الجيش السوري يؤمن مدينة حلب بالكامل: سوريا نحو معادلات ورهانات جديدة

تمكن الجيش السوري من توسيع سيطرته في محيط مدينة حلب شمال البلاد محققا بذلك نصرا جديدا على الجماعات المقاتلة

في مقدمتها «هيئة تحرير الشام» جبهة النصرة سابقا والفصائل الأخرى. وتأتي هذه الخطوة بعد أقل من اسبوع من استعادة سيطرة النظام على كامل الطريق الدولي حلب - دمشق والذي يصل المدينة من الجهة الجنوبية الغربية. ويأتي تقدم الجيش السوري في حلب في إطار هجوم واسع بدأه في ديسمبر في منطقة إدلب ومحيطها في شمال غرب البلاد.

والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي انعكاسات هذا التقدم الميداني للنظام على العملية السياسية وعلى مستقبل التسوية وخاصة فيما يتعلق بمواقف الدول المؤثرة في الملف السوري؟

تطورات متسارعة
فاليوم ومن خلال قراءة المشهد الميداني، يبدو أنّ جميع الدول الداعمة للجماعات المسلحة المعارضة للنظام أصبحت في وضع محرج بعد ان تمكن الجيش السوري من استعادة السيطرة على جميع المناطق الواقعة تحت سيطرة هذه الجماعات وبات القرار العسكري في الميدان بيد دمشق . في هذا السياق يرى الكاتب والمحلل السوري د. خيام الزعبي لـ«المغرب» ان معركة استعادة ما تبقى من المناطق القابعة تحت سيطرة المتطرفين قد اقتربت ليعلن بعدها الانتصار النهائي للجيش السوري» .ويتابع بالقول: «اليوم تتواصل الاستعدادات العسكرية السورية لمعركة استعادة مدينة ادلب ، التي تتمترس فيها ما يسمى بجبهة النصرة وأجناد القوقاز ومجموعات تابعة للجيش الوطني المرتبط بتركيا، لأن المنتصر فيها سيلعب الدور الأبرز في إعادة رسم هوية المنطقة وحدودها، وتوازنات القوى فيها، وهذا ما يفسر التحشيد العسكري السوري الكبير لحسمها، خاصة بعد أن بدأ انكسار شوكة الإرهاب في سوريا».

تأسيساً على هذه الوقائع، قرى بالجملة تعود سريعاً لسيطرة الجيش السوري، إثر معارك تساقطت فيها تلك المجموعات الإرهابية واستعادت خلالها الجيش السوري زمام المبادرة العسكرية، وفي الجهة الأخرى تحاول أنقرة استعادة المبادرة الميدانية، عبر دعم هجمات جديدة للمسلحين في محاولات لاستعادة بعض ما خسروه من مناطق في الهجوم الأخير من خلال إرسال أكبر عدد ممكن من مقاتليها إلى سوريا ومدهم بالأسلحة وكل الإمكانات اللوجستية. ويضيف محدثنا بالقول: «ورغم مواصلة تركيا إطلاقها التهديدات الصوتية، والمطالبة بالانسحاب إلى ما وراء نقاط المراقبة التركية والتي جعلت البعض يشعر بالملل والكآبة بسبب تكرارها، سيطر الجيش السوري على مواقع جديدة غرب حلب، حيث أصبح على مقربة من الحدود السوريّة التركية وفي الوقت نفسه يواصل الجيش عملياته العسكرية بريف حلب الجنوبي الغربي منتزعاً بلدة «كفرناها» وبهذه السيطرة يكون الجيش قد سيطر على أحد مقاطع الطريق السريع «إدلب- حلب»». ويرى الزعبي بان تركيا أصبحت أقل قدرة على تحقيق رهاناتها في إدلب وشمال سوريا خاصة بعد استعادة الجيش السوري وحلفاؤه زمام المبادرة هناك.

رسائل للخارج
من الواضح أن دمشق حسمت الموقف في استعادة السيطرة على محافظة إدلب وبعثت بذلك برسائل ساخنة وخطيرة إلى تركيا . ويضيف الزعبي : «سوريا مستمرة في مكافحة الإرهاب وتنظيماته المتعددة، وفي المقابل رفض الجيش رفع الراية البيضاء والاستسلام ، وأستطاع قلب المعادلة وسط تصاعد في الرد السوري في الجبهات،. في هذا السياق تأتي الخيبة التركية بعد أن كانت تظن بأنها ستحقق أهدافها في سوريا، من خلال تقسيمها وتفتيتها عبر وكلائها الإقليميين، كما كانت تعتزم إعلان زعامتها مجدداً على المنطقة وبناء معادلة إقليمية وتوازن قوى جديد، لكن هذا الأمر لم يحصل، بل على العكس فقدت مكانتها الإستراتيجية في المنطقة، وبذلك دفعت ثمناً سياسياً ودبلوماسياً باهظاً لمغامرتها الطائشة في سوريا». ويضيف :«ان التنظيمات المتطرفة العالقة في إدلب قلقة أكثر من الجميع، فلا فرصة أمامها للصمود ، فهذه التنظيمات مدركة تماما حتمية الهزيمة، إذ تحاول الفرار من سوريا بصورة جماعية سواء إلى تركيا أو إلى الدول الأوروبية عارضة مبالغ كبيرة لتمكينها من ذلك.

فاليوم يحقق الجيش السوري انتصارات متواصلة فيما خسرت تركيا رهاناتها العسكرية. ويبدو أن المنطقة مقبلة على بركان ثائر، فإما قبول أطراف الصراع بالجلوس إلى طاولة المفاوضات وإنهاء الأزمة وإما الاستمرار في الحرب والصراع بكل ما تحمله من مآسي للشعب السوري الذي دفع غاليا فاتورة هذه الحرب العبثية .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115