أوروبا ثالث حاضنة لفيروس كورونا في العالم: حالة الوباء تتسع إيطاليا وألمانيا وفرنسا واسبانيا وسويسرا في طليعة البلدان المتضرّرة

منذ ظهور فيروس كورونا في الصين أواخر شهر ديسمبر الماضي اتسعت رقعة انتشاره في العالم لتمس أكثر من 75 بلدا في كل القارات.

وأعلنت منظمة الصحة الدولية حالة الوباء الشامل وأصبحت أوروبا ثالث حاضنة للفيروس بعد الصين و كوريا الجنوبية وذلك بسبب تسرب الوباء في إيطاليا التي سجلت أكثر من 2500 حالة. أما باقي الدول الأوروبية فدخلت هي الأخرى ضمن البلدان التي شملها الوباء و لو بشكل متفاوت. تأتي إيطاليا وألمانيا (250) وفرنسا (280) وإسبانيا (200) وسويسرا (100) في طليعة البلدان المتضررة. وسجلت المفوضية الأوروبية في بروكسل، إلى حد يوم الأربعاء، حالتين في صفوف موظفيها.
مع توسع رقعة انتشار الوباء دخل الهلع في صفوف المواطنين الذين أخذوا يستعدون لطول مدة تواجده. من ذلك أن أقدم بعضهم على تخزين المواد الغذائية في المنازل خشية أن يفقدوها في حال أعلنت السلط الصحية دخول الفيروس مستواه الثالث المعلن عن حالة الوباء التي تمس كل المناطق. وقامت السلطات الصحية والسياسية في مختلف البلدان الأوروبية بالتنسيق في ما بينها لمحاولة تطويق المناطق المتضررة وعزلها بغية إيقاف انتشار الوباء. وهو ما جعل بعض الدول في مقدمتها إيطاليا وفرنسا وألمانيا تتخذ إجراءات صارمة لمنع تسرب الفيروس.


من ذلك أن أطلقت كل المؤسسات الصحية في مختلف البلدان الأوروبية حملة توعية على مختلف وسائل الإعلام موجهة إلى المواطنين من أجل أن يتخذوا إجراءات وقائية مثل غسل اليدين و استخدام المناديل الورقية ورميها في الحاويات بعد استعمالها وعدم المصافحة باليد و غسل اليدين عند دخول البيت. وقامت السلطات السياسية بفرض حالات عزل بعض المناطق مثل المدن والقرى والأحياء السكنية التي ظهر فيها فيروس كورونا بشكل مكثف. وشملت هذه الإجراءات، إلى حد هذه الساعة، بعض المناطق في إيطاليا و فرنسا وألمانيا. وجندت وزارات الصحة مستشفيات خاصة لقبول المصابين وقامت بتوزيع ملايين من الأقنعة الواقية لتفادي العدوى. وأعلنت إيطاليا غلق كل المؤسسات التربوية والجامعية إلى موفى 15 مارس. ومنعت التجمعات لأكثر من 5000 شخص في فرنسا في حين تستعد ألمانيا وبولندا وفرنسا لاستخدام قوات الجيش في مقاومة انتشار الفيروس.
نحو فرض إجراءات قسرية
وتحركت الحكومات الأوروبية في اتجاه أخذ حزمة من القرارات الحادة للحريات من أجل إجبار المواطنين، وخاصة القوى السياسية المعارضة، على تطبيق التعليمات الحكومية. وجاءت بولندا في طليعة هذه الدول بعد أن أقرت نصا تشريعيا يوم الثلاثاء 3 مارس يسمح للحكومة إتخاذ إجراءات استثنائية تحد من الحقوق و الحريات المدنية و فرض أعمال إضافية وقتية لموظفي المرفق العمومي وعدم الإلتزام بالإجراءات العادية في المناقصات العمومية والتدخل مباشرة في سوق الأدوية واللجوء إلى الجيش إن لزم الأمر. وهي إجراءات قسرية تتماشى واتجاهات الحكومة اليمينية التي أظهرت في الماضي غير البعيد نزعتها التسلطية و عزمها التحكم في مفاصل الإعلام العمومي والقضاء وأجهزة الأمن.


هل تنحو باقي الدول نهج بولندا في الأيام القادمة؟ من المتوقع أن تأخذ كل دولة إجراءاتها حسب خطورة الوضع وتفشي الفيروس. المتأكد أن فرنسا وألمانيا و إستونيا أعلنت امكانية اللجوء إلى الجيش وأجهزة الأمن لتنظيم عمليات الإغاثة. باقي الدول التي تشهد عددا قليلا من الإصابات لم تقدم على مثل هذه الإجراءات. اليونان ،التي تخشى تدفق آلاف اللاجئين القادمين من تركيا بعد أن قررت السلطات التركية فتح معابرها مع أوروبا، قررت منع السفر من و إلى المدن و البلدان المصابة بالفيروس. و أخذت السلطات الطبية في مختلف البلدان الأوروبية/ من بينها البلدان الأسكندينافية، قرارات استشرافية لتأخير بعض العمليات الجراحية وعدم قبول في المستشفيات المرضى الذين ليسوا في حالة خطرة والقيام بمداواتهم في بيوتهم. وهو اجراء يمكن المستشفيات من «اختيار» المرضى أي فرزهم حسب خطورة الإصابة تحسبا لتدفق أعداد كبيرة تكون المؤسسات الصحية غير قادرة على استيعابها.
850 ألف حالة في بلجيكا؟
دخل الرأي العام البلجيكي في حالة هلع عندما صرح هذا الأسبوع رئيس أكبر نقابة للأطباء أنه من الممكن أن تصل الإصابات بفيروس كورونا في بلجيكا إلى 850 ألف مصاب في آجال غير بعيدة. و إن تدخلت الوزيرة الأولى صوفي فيلماس في نهاية اجتماع خاص بالوباء لتخفف من حدة الإعلان قائلة: «نحن نتابع الحالة خطوة بخطوة، بدون مزايدة لكن بدون استنقاص للخطورة كذلك.» وأشارت الصحف البلجيكية أن تعليق الوزيرة الأولى كان بمثابة «المغامرة» لأنها لم تنف قطعيا احتمال أن ينتشر الفيروس بصفة ضخمة تمس نسبة كبيرة من الشعب الذي يعد أكثر من 11 مليون نسمة.
هذه الحادثة تثير مسألة مسؤولية المتدخلين في إعلام المواطنين الذين يسهرون عادة على عدم افشاء «الأسرار»، أي حقيقة الوضع الصحي، من أجل عدم إدخال البلبلة في صفوف المواطنين. لكن بعض المؤشرات الواردة من مؤسسات مستقلة تشير إلى أن عدد المصابين في أوروبا ليس هو العدد المصرح به في الحقيقة وأن جل الدول الأوروبية سوف تعلن حالة الوباء في الأيام القادمة إن لم تكن في الساعات القادمة، من أجل المشاركة الجماعية في التصدي لهذه الظاهرة التي أصبحت تهدد التوازنات الإقتصادية والمالية لدول الإتحاد الأوروبي وتمس بحياة عدد كبير من المواطنين.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115