مآلات الصراع السوري التركي في ادلب والمساعي الأوروبية لمجابهة «أردوغان»

يثير التصعيد العسكري الخطير الذي تعيشه «ادلب» في الآونة الأخيرة قراءات وتأويلات مختلفة لآفاق هذا الصراع السوري التركي المتفجر

ومآلاته في قادم الأيام خاصة وسط جهود روسية ودولية لحلحلة الأزمة بعد الشدّ والجذب التي اتسمت بهما المعارك . ويترقب المجتمع الدولي نتائج الزيارة التي سيؤديها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى روسيا لبحث التطورات الميدانية في سوريا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين .التطورات الميدانية الدراماتيكية التي تعيشها «ادلب» كان لها التأثير لا فقط على الميدان في سوريا وعلى الإقليم فحسب بل أيضا وصلت تداعياتها إلى القارة الاوروبية بعد أن فتحت أنقرة الحدود أمام موجة لجوء غير مسبوقة في خطوة منها لإجبار الغرب على دعمها في الملف السوري.
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي السوري سومر سلطان لـ«المغرب» أنّ عنوان معركة سراقب ومجمل معارك إدلب الأخيرة هو إذلال السلاح التركي، لأن تركيا قطعت شوطاً كبيراً في توفير السلاح والذخيرة للتنظيمات المصنفة على أنها إرهابية، وعلى رأسها جبهة النصرة. وهنا بادرت دمشق وحلفاؤها إلى التركيز على ضربات نوعية تهين سمعة السلاح التركي وتتسبّب بأزمة تسويقية لها، وتضع الصناعة الدفاعية في مأزق، وذلك كعقاب لها».

واضاف محدثنا «في إحدى الضربات قرب سرمين جرى تدمير عربات النقل المدرعة التركية بشكل جماعي، وتكررت هذه الاستهدافات، وفي وقت لاحق جرى إسقاط عدد كبير من الطائرات المسيرة التي تشكل ثاني أهم محاور الصناعة الدفاعية التركية. ترافق هذا مع إحباط الهجمات الإلكترونية التي قامت بها منظومة كورال للحرب الإلكترونية يثبت هذا العدد الكبير من طائرات «درون» التي جرى إسقاطها في اليومين الأخيرين بأسلحة إلكترونية وليس بوسائط نارية» على حد تعبيره.
واضاف «إن سمعة هذا القطاع في الحضيض، ويصعب أن نرى جيشاً محترماً يأتمن هذه المعدات على أرواح جنوده. يضاف إلى هذا سياسياً أن الدول الأوربية، وعلى رأسها اليونان وفرنسا، بدأت تتخذ مواقف سلبية اتجاه أردوغان وحزبه، إثر الابتزاز الأخير في مسألة اللاجئين. وتسببت أثينا بعدم موافقة حلف الناتو على تقديم دعم جوي له ضد سوريا وحلفائها. موقف الدول العربية القريبة من السعودية والإمارات هو أيضاً يتمنى أن تنجح دمشق بإنزال ضربات مؤلمة بالجيش التركي والجماعات الموالية له. ورغم أنها ليست على علاقة حسنة بها فإن زيارة الوفد الليبي لحكومة حفتر يؤكد أنها تريد دعم دمشق سياسياً وأمنياً من وراء الستار».
نطاق المعارك
واعتبر محدّثنا أن؟ّ المعارك اليوم تجري في محورين رئيسيين؛ محور طريق M5 الواصل بين دمشق وحلب، وتعتبر سراقب أهم نقاطه؛ ومحور طريق M4 الواصل بين حلب واللاذقية إلى الجنوب والجنوب الغربي من سراقب. ونلحظ أن الأرجحية عادت للجيش العربي السوري بعد يومين من الاستهدافات بالطائرات المسيرة وغيرها. وقد أظهر هذان اليومان أن أردوغان ليس في معرض زيادة التصعيد والدخول في حرب مباشرة، وهو بحاجة بالتالي إلى صيغة تحفظ له ماء العينين دون أن تورط بالمزيد من الخسائر. مضيفا ‘’ربما يكون هذا عنوان اللقاء المرتقب بينه وبين الرئيس الروسي بوتين. أردوغان كان قد تحدث مؤخراً عن أنه مستعد للخروج من إدلب في حال طلب الشعب السوري منه ذلك. وهي صيغة كلامية متحذلقة تجعلنا نتوقع أن يخرج فعلاً، ولو بعد ممانعة وتعنت ليسا غريبين عليه، تحت عنوان أن الشعب السوري طلب هذا».

وعن التوقعات من زيارة الرئيس التركي أردوغان الى روسيا لبحث الملف السوري أجاب محدثنا ‘’أردوغان على المستوى الشخصي جبان، وهو يحاول التعمية على هذا بالخطاب الهيستيري ذي النبرة العالية. ولكن على الأرض نحن نعلم أنه يخشى من أن يواجه منفرداً جيشاً ذا خبرة وتجربة مثل الجيش السوري، وخاصة أنه مدعوم بالقوات الروسية والإيرانية وبنخبة المقاومة اللبنانية. ويطلب باستمرار أن يأتي أحد يتحمل المخاطر عنه، سواء كان الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد الأوربي أو الكيان الصهيوني أحياناً. وهو يستخدم ورقة اللاجئين كي يضغط على الأوربيين في هذا الاتجاه آملاً أن يضغط الأوربيون بدورهم على الولايات المتحدة، فتقدم له دعماً عسكرياً تحت سقف الناتو. كما أن أحد أوجه هذا الابتزاز مالي، فهو حصل منهم حتى الآن على مبالغ تفوق مليار ونصف المليار يورو تحت مسمى أنه يحتفظ باللاجئين لديه، ويمنع عبورهم إلى الاتحاد. ويظهر أنه اعتبر أنها فرصة سانحة للحصول على أموال إضافية. ولكن لم يتحقق ما يريده على الصعيد العسكري ولا على الصعيد الاقتصادي».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115