مع بدء وقف إطلاق النار في اليمن: هل يؤدي وباء كورونا إلى تسوية شاملة للأزمة اليمنية؟

عزّز اعلان التحالف العربي بقيادة السعودية عن وقف اطلاق النار في اليمن، الآمال بشأن إمكانية إيجاد تسوية نهائية وشاملة للحرب

التي يتخبط بها هذا البلد منذ أعوام وقضت على الأخضر واليابس وحصدت أرواح الآلاف دون توقف . فقد أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، عن مبادرة شاملة لوقف الحرب، تتم مناقشتها مع طرفي النزاع في البلاد، بهدف تعزيز جهود مواجهة فيروس كورونا. وبحسب غريفيث ، فإن المبادرة جاءت بعد نقاش مع الأطراف ومجموعات يمنية متنوعة»، مشيرا الى أنها تضمنت مقترحًا لاتفاق لوقف إطلاق النار يشمل عموم اليمن ويكون خاضعًا للمساءلة.
كما تضمنت المبادرة مجموعة من التدابير الاقتصادية والإنسانية للتخفيف من وطأة المعاناة عن الشعب اليمنيـ وبناء الثقة بين الأطراف، إضافة إلى الالتزام باستئناف العملية السياسية. ووفق البيان نفسه، تهدف المبادرة أيضًا لتعزيز تنسيق الجهود بين الأطراف ومنسق الشؤون الإنسانية في مواجهة تهديد التفشي المحتمل لفيروس كورونا المستجد في اليمن.

تغيير المعادلات
وتأتي المبادرة الأممية غداة إعلان التحالف العربي بقيادة السعودية، وقف شامل لإطلاق النار في اليمن لمدة أسبوعين، بدأ اول امس . والمعلوم ان التحالف العربي يقود حربا منذ 2015 لدعم القوات الموالية للحكومة اليمنية، في مواجهة جماعة الحوثيين، المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات بينها العاصمة صنعاء جنوب المملكة، منذ 2014.
ولعل السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هو هل سيؤدي فيروس كورونا الى تثبيت هذه الهدنة وتحويلها الى تسوية شاملة لأعتى حرب تجري في المنطقة؟

يرى مراقبون بأن هذا الفيروس فرض تغيير العديد من المعادلات في العالم مهددا النظام الدولي برمته ، وفي خضم المخاوف من انتشاره في بؤر الحروب مثل اليمن وغيرها ، يبدو المجتمع الدولي مرغما على تطبيق هدنة إنسانية وسياسية في مناطق الأزمات من أجل التفرغ لمواجهة هذا العدو الخفي الذي ضرب كبرى دول العالم وجعلها عاجزة أمام حجم مخاطره وقدرته الهائلة على التفشي بسرعة .

واليوم مع اعلان اليمن تسجيل اول إصابة بفيروس كورونا ، تزداد المخاوف من هشاشة امكانيات هذا البلد على مواجهة الوباء، خاصة ان الحرب المستعرة دمرت النظام الصحي ونشرت الجوع والمرض. وقد سبق لمنسقة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة في اليمن ليزا غراندي ان حذرت في تصريحات صحفية «من انه إذا انتشر الفيروس فسوف تكون النتيجة «كارثية» نظرا لأن الحالة الصحية لما لا يقل عن نصف السكان «متدهورة للغاية» ولا يملك البلد إمدادات أو قدرات أو منشآت كافية للتعامل مع الوضع» على حد قولها .
لذلك فان من الأهمية بمكان اليوم التزام جميع الفرقاء في اليمن بهذه الهدنة الإنسانية لأنها ستكون فرصة لفرض السلام في هذا البلد المخثن بحروبه وصراعاته وأزماته ، والتي أودت الحرب المشتعلة فيه الى مقتل أكثر من 100 ألف شخص فيما يعيش الملايين تحت وطأة المجاعة وانتشار الأوبئة.

بين الترحيب والتشكيك
لقي اتفاق وقف اطلاق النار ترحيبا محليا ودوليا ، فعلى الصعيد الداخلي ،رحبت الحكومة اليمنية بالمبادرة وأعلنت التزامها بها، كما رحب المجلس الانتقالي الجنوبي -المدعوم من الإمارات- بإعلان وقف اطلاق النار ، مؤكدا استعداده للمشاركة في وضع الإجراءات المشتركة لتنفيذ دعوة الأمم المتحدة لأطراف الصراع، لوقف إطلاق النار بشكل فوري. واعتبر أن قرار وقف إطلاق النار، فرصة لمواجهة جائحة فيروس كورونا، وبث حياة جديدة في العملية السياسية.»

ولكن جاء اتهم جماعة «الحوثي» في اليمن، التحالف العربي بشن 8 غارات جوية على محافظتي حجة والجوف شمالي البلاد، ليضع شكوكا حول فعالية انجاز وتنفيذ هذه الهدنة بالكامل . لاسيما ان القيادي لدى جماعة أنصار الله الحوثية علي القحوم اعتبر مبادرة وقف إطلاق النار بأنها «مناورة إعلامية لا أقل ولا أكثر». واكد في تصريح اعلامي:»نحن تقدمنا برؤية وطنية إلى الأمم المتحدة، لوقف إطلاق النار الشامل والدائم وفك الحصار عن اليمن، وفي انتظار الرد عليها». وأفاد القحوم، بأن الوضع في البلاد يتطلب إعلانا شاملا ودائما وصريحا «لوقف العدوان وفك الحصار وهذا مطلب لكل أبناء الشعب اليمني، أما الهدنة التي تعلن لمجرد الإعلان ليست إلا استثمارا للمعاناة اليمنية وإصرارا على استمرار العدوان» بحسب قوله.

اما دوليا فقد حثّت الولايات المتحدة الحوثيين في اليمن على الاستجابة بالمثل لوقف إطلاق النار الذي أعلنته السعودية . في حين انضمت بريطانيا لأمريكا والأمم المتحدة في دعم وقف إطلاق النار . وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إن بريطانيا تدعم وقف إطلاق النار الذي تقوده السعودية في اليمن.

في حين رحبت عديد الدول العربية بالهدنة وفي مقدمتها بلادنا التي أعلنت في بيان لوزارة الشؤون الخارجية التونسية، عن أملها « في أن تفتح هذه الهدنة الإنسانية آفاقا جديدة لإيجاد حلّ سياسي دائم في اليمن». وأشادت الخارجية التونسية بهذا القرار «الذي يغلًب الجانب الإنساني في التعاطي مع الأزمة القائمة في اليمن ومن شأنه أن يساعد هذا البلد الشقيق للتفرغ لمواجهة تداعيات إنتشار فيروس كورونا.» وفق ما جاء في البيان. وأكدت بلادنا حرصها على «وحدة الصف العربي» ، مجددة « مساندتها لكلً الجهود العربية والدولية الرامية إلى التوصًل إلى حل سياسي شامل ودائم، وفقا لمقتضيات الشرعية الدولية والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني.» كما رحبت الكويت، ايضا بالمبادرة وذلك في بيان لوزير الداخلية الكويتي انس الصالح ، عقب اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة رئيس الوزراء صباح خالد الصباح.

ويبدو اليمن اليوم أمام فرصة تاريخية لصنع سلام حقيقي بين أبنائه مادام محركو الصراع والمؤثرون فيه سواء الإقليميون او الدوليون، منشغلون بمواجهة أعتى أزمة وبائية وإنسانية وصحية يشهدها العالم في تاريخه الحديث . فهل تصنع «كورونا « المعجزات في اليمن وتوقف الحرب العبثية؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115