فيروس كورونا : عزل كل التراب الإيطالي و جعله منطقة حمراء: إجراءات قسرية من أجل التصدي للكارثة الصحية المحتملة

أعلن رئيس الحكومة الإيطالية جيوزيبي كونتيه عن قرار عزل كل التراب الإيطالي إلى يوم 3 أفريل، يومين بعد قراره عزل شمال البلاد،

و ذلك إثر ارتفاع عدد المصابين إلى أكثر من 9000 شخص بإضافة 2000 حالة في 24 ساعة – حسب الأرقام الرسمية - و تسجيل إصابات في العاصمة روما و في عدد متزايد من مدن جنوب البلاد. وهو أول اجراء من نوعه في بلاد ديمقراطية خارج حالات الحرب. و يعتقد الملاحظون أن العدد الحقيقي للإصابات فاق 10 آلاف إصابة وهو في تصاعد سريع . و قال جيوزيبي كونتيه مساء يوم الإثنين « إن إيطاليا بأكملها منطقة محمية» وطالب المواطنين باحترام اجراءات الوقاية و عدم تنقلهم بدون إذن. و تخشى السلطات الإيطالية من عدم قدرتها على التصدي للإنتشار السريع للوباء الشيء الذي جعلها تقرر غلق كامل مناطق البلاد. و ارتكز القرار الحكومي على الوضع المتحسن لمدينة «كودونيو» التي بدأ منها الإنتشار والتي تشهد تقهقرا لعدد المصابين بسبب حالة العزل.

ابتداء من صباح الثلاثاء وجد 60 مليون إيطالي أنفسهم في «حالة عزلة» من جراء إصابة كل مناطق البلاد بفيروس كورونا. وأقرت الحكومة منع التظاهرات الرياضية، بما في ذلك مباريات كرة القدم، والثقافية وغلق المسارح ودور السينما وقاعات الملاهي والمتاحف وقاعات الرياضة والمسابح والكنائس وكل الأماكن العمومية. وقررت كذلك منع التجمعات لأكثر من 5 أشخاص على أن تحترم مسافة متر بين الأشخاص. وتقرر تسريح التلاميذ والطلبة إلى حد 3 أفريل.

وسمح للتجار بالعمل من أجل توفير المواد الغذائية على أن تحترم المسافة الواقية بين الحرفاء. و من الإمكان السماح بالتنقل لأسباب مهنية أو صحية شرط أن يستظهر المسافر بترخيص يستخرج عبر شبكة الأنترنات. لكن في العموم الشعار الذي استخدمته الحكومة ونشرته وسائل الإعلام المختلفة يؤكد على «البقاء في البيت» لضمان عدم الإصابة والمساهمة في منع انتشار الفيروس.

المستشفيات في حالة عجز
الجديد الذي جعل الحكومة تعمم العزل على كامل التراب هو ظهور الفيروس في مدن جديدة وارتفاع عدد المصابين جنوب البلاد الشيء الذي أصبح يشكل خطرا أشد من ذلك الذي شهده شمال البلاد. و السبب في ذلك هو عدم جاهزية المستشفيات في صقلية و جنوب إيطاليا عموما لأستقبال أعداد كبيرة من المصابين. وهو الوضع الذي كانت تخشاه السلطات. و تشير الأرقام الرسمية إلى ارتفاع عدد المصابين بنسبة تتراوح بين 25 % و 30 % كل يوم وهو مستوى يفوق طاقة استيعاب المستشفيات.

و تجري الخطى حثيثة لتجهيز مستشفيات متنقلة و أخرى تستخدم فيها الحاويات في المواني. و من المتوقع أن تخصص أجنحة في الثكنات العسكرية لاستقبال المرضى في حالات قصوى. وبدأ العمل في المستشفيات بمبدإ الفرز أي أن الأطباء، أمام استحالة تمريض كل المصابين بسبب قلة الموارد، قرروا تفضيل قبول الشباب والكهول غير المتقدمين في السن والذين يعتقد أن تكون لهم حظوظ في الشفاء. أما باقي المواطنين من العجز والمتقدمين في السن فسوف يطلب منهم الإنعزال في البيت علما وأن أيامهم معدودة و لا يمكن للمستشفيات استيعاب كل المصابين. وهو ما يفسر ارتفاع نسبة الوفيات التي فاقت 460 حالة إلى حد الساعة.

إغاثة أوروبية محتملة
في هذه الأوضاع الكارثية أقدمت بلدان أوروبية على منع السفر من و إلى إيطاليا في حين تجتمع مؤسسات المفوضية الأوروبية لتدارس الأمر في أوروبا و خاصة في إيطاليا التي أصبحت ثاني حاضنة في العالم لفيروس كورونا. و إن لا تشكو كل البلدان الأوروبية من نفس نسبة الإصابة فإن الوعي باتخاذ موقف موحد أصبح سيد الموقف. وتتواصل الاتصالات حاليا بين بروكسل وإيطاليا لدراسة الإعانة الممكنة التي يمكن للمفوضية تقديمها لروما لمواجهة الوباء و لو أن منظمة الصحة العالمية لم تقر «حالة الوباء الشامل» في العالم.

مع ظهور ملامح أزمة أخرى في الأفق، أزمة اقتصادية ومالية، بسبب انتشار فيروس كورونا و انخفاض سعر النفط بنسبة 33 % في يوم واحد، يتساءل المسؤولون في بروكسل عن جدوى غلق المؤسسات الاقتصادية في إيطاليا التي تعد ثالث اقتصاد أوروبي، خاصة أن منطقة لومبارديا الشمالية لها ارتباطات مع عديد الشركات في ألمانيا وفرنسا وهولندا وسويسرا وهي بلدان مهددة هي الأخرى بالفيروس و بالركود الاقتصادي. في هذه الظروف بدأ التخضير لما بعد الأزمة الحالية، وهي حالة «العاصفة الكبرى» التي لا بد أن يكون لها وقع سلبي على كل القارة في صورة تأكد ما تناقلته بعض وسائل الإعلام أنه بالإمكان أن يرتفع عدد المصابين في إيطاليا إلى عشرات الآلاف من الأشخاص في الأيام و الأسابيع القادمة مثل ما حصل في الصين.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115