أكد د. حسين الهنداوي المستشار السياسي لدى الأمم المتحدة في العراق أن هناك أزمة مستفحلة في النظام السياسي العراقي وهي ليست جديدة مشيرا الى انها باتت تهدده جديا بالانهيار بسبب الفشل الحكومي المتفاقم والانفلات الأمني وأعمال الخطف والاغتيالات. وقال في حديثه لـ«المغرب» ان الأمم المتحدة تنظر الى كوفيد-19 كتهديد عالمي لا يعرف الاختلافات في النوع الاجتماعي أو التعليم أو المُعتقد أو العِرق أو الحالة المادية. وإن طريقة الاستجابة لأزمةٍ عالمية هي من خلال التضامن بين الناس. مشددا على ضرورة التركيز على الوقاية، باتباع نصائح وتعليمات السلطات المحلية والوطنية لمواجهة هذا الوباء المستفحل .
• كيف هو عمل المنظمة الأممية في العراق ودورها وانت المستشار السياسي لها؟
الأمم المتحدة تدعم العراق في معركته ضد وباء الكورونا بكل الوسائل المتاحة وقد أشادت امس بقيام الكوادر الطبية والصحية العراقية بتوفير العلاج والرعاية للمرضى المصابين مخاطرين بحياتهم من أجل هذا الهدف . فيما أشارت منظمة الصحة العالمية على أهمية حصول جميع الكوادر الطبية والصحية على أحدث المعارف والإرشادات في الاستجابة لمثل هذه الأزمات واكدت على الحاجة الماسة لمعدات الحماية الشخصية لضمان قدرتهم على توفير الرعاية بأمانٍ وتقليل معدل إصابتهم. وطبعا تنظر الأمم المتحدة الى كوفيد-19 كتهديد عالمي لا يعرف الاختلافات في النوع الاجتماعي أو التعليم أو المُعتقد أو العِرق أو الحالة المادية. وإن طريقة الاستجابة لأزمةٍ عالمية هي من خلال التضامن بين الناس. ومن أجل حماية مجتمعاتنا، علينا أن نواصل التركيز على الوقاية، باتباع نصائح وتعليمات السلطات المحلية والوطنية من خلال الحفاظ على التباعد الجسدي والنظافة الصحية المناسبة.
• وكيف هو الوضع الوبائي في العراق؟
بحسب الإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة، اذ إن عدد الإصابات بفيروس كورونا لم يعبر الالف إصابة في عموم البلاد، توفي منهم 57 مصاباً وتماثل أكثر من 250 حالة للشفاء. أي ان الإصابات في العراق محدودة مقارنة مع الدول الأخرى لكن خطرها يظل داهما بالطبع. والأمل كبير بان تتم السيطرة التامة على هذا الخطر لا سيما عبر الوعي المجتمعي علما بان الناشطين في ساحات الاعتصام يؤكدون التزامهم بإجراءات خلية الأزمة ووزارة الصحة بحظر التجوال الوقائي وحملات التعفير والتعقيم، فيما أكدوا إن من يدعو إلى كسر الحظر الوقائي لا يمثلهم بل انهم ومنذ إعلان الحظر أعلنوا عن إخلاء الساحات من المعتصمين وبقاء عدد قليل جدا لأغراض رمزية، مع تخصيص مفرزة طبية من المتطوعين تعمل على معالجة المصابين بشكل طارئ. انها حقيقة ان المتظاهرين السلميين كانوا قدوة لغيرهم في الالتزام بتعليمات الوقاية من فيروس كورونا.
• وماذا عن الوضع السياسي في العراق حاليا وما هي عوامل أزمته المستمرة؟
لا يزال الوضع في العراق غير مستقر ومفتوح على مسارات متضاربة. هناك أزمة مستفحلة في النظام السياسي وهي ليست جديدة. الا انها باتت تهدده جديا بالانهيار وللمرة الأولى على هذه الدرجة من الخطورة ربما. الفشل الحكومي المتفاقم والانفلات الأمني واعمال الخطف والاغتيالات التي يتعرض لها المحتجون السلميون في بغداد والمحافظات الجنوبية يقترن هذه المرة بانخفاض كبير في الواردات النفطية من جهة وبأزمة انتشار وباء فيروس كورونا وتداعياتها من جهة أخرى.
الجديد أيضا، ان الاطراف الحاكمة بدأت تعترف ولو بشكل مراوغ بمسؤوليتها عن الازمة التي يعانيها الشعب العراقي والبلاد حاليا. فهي لأول مرة لا تخفي ان السبب في ذلك هو اعتمادها سياسة المحاصصة الحزبية التي تمثلت باستحواذها على غنائم السلطة وتقسيمها فيما بينها على حساب المواطن، الأمر الذي ترتب عليه شلل مؤسسات الدولة وتفشي الفساد وسرقة المال العام وفوضى انتشار السلاح المنفلت وتفاقم التدخلات الخارجية في القرار الوطني. الا ان هذا الاعتراف يظل ناقصا لأنه لا يرفق باستعدادها للتخلي عن السلطة او اصلاح النظام او تلبية مطالب ملايين المتظاهرين السلميين الذين تعرض المئات منهم الى القتل والخطف والتغييب على يد فرق موت مجهولة لم تحاول الحكومة ملاحقتهم.
• أين وصلت عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة؟
عمليا أعلن رئيس مجلس الوزراء المكلف السيد عدنان الزرفي انه أكمل اختيار أعضاء حكومته المقبلة بالتشاور والتفاوض مع اغلب القوى السياسية مؤكدا أيضا انه أرسل المنهاج الوزاري الى رئاسة مجلس النواب وبات ينتظر منها تحديد موعد عقد جلسة منح الثقة المتوقع اتمامها خلال الأسبوع الجاري والا فسيضطر الى الاعتذار في حال تعذر ذلك. وتضمن برنامج حكومة الزرفي وعودا بإجراء انتخابات بعد عام واحد من منح الثقة للحكومة، والعمل على تحقيق مطالب المتظاهرين، ودعم القضاء لمحاربة الفساد وملاحقة الفاسدين. وفي السياسة الخارجية، تعهد الزرفي بأن ينأى بالعراق عن الصراعات الإقليمية.
لكن من الواضح ان هناك اعتراضات بعد على تكليف الزرفي برئاسة الحكومة القادمة وهذه الاعتراضات قوية بشمل خاص لدى الكتل القريبة من إيران وخاصة كتلة الفتح التي يقودها السيد هادي العامري حيث تطالب بإلغاء هذا التكليف وسحبه متهمة الزرفي بأنه مقرب من الولايات المتحدة. وهي اتهامات رفضها الزرفي وقدم تعهدات تشمل حماية الاستقلال الوطني والاقتصاد وتعزيز سلطة الدولة ومحاسبة قتلة المحتجين.
الزرفي واثق من نجاحه بنيل ثقة البرلمان. لكن هناك من يرجح ان لا يستطيع البرلمان عقد جلسة الثقة المطلوبة، وبالتالي فد تنتهي المهلة الدستورية ويتم الذهاب إلى تكليف شخصية بديلة. وهذا الاحتمال مطروح في الأروقة السياسية بقوة حاليا وقد يتكرر ذلك. وطبعا فان رئيس الوزراء المقبل يجب ان يكون شخصية مقبولة من الكتل السنية والكردية الى جانب أبرز الكتل الشيعية وان يكون مقبولا من الولايات المتحدة وإيران من جهة أخرى.
• ما هو تأثير الصراع الأمريكي الإيراني على الوضع العراقي؟
الصراع الأمريكي الإيراني ينعكس بقوة في العراق وبشكل سلبي دائما بسبب ضعف الحكومة العراقية بالطبع. هناك تناقض متصاعد بين القوات الامريكية الموجودة في العراق في اطار التحالف الدولي للقتال ضد داعش الإرهابي وبين الحكومة العراقية الحالية التي تفضل العلاقات القوية مع ايران ما دفع البرلمان الى الدعوة الى انسحاب القوات الامريكية من العراق. وهناك مؤخرا انباء عن مقترح أمريكي بفتح حوار استراتيجي بين حكومتي البلدين حول الموضوع وهو ما سبق للعراق أن اقترحه في رسائل ولقاءات متعددة. لكن القضية هذه غدت ملتهبة لوجود فصائل مسلحة توعدت بشن هجمات عنيفة ضد القوات الامريكية في العراق لإخراجها بالقوة اذا لم تغادر فورا.