للحديث بقية: زمن الكورونا

يعيش العالم حالة هلع غير مسبوقة بسبب تفشي فيروس كورونا بشكل كبير والذي أودى بحياة المئات مما دفع منظمة الصحة العالمية الى اعلان

حالة الطوارئ على نطاق دولي لمواجهة هذا الخطر الداهم . وظهر هذا الفيروس في الصين، لأول مرة في 12 ديسمبر 2019، بمدينة ووهان ، إلا أن بكين كشفت عنه رسميا منتصف جانفي الماضي.
لقد حوّل هذا الفيروس مناطق كاملة الى مدن أشباح مهجورة في أكثر من بلد في العالم ، وشبّه البعض ما يحدث بانه حرب عالمية ثالثة في وجه هذا العدو غير المرئي . ولعل مشهد كاتدرائية السيدة العذراء مريم في ميلانو والتي تعد من أضخم الكاتدرائيات في أوروبا وهي تقفل أبوابها أمام الزائرين لأول مرة منذ ان ضرب الطاعون ميلانو في عام 1629 ، يؤكد أننا إزاء حرب بيولوجية متوحشة حولت المناطق التي كانت حتى الأمس القريب من أكثر المناطق أمنا وجذبا للسياح الى مدن مهجورة .
ولعل انعكاسات تفشي الفيروس الصحية والاقتصادية تكاد تشبه خسائر الحروب المتفجرة في أكثر من مكان في العالم وخاصة في الشرق الاوسط . فقد تسبب بخسائر اقتصادية فادحة للصين وكذلك في مختلف الدول التي انتشر فيها . فيما أعلن المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول امس إن تقديرات نمو الطلب العالمي للنفط هي الأدنى في السنوات العشر الأخيرة وقد يتم تخفيضها أكثر بسبب تأثير انتشار هذا الفيروس.
ولعل المفارقة هو في تسييس بعض الأطراف الدولية لانتشار هذا الوباء رغمأانه خطر عالمي يهدد صحة البشرية جمعاء وليس هناك أي مكان في العالم بمنأى عنه . فقد صرح أحد المسؤولين الأمريكيين امس بأن انتشار فيروس كورونا في ايران خطر أكثر من انتشاره في اية دولة أخرى بسبب ما اسماه « نقص الشفافية» . وذلك في محاولة أمريكية لتسييس هذا المرض أيضا في اطار الصراع والحرب الكلامية المتواصلة بين طهران وواشنطن. وفي لبنان أدى الكشف عن مصابة إيرانية بالفيروس قادمة من ايران الى اندلاع موجة من الانتقادات والمهاترات الإعلامية لدى بعض خصوم ايران ، في بلد منقسم بين مؤيد ومعارض للجمهورية الإسلامية، مما دفع البعض الى استنكار هذه المواقف البعيدة عن العقلانية والتحليل العلمي. في حين دافع المؤيدون لطهران وحلفاؤها في هذا البلد عن التطور العلمي الذي وصلت اليه الجمهورية الاسلامية رغم 40 عاما من الحصار. فايران طورت في السنوات الأخيرة علاجاتها ضد امراض « الايبولا» وغيرها وتخصص ميزانيات هائلة للبحث العلمي . وهي اليوم تواجه خطر انتشار فيروس كورونا الذي وصلت عدد وفياته الى 15 شخصا، فيما تم تسجيل 95 حالة بحسب وزارة الصحة الايرانية.
وفي خضم كل هذا السجال ، يواصل فيروس كورونا الانتشار وايقاع المزيد من الضحايا ، فقد سجلت أربع دول عربية جديدة إصابات بفيروس كورونا، مع إعلان البحرين والعراق وسلطنة عمان والكويت حالات جديدة، بالإضافة إلى رصد حالات في لبنان والإمارات ليصل عدد الدول العربية التي سجلت حالات على أراضيها إلى ست دول.
فالعالم اليوم برمته يبدو في حالة استنفار قصوى في مواجهة هذا الخطر الفيروسي الداهم، ريثما يقول الطب والعلم كلمته ويحسم هذه المعركة «الطبية» التي اندلعت ولا أحد يعلم متى ستتوقف وكيف ستنتهي .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115