لحل الأزمة الليبية لكن دون جدوى. ولئن أرجع سبب استقالته الى العامل الصحي بحسب ما أعلن، الا أن توقيت هذه الخطوة يحمل دلالات كثيرة وهي نتيجة لفشل جهود إحلال السلام او تحقيق انفراجة في المشهد الليبي المعقد.
تسلّم الرجل مهمته كبمعوث أممي في جوان من عام 2017 متسلحا بمسيرة كبيرة في العمل الإنساني والثقافي والسياسي سواء في بلاده لبنان او في عديد الهيئات الأممية . فقد كان وزيرا للثقافة في لبنان من عام 2000 إلى 2003.
وكان أيضا ضمن وفد الأمم المتحدة المبعوث إلى العراق بعد الاحتلال الأمريكي 2003، كما عمل مستشاراً للأخضر الابراهيمي خلال مهمته للعراق وسوريا.
لم تشفع له كل هذه المسيرة في الحصول على ثقة شرائح ليبية عديدة فقد وجهّ له عديد الفرقاء الليبيين انتقادات واتهامات منها قربه من حكومة الوفاق على حساب الطرف الآخر. وحينما تسلم مهامه خلفا للألماني، مارتن كوبلر، وضع عديد الليبيين آمالا عليه بالنظر الى مسيرته وخبرته الطويلة وأيضا لأنه قَدم من بلد شهد أيضا أعتى الحروب الأهلية في المنطقة وهو لبنان . وقد جاء بعد توافد مبعوثين أممين، الى ليبيا فشلوا كلّهم في إيجاد حل للأزمة وهم الأردني عبد الإله الخطيب والبريطاني إيان مارتن واللبناني طارق متري وكذلك الإسباني برناردينو ليون والألماني مارتن كوبلر.
وضع سلامة ما أسماه بـ «خريطة طريق» لحل الأزمة وتقوم الخطة المقترحة على خمس مراحل، تبدأ بتعديل الاتفاق السياسي الذي تمّ في مدينة الصخيرات المغربية وينتهي بإجراء استفتاء وانتخابات في سبتمبر 2018. ولكن لم يكتب لهذه الخطة النجاح وبقيت حبرا على ورق . وفي محاولة أخرى لبثّ الروح مجددا الى « العملية السياسية» اقترح خطة سلام جديدة وتحديدا في جويلية 2019 تقوم على ثلاث نقاط هي هدنة عيد الأضحى، الاجتماع الدولي للدول المعنية، المؤتمر الليبي الداخلي .
لقد كان سلامة شاهدا على عديد المؤتمرات الدولية وعرّابها أيضا مثل مؤتمر باليرمو و باريس وأخيرا مؤتمر برلين وكلها لم تتمكن من حلّ هذه الأزمة المستعصية .
الأكيد ان قرار المبعوث الأممي لليبيا جاء بعد عدة أسباب فقد وجد أن الباب بات مغلقا أمام التسوية وانه ليس هناك من حل سياسي وشيك لأن مصالح الدول الكبرى المؤثرة وصراعها على النفوذ في الملف الليبي أقوى من ارادة التسوية .
فاستقالة سلامة تعني عجز المجتمع الدولي وهي بمثابة رفع الراية البيضاء لمنظومة أممية فشلت في احلال السلام في بلد المختار . كما انه أيضا فشل لليبيين أنفسهم الذين لم يتمكنوا بعد كل هذه السنوات من الحروب العبثية من أن يضعوا مصالح بلادهم فوق كل الارادات الخارجية ، فبقي صوت وطنهم الجريح ضائعا في متاهات الصحراء الليبية .
«الصفقة لم تكتمل بعد وربما سينتظر الليبيون طويلا اكتمالها» ...تلك أبرز الرسائل التي حملتها استقالة المبعوث الاممي لليبيا، واليوم يدخل مسار التسوية منعرجا جديدا ، فقد جمدّت المباحثات ونسفت ابّان المعارك الأخيرة التي شهدتها البلاد وتحديدا في طرابلس وأخذت منحى أكثر خطورة مع التدخل التركي ودخول انقرة في صراع مباشر مع حفتر... فكلما تصاعدت المعارك وارتفع صوت الرصاص في ليبيا ابتعدت التسوية .