الغرب اعتبره ابتزازا يتطلب معاقبة أنقرة تركيا تفتح أبواب أوروبا أمام اللاجئين ... والدعم الأوروبي لـ«المنطقة الآمنة» شرط للتراجع

أثار فتح تركيا حدودها أمام النازحين باتجاه اليونان وبلغاريا ومنهما إلى القارة الأوروبية ، جدلا وانتقادات دولية حادة في خطوة

اعتبرها الغرب «فتحت النار على القارة الأوروبية بأكملها». وواجهت أنقرة انتقادات دولية جادة بعد لجوئها لورقة «اللاجئين» للضغط على أوروبا بعد مقتل العشرات من جنودها في ضربة جوية نفذتها القوات السورية داخل محافظة إدلب . واعترفت تركيا بتدفق مئات اللاجئين السوريين إلى سواحل بحر إيجه بولاية «جناق» قلعة، شمال غربي تركيا، للوصول إلى الجزر اليونانية، وإلى نقاط أخرى على ساحل قضاء أيواجك، سعيا للوصول إلى جزيرة ميديلي اليونانية.
من جهته قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، أمس الأربعاء، إن 135 ألف مهاجر عبروا الحدود التركية إلى اليونان، في الوقت الذي تستقبل فيه القوات اليونانية المهاجرين بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لمنعهم من دخول البلاد.
ولئن اعتمدت تركيا مرارا على ورقة اللاجئين كلما ضاقت بها السبل في ملفات بعينها لكسب امتيازات من القارة الأوروبية سواء مادية اقتصادية أو سياسية أيضا، إلاّ أنّ خطوتها هذه المرة كانت مفاجئة للغرب التي اعتبرها محاولة تركية رسمية لجره عنوة داخل الحرب السورية.


وكانت ردود فعل الدول الأوروبية قلقة حول قرار تركيا المفاجئ إذ أعربت ألمانيا عن ضرورة عقد لقاء رباعي تحضره مع موسكو وباريس وأنقرة.ويرى مراقبون أن تركيا بعد الضربة الموجعة التي تلقتها في الشمال السوري قبل ايام ، تسعى جاهدة لحشد دعم أوروبي عبر الضغط ايضا على موسكو لإقامة منطقة آمنة في المنطقة تستطيع من خلالها بسط نفوذها وسيطرتها على الحدود السورية. كما أكد وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، أن أوروبا لن تقبل الابتزاز الذي يمارسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محذراً أنقرة من عواقب تصديرها أزمة اللاجئين في القارة العجوز.
ولطالما هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفتح الأبواب أمام اللاجئين السوريين الساعين للوصول إلى أوروبا، في حال عدم حصول بلاده على مزيد من الدعم الدولي، لاسيما الاتحاد الأوروبي .إذ لطالما استعملت تركيا ملف اللاجئين كورقة ضغط على القارة الأوروبية خلال السنوات الأخيرة.
تركيا والمنطقة الآمنة ..
وتحاول تركيا التي تستقبل مايقارب الـ 4 ملايين لاجئ سوري الحصول بالإضافة إلى الدعم المادي على ضمانات وتنازلات غربية في علاقة بملفات المنطقة خصوصا منها ملف سوريا وتحديدا موضوع المنطقة الآمنة في الشمال السوري التي لاتزال إلى اليوم محل شد وجذب بين أطراف النزاع. وقال أردوغان إنه في حال عدم تحقق المنطقة الآمنة «سنضطر إلى فتح الأبواب. إما أن تعطونا الدعم، وإن لم تعطونا، آسف، ولكن هذا ما نستطيع تحمله». وتساءل «هل نحن فقط من سيتحمل عبء اللاجئين؟». وقال إن تركيا أنفقت 40 مليار دولار على اللاجئين، منتقدا الغرب، خصوصا الاتحاد الأوروبي، لعدم تنفيذ وعوده.
وترى تركيا أن الجانب الأوروبي وأمريكا على وجه الخصوص لم تلتزم بالاتفاقات السابقة مع أنقرة فيما يتعلق بإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا والتي تعلق عليها تركيا آمالا كبيرة باعتبارها ستكون وجهة اللاجئين العائدين من أراضيها. وتعتبر حكومة أردوغان أن الجانب الأمريكي بات يماطل ماجعلها تستعمل ورقة اللجوء كسيف ذي حدين للمطالبة بضمانات من جهة والضغط من جهة أخرى .
من جهة أخرى يرى متابعون للشأن الدولي أنّ أنقرة بدورها تحاول «مساومة» أوروبا مقابل ، ضمان المزيد من الدعم المالي لتلبية احتياجات اللاجئين ،علاوة على سعيها للحصول على تسهيلات تتعلّق بتأشيرات دخول مواطنيها الى دول الاتحاد الأوروبي .
وباعتبار أنّ تركيا هي بوابة العبور الأولى للاجئين باتجاه أوروبا ، تسعى أنقرة وفقا لذلك إلى استغلال الأزمة كورقة ضغط لتحقيق أكثر مايمكن من مطالبها .يشار إلى أنّ تركيا تمثّل بوّابة العبور الأولى للاجئين والمهاجرين غير الشرعيين نحو القارة الأوروبية .وتعدّ تركيا واليونان بوابتي العبور الرئيسيتين للمهاجرين في اتّجاه أوروبا ، حيث يفسر مراقبون الضغط الأوربي تارة والمساعدات المالية تارة أخرى وسيلة أوروبية لوقف تدفّق مئات آلاف اللاجئين من مختلف الجنسيات (اغلبهم سوريون) إليها .
يشار إلى أن اتفاقا بين الجانب التركي والاتحاد الأوروبي تم توقيعه في عام 2016 والذي لقي فشلا ذريعا ـ نص على أن يدفع الغرب 6.6 مليار يورو مقابل تشديد الإجراءات لمنع اللاجئين من مغادرة أراضيها إلى أوروبا، لكن أردوغان قال إن ثلاثة مليارات يورو فقط وصلت حتى الآن.أما المفوضية الأوروبية فنفت تصريحات أردوغان وقالت إن الاتحاد الأوروبي قدم 5,6 مليار يورو إلى تركيا بموجب الاتفاق، وإن «الرصيد المتبقي المقرر سيرسل في وقت قريب».
ونصّ الاتفاق الفاشل بين تركيا ودول الاتّحاد الأوروبي آنذاك –الّذي أبرم في العاصمة البلجيكية بروكسل- على التّخفيف من الأعداد الهائلة للاّجئين المتدفّقين على القارّة العجوز ، حيث يتعين إعادة كل المهاجرين القادمين إلى اليونان من تركيا، ومقابل كل مهاجر يعاد إلى تركيا يتكفل الاتحاد الأوروبي بتوطين مهاجر سوري موجود في تركيا في إحدى دول الاتحاد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115