابع يتمثل بازدياد وتيرة العمليات الإرهابية في بعض المناطق، بعضها قريب من العاصمة بغداد مثل الطارمية». ويتابع محدثنا بالقول :» ومعروف ان من أولى مهام الحكومة المقبلة هو تهيئة الظروف المناسبة لانتخابات مبكرة وكل ما تقدم بالإضافة إلى حركة الاحتجاجات التي من المتوقع عودتها بقوة يصعب مهمة رئيس الوزراء الجديد وحكومته».
أية تداعيات؟
اما عن تداعيات وباء كورونا عراقيا وإقليميا يجيب الخصاف:» ألقت جائحة كورونا بظلالها على اوضاع كل دول العالم وانشغلت حكومات العالم بكيفية مقاومة انتشار الوباء وما سببه من مشاكل وتداعيات اجتماعية وسياسية واقتصادية فضلا عن الصحية في كل بلد ومنها الدول المؤثرة والمتصارعة في المنطقة والتي يمثل العراق أحد اهم ميادين الصراع بينها وأقصد على وجه الخصوص إيران والولايات المتحدة الأمريكية . ويمكن أن يؤثر ذلك على استعداد اي منهما للذهاب بعيدا في المواجهة بينهما، خاصة وإن حكومتي البلدين تواجهان مشاكل أخرى داخلية وخارجية كبيرة تجعل من المواجهة بينهما تتراجع في سلم أولويات كل منهما». ويؤكد الباحث العراقي بأن المكلف الجديد يتمتع بعقلية مرنة تجعله قادر على إخراج العراق من معادلة طرفي الصراع اذا ما تعاونت معه الكتل السياسية خاصة تلك التي تتمتع بعلاقات متميزة مع إيران.