عملية عسكرية تركية في سوريا: تطورات دراماتيكية ونذر حرب عنيفة تلوح بالأفق

شنّ الجيش التركي وفصائل سورية موالية له هجوما واسعا أمس على مدينة إدلب، واندلعت مواجهات عنيفة مع الجيش السوري

بعد اقتحام القوات التركية لبلدة النيرب، في تطور دراماتيكي للأحداث في الشمال السوري بعد ساعات من تهديدات وجهتها أنقرة لدمشق على خلفية تقدم قوات الجيش السوري وسيطرتها على عدد من المدن التي كانت تحت سيطرة الفصائل المسلحة. وأبدت روسيا رفضها للتهديدات التركية إلا أن ذلك لم يثن حكومة اردوغان عن تنفيذ تهديداتها وذلك في تطور قد يزج بالمنطقة في حرب جديدة بعد أن كثر الحديث عن تسوية سياسية وانفراجة قريبة قد تنهي سنوات طوال من الحرب ، إلا أن التعنت التركي الأخير والذي اعتبره البعض تم بمباركة أمريكية سيزيد من تعقيدات المشهد ويؤجل أية تسوية متوقعة.
وقالت وسائل إعلام إن الجيش التركي بدأ هجوما بريا في جنوب شرق إدلب لاستعادة بعض المناطق التي خسروها.وكشفت وسائل إعلام تركية أن المدفعية التركية قصفت مواقع للجيش السوري تمهيدا لتقدم دبابات تركية، فيما ردت القوات السورية بتدمير عربات تركية.
يشار إلى أن هذا التصعيد التركي يأتي بعد أن فقدت تركيا السيطرة على مدينة «النيرب» بعد أيام فقط من السيطرة عليها إذ سرعان ما استعادتها قوات الحكومة السورية.وتحوز مدينة «النيرب» أهمية إستراتيجية واقتصادية هامة باعتبارها احد مداخل مدينة ادلب .وخلال الفترة الأخيرة زادت حدة المواجهات بين القوات السورية والجنود الأتراك.
وعلى صعيد متصل رفضت روسيا أمس الأوّل أن يتبنّى مجلس الأمن الدولي إعلانا يطالب بوقف العمليات القتالية واحترام القانون الإنساني الدولي في شمال غرب سوريا، بناء على اقتراح فرنسا.وخلال الاجتماع العلني، طلب السفير الروسي لدى المنظمة الدولية فاسيلي نيبنزيا من الدول الغربية الكف «عن حماية المجموعات الإرهابية» و«اللجوء إلى ورقة معاناة» المدنيين «ما إن تتعرض مجموعات إرهابية للتهديد» في سوريا.
تعقيد جديد للأزمة
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي السوري عبد القادر خليفة لـ«المغرب» انّ «الرئيس التركي أردوغان يحاول عسكريا الوقوف بوجه استعادة الدولة السورية سلطتها وسيادتها على أراضيها في محافظة ادلب وأريافها الشمالية والغربية بعد استعادة الجيش السوري لمدن هامة جنوب محافظة ادلب وإكمال تحرير كامل ريف حلب و تأمينها بشكل كامل ، وبكل تأكيد فإن الدخول العسكري التركي بشكل مباشر في الجبهات الداخلية السورية سيعقد المشهد ليس السوري فقط وإنما الإقليمي خصوصا والدولي بشكل عام ، و قد رأينا بالأمس كباشا سياسيا دوليا في مجلس الأمن الدولي».
وبخصوص الدعم الأمريكي للهجوم التركي أجاب محدّثنا أن «الدعم الأمريكي واضح من خلال تصريحات وزير الخارجية بومبيو الذي قال إن واشنطن تقف إلى جانب حليفتها تركيا ضد عمليات الجيش السوري في إدلب . وفي حقيقة الأمر تدفع واشنطن تركيا بشكل حماسي للمواجهة مع الجيش السوري وبطبيعة الحال مع روسيا التي تملك قوات و قواعد عسكرية قريبة من ادلب منذ العام 2015 وتستثمر واشنطن في تلك المواجهات إن حصلت وتطورت بشكل متصاعد تستثمرها واشنطن في الملفات العسكرية والاقتصادية والسياسية في مواجهة روسيا و نفوذها في المنطقة . وتابع «هذا الدعم الأمريكي تبلور بشكل خاص بعد استعادة الدولة السورية سيطرتها على الطريق الدولي السريع دمشق حلب وإعادة افتتاح مطار حلب لأول مرة منذ 6 سنوات ما يعني أنّ الزخم السوري في تحرير باقي المناطق حتى الحدود التركية سيتصاعد سريعا .
واضاف «يجب أن لا ننسى أيضا أن بين تركيا و روسيا اتفاقات عسكرية تعارضها واشنطن أهمها منظومة صواريخ S400 الدفاعية و رفض تركيا الاستغناء عنها بطلب واشنطن ، فالمصلحة الأمريكية واضحة في النزاع الروسي التركي ولو كان محدودا».
وبخصوص تطورات المشهد في الساعات المقبلة قال الكاتب السوري «في هذه الأثناء تتوارد أنباء من الجبهة الشمالية عن مواجهات سورية مع قوات احتلال برية تركية ومحاولة الجيش التركي التموضع في عدة نقاط يواجهها الجيش السوري عبر سلاحي البر والجو وبغطاء روسي أيضا، إذا الوضع الميداني دخل مرحلة التصعيد، والتطورات إن باتجاه الحرب واردة، فالجيش السوري لن يتراجع عن تحرير الأراضي السورية حتى الحدود التركية، ونوايا أنقرة كما يقول الرئيس اردوغان منع الجيش وإعادته إلى خلف خطوط اتفاق سوتشي».
واعتبر محدثنا أن هذه المواجهة وتطوراتها باتت مرهونة بمواقف روسيا وأمريكا صاحبتي التأثير المباشر، ونرى أن حتى القمة التي دعت إليها طهران مع موسكو وأنقرة لم يتفق على انعقادها حتى الآن بسبب عدم موافقة أنقرة ما يعني أن التأثير الأمريكي في غاية ثقله، بانتظار تطورات ميدانية، وقد يعول الأمريكي على نجاح التركي في أهدافه و استثمار هذا النجاح، وفي المقابل يبدو الروسي أكثر إصرارا على أن الدولة السورية تقوم بتحرير أراضيها من الإرهاب و فشل تركيا بتنفيذ اتفاقات سوتشي وقد حان الوقت لتنفيذها عسكريا .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115