فيروس كورونا: الخطر الداهم من إيطاليا 16 مليون إيطالي في العزلة، أكثر من 7000 مصاب و وفيات بالمئات

حالة من الهلع استفحلت في كل جهات إيطاليا بعد أن قررت الحكومة بصفة مفاجئة ليلة الأحد 8 مارس عزل 15 جهة إدارية في شمال البلاد

بسبب تفشي فيروس كورونا بسبب عدم قدرة السلطات على التوصل إلى الحد من انتشاره خارج منطقة لومبارديا أين ظهر للمرة الأولى. و طالبت السلطات 16 مليون مواطن – أي ربع الشعب الإيطالي - بملازمة بيوتهم وفي حالة ظهور أعراض المرض الإتصال عبر الهاتف و الأنترنت بطبيب العائلة الذي يقرر الإجراءات اللازم اتخاذها. و مع سرعة انتشار الفيروس أصبحت إيطاليا في غضون أسبوع فقط ثاني بلد بعد الصين يضرب فيه الوباء الذي سجل أكثر من 7000 مصاب و حوالي 380 قتيلا ويصعب في هذه الظروف ملاحقة عدد المصابين و الموتى بسبب سرعة اتساع رقعة الإصابات. هذا الوضع الجديد حرك العواصم الأوروبية التي تفكر في الطريقة المثلى لوقاية بلدانها من انتشار الفيروس على نطاق واسع.
تزامنا مع عزل مناطق الشمال قررت الحكومة الإيطالية غلق كل المؤسسات التربوية إلى يوم 3 أفريل و منع كل التظاهرات الفنية و الثقافية و الرياضية و التجمعات في الساحات و الكنائس و دور السينما و المسرح و غيرها من الأماكن المغلقة. و طالبت الحكومة المواطنين بالإلتزام بقواعد الوقاية و بتجنب الخروج من البيوت حتى تتمكن البلاد من الحد من انتشار الوباء.
خوف وتوجس وهروب
إبان إعلان رئيس الحكومة جيوزيبي كونتيه عن جملة القرارات الحكومية سجلت مدن الشمال حالات من الهلع و الخوف من مغبة عدم الافلات من الفيروس. وأقدم عدد كبير من السكان يعد بالآلاف في المناطق المعزولة إلى الهرب إلى مناطق الجنوب وعلى عدد من المدن الفرنسية المجاورة مما أدخل اضطرابا في مسالك التنقل و أجبر السلطات المحلية على مطاردة الفارين من أجل عزلهم مجددا. و سجلت حالات فرار من المستشفيات و من السجون من ذلك أن سجلت السلطات انتفاضة في 7 سجون خلفت 8 قتلى في مصادمات مع قوات الشرطة وحراس السجون. وأقدم مساجين في شمال البلاد على الفرار نحو الحدود السويسرية بسبب وجود ثلاث حالات من الإصابات في السجن.


ودخلت باقي المدن الإيطالية غير المتضررة بنفس المستوى في حالة ترقب وخوف. وقررت بعض السلطات المحلية اتخاذ اجراءات مماثلة لتلك التي أقرتها الحكومة مثل منع التظاهرات وغلق بعض المؤسسات الثقافية أو بعض المدارس في المناطق المتضررة. وشمل ذلك العاصمة روما التي أغلقت الكولوسيوم ومنعت المباريات الرياضية والتجمعات الثقافية. لكن المواطنين لم يلتزموا في كل الحالات بالقرارات الرسمية وواصل البعض حياته العادية دون الإلتزام بالأوامر وهو ما أقلق السلطات التي كررت عبر وسائل الإعلام أن مخالفي القرارات الأخيرة يعرضون أنفسهم لعقوبات تصل إلى السجن.
و تخشى الحكومة من عدم تحمل شبكة المستشفيات انتشارا أوسع للفيروس. و من المعروف أن النظام الصحي الإيطالي لا يخضع لنظام واحد بل هو منظم في إطار اللامركزية و هنالك فروق واسعة بين نظام الصحة في المناطق الغنية من الشمال و باقي المناطق الفقيرة في جنوب البلاد. تخوفات وزارة الصحة تمركزت حول امكانية أن يتفشى الفيروس بصورة حادة في مناطق الجنوب و في صقلية. و في تلك الحالة سوف يصبح الوضع كارثيا لما لهذه المناطق من تدني في مستوى القدرات الصحية للمستشفيات و في عدد الأطباء مقارنة بالشمال.
وضع اقتصادي كارثي
وخلف انتشار فيروس كورونا وضعا اقتصاديا كارثيا ظهر في تقهقر بورصة ميلانو يوم الإثنين بنسبة 10 % في نفس الوقت التي تراجعت فيه بورصات أوروبا واليابان ونيويورك وهونغ كونغ. أما في إيطاليا فالأوضاع الإقتصادية كانت تشكو من بعض الركود في الرباعي الأخير من عام 2019 وسجلت المؤشرات للثلاثي الأول لهذه السنة تقهقرا بالنسبة لما كانت عليه نسبة النمو التي أصبحت سلبية وهو ما يدخل الإقتصاد في حالة ركود و ما يحد من قدرة الحكومة على التصدي لذلك.
و مع الإنخفاض الحاد لسعر النفط الذي خسر 30 % من قيمته في 24 ساعة يعتبر المحللون الإقتصاديون في روما و ميلانو أن امكانية تراجع نسب الخسارة ضئيلة جدا و أن الإقتصاد الإيطالي الذي يعد ثالث اقتصاد في أوروبا سوف يبقى في حالة ركود ما دام وباء فيروس كورونا مستفحلا في البلاد يحد من التنقل ويجبر المؤسسات المالية والإقتصادية و التجارية على الحد من أنشطتها. و بالرغم من اقرار البرلمان الإيطالي قيمة 5،7 مليار يورو كدفعة أولى لدعم الإقتصاد و تضامن كبار الأثرياء بإعانات مالية لصالح المستشفيات، يخشى نفس المحللين أن تطال الأزمة باقي البلدان الأوروبية التي لها علاقات شراكة اقتصادية مع مناطق شمال إيطاليا – وخاصة في الميدان الصناعي. و أن يدخل الركود الإيطالي الإقتصاد الأوروبي برمته في أزمة اقتصادية حادة يصعب مواجهتها بالتزامن مع محاربة فيروس كورونا. لهذه الأسباب تفكر بعض البلدان الأوروبية، وكذلك الإفريقية القريبة من التراب الإيطالي في اقرار منع السفر من وإلى إيطاليا للحد من خطر تفشي فيروس كورونا على الطريقة الإيطالية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115