نشطاء ودبلوماسيون في الملتقى الحواري العربي الثالث: كيف يمكن مواجهة «صفقة القرن» ؟

تحت شعار «من أجل بناء رؤية شاملة لدحر المشروع الأمريكي للتسوية (صفقة القرن)» اجتمع ثلة من النشطاء والدبلوماسيين والباحثين

في مقرّ المنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة في الملتقى الحواري العربي الثالث الذي نظمه المؤتمر الدّولي للتضامن النّضالي التشاركي مع الشّعب الفلسطيني بحضور سفيري فلسطين وفنزويلا. وذلك لبحث آليات مواجهة صفقة القرن من خلال وضع استراتيجيات دبلوماسية وسياسية وحقوقيّة لمواجهة هذه الصفقة التي تأتي ضمن المخطّطات الأمريكيّة لتنفيذ مشاريعها الاستعماريّة سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في أمريكا الجنوبية وباقي مناطق العالم. تتعدد السياقات والأشكال لكن الهدف يبقى واحدا.

وقد أكد سفير دولة فلسطين في تونس هايل الفاهوم انه من الأهمية التفكير في وضع استراتيجيات مبنية على الفكر والقراءة الموضوعية لكافة الاحداثيات وتطوير استراتيجية فعل مبنية على معرفة الذات ومعرفة الاقليم والآخر . وأضاف بالقول: «كلمة التشاركي معبرة جدا لان التضامن لا يعبر عن الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني أمام استراتيجية كونية موجهة ضد البشرية جمعاء في اطار الهيمنة الفوقية وهي شكل جديد من أشكال الاستعمار في مصلحة أقلية تتحكم بالقرارات الاستراتيجية لهيمنة دولة تعتقد أنها فوق الجميع» . وبيّن الفاهوم ان الشعب الفلسطيني صامد على أرضه بالرغم من كل محاولات اقتلاعه من وطنه وتبخير هويته الوطنية وتزوير الحقائق التاريخية المتعلقة بالحق الفلسطيني . وقال انه يجب ان نركز على الحق الفلسطيني المطلق في اقامة دولته على ارضه في فلسطين ، وان لا مساومة على الحقوق . هنا نكون قد حددنا المرجعيات الأساسية التي حاولت الحركات المختلفة تركيزها ، سواء الاستعمارية او الاستعمارية الموازية ، وذلك في إطار المراحل التاريخية المتعددة من احتلال الأرض الى السيطرة على المصادر والثروات الى تسيير الشعوب واستعبادها الى الهيمنة على عقولها» .

وتابع :«في اعتقادي ان الركائز الأساسية للإستراتيجية الاستعمارية والاستعمار الجديد الذي طوّر نفسه بأشكال مختلفة، كانت مبنية على خمسة إحداثيات تطورت من قبل نخب شيطانية من داخل إطارات ومؤسسات ما يسمى بالدولة العميقة ومارسوها ليس فقط على شعوبنا ولكن نسبة عالية من شعوبهم أيضا».
فطوروا استراتيجيات التجهيل في الحقائق الموضوعية وفرضوا برامج ومرجعيات محددة ليست لها وجود لا في الواقع الانساني ولا في الواقع الحقوقي او التاريخي. وأشار السفير الفلسطيني الى ان استراتجيات الدول الاستعمارية تقوم على الهيمنة على منطقتنا من خلال نشر الحروب الأهلية في منطقتنا العربية من تقتيل فيما تنهب هذه الدول ثرواتنا ، وكذلك تطوير استراتيجيات التفقير والإحباط.

وقال ان هؤلاء كانوا على مرّ التاريخ بحاجة ليبرروا جرائمهم ضد شعوب العالم لتبرير المواقف الإجرامية من خلال صنع أعداء وهميين للسيطرة على شعوبهم ويبرروا جرائمهم تجاه الآخر . وبيّن ان كل الأخبار المسربة عن كل الحركات المتطرفة والإرهابية تتحدث عن كيفية صناعة هؤلاء الأعداء لتشويه مجتمعاتنا من داخلها اولا ولأخذ مبررات للاعتداء علينا .

وتابع :«نحن بحاجة الى محاولات للانتقال من مراحل ردّات الفعل المبنية على العاطفة - ونتيجتها الانجازية زمنية مؤقتة وبعدها تختفي فعاليتها وهي مراكمات الاصفار- وتطويرها الى ما يسمى باستراتيجيات الفعل المبنية على القراءة الموضوعية لمقدراتنا الذاتية الوطنية . وتطوير استراتيجيات الفعل المبنية على الفكر والتخطيط والتنظيم ومراكمة الانجازات حتى لو كانت متواضعة حينها سنكتشف الطاقات الكامنة داخل مجتمعاتنا .

وأكد ان الحركة الصهيونية تمّ تكوينها في الساحة الأمريكية والأوروبية بعد انطلاق استراتيجية الهيمنة على أهم منطقة جيوسياسية ومصادرها الطبيعية من المشرق العربي الذي أصبح اسمه الشرق الاوسط الى المغرب العربي الذي صار اسمه شمال افريقيا حتى يوزعوا المنطقة ويفتتوها وكان لا بد من قاعدة وظيفية .

فصنعوا ما يسمى بالحركة الصهيونية الاستيطانية التي أقامت أول مؤتمر لها في بازل وحينها أعلن 95 بالمئة من المواطنين اليهود في شرق أوروبا عن رفضهم لها وكانوا يعتبرونها تهدف الى تهجيرهم واستخدامهم كحطب في خدمة استراتيجية مركزية تخدم مصالح دولة كبرى. صحيح ان الشعب الفلسطيني كان الضحية المباشرة لهذه الاستراتيجية ولكن الهدف الأساسي هو سلب حقوق الأمة العربية من شرقها الى غربها .

دعم فنزويلا
من جانبه اكد سفير فنزويلا كارلوس تضامن فنزويلا مع العرب والفلسطينيين وخاصّة بعد إعلان صفقة القرن، وشدد على أهمية البحث سويّا عن آليات عمل مشتركة لمواجهتها والانتقال من التضامن العاطفي إلى خطوات عمل حقيقيّة، وتقاسم تجارب النضال والمقاومة، على غرار تجربة منتدى ساوباولو للأحزاب والقوى اليسارية النضالية التقدّمية في أمريكا الجنوبية كخطّة ملموسة لمواجهة العدوان الأمريكي على شعوب أمريكا اللاتينية، واضاف :«كما ان المنتدى يحتوي على حركات يسارية داخل أمريكا والتي تدعم بقوّة القضية الفلسطينية، وتأتي في نفس السياق تصريحات رئيس جمهورية فنزويلا نيكولاس مادورو في منتدى ساوباولو الأخير بكاركاس والذي جدّد فيه دعم بلاده فنزويلا الكامل لنضال الشعب الفلسطيني. ونحن في ذمتكم لمواصلة دعم هذه القضية على الصعيد الإعلامي مثلا عبر قناة « تلفزة سور» «Télé Sur» التي تديرها كلّ من فنزويلا وكوبا حاليا وتغطّي أخبار دول أمريكا الجنوبية باللغتين الإسبانية والإنقليزية وتصل كذلك إلى داخل ولايات المتّحدّة الأمريكية لبث الأخبار الصحيحة المتعلقة بمنطقة أمريكا الجنوبية، تحقيقا لمبدأ تنوّع مصادر استقاء المعلومات في وسائل الإعلام. لذا فإنّ أول خطوة عملية يمكن لنا القيام بها الآن هي قطع العلاقة مع وسائل الإعلام الغربية المزيّفة للحقائق.» وتابع سفير فنزويلا :«لطالما كانت الشعوب العربيّة متضامنة مع القضية اللفلسطينية ومناوئة للكيان الصهيوني لكن المطلوب اليوم هو التصدّي بقوّة وبحزم للإستراتيجية الأمريكيّة، وبالتحديد إدارة الرئيس ترامب التي تشير كلّ التوقعات إلى بقائه لرئاسة ثانية، حيث كان دائما مبادرا وداعما للقرارات السيئة ضدّ الشعبين الفنزويلي والفلسطيني. وهي قرارات تستند إلى تنوّع الاستراتيجية الأمريكية في حصار الشعوب والتدخل في شؤونها الداخليّة وتوظيف مختلف الوسائل الممكنة لتحقيق تلك الغاية بما في ذلك العامل الدّيني، وما محاولات تدعيم أمريكا للحركات الإنجيلية بأمريكا الجنوبية إلى خير دليل على ذلك، علاوة على الانقلاب على رؤساء شرعيين وتعيين آخرين موالين كما حدث مع الرئيس البرازيلي الحالي الموالي والرئيس البوليفي المنقلب عليه. ونفس الشيء أرادوه في فنزويلا إلا أنّ المحاولات باءت بالفشل بفضل صمود الشعب الفنزويلي وجيشه الوطني». وتابع :«نحن من هذا المنطلق نسعى دائما إلى مساندة القضية الفلسطينية وحق الشعوب في تقرير مصيرها والتصدّي لكلّ المخطّطات الإمبريالية ومقاطعة إسرائيل والولايات المتّحدّة الأمريكية في مختلف منصّاتنا وتجمعاتنا، سواء عبر منتدى ساوباولو أو قنوات « تيلي سور» «Télé Sur».»

أدوات علمية للنضال
من جهته ، اكد عابد الزريعي المنسق العام للمؤتمر الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني  ان فلسطين تواجه لحظة تاريخية يترتب عليها ما يترتب من مسار الأمة من محيطها الى خليجها . وسيكتب التاريخ ان صمود فلسطين في وجه المعركة التي تخاض اليوم في فلسطين كان بسبب المقاومة المنبثقة عن ارادة شعوب العالم وانسانية العالم لصياغة التاريخ الذي يتفق في مضامينه مع قيم الانسان والعدالة.

وبيّن ان الملتقى الحواري العربي هو الملتقى الثالث الذي يعرضه المؤتمر الدولي للتضامن النضالي الاشتراكي التشاوري مع الشعب الفلسطيني . مشددا على انه يجب البحث عن الخطوات العلمية والاستراتيجيات العلمية لمواجهة اللحظة التي نقف أمامها . من أجل بناء رؤية شاملة لدحر المشروع الامريكي للتسوية « صفقة القرن» . وبيّن الزريعي ان هناك برقيات للدعم والتفاعل والمشاركة تشكل سندا قويّا للملتقى والمتأتية من: دائرة العلاقات الفلسطينية لحزب الله، والمكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتجمع الشباب الناصري بموريتانيا، والحركة المدنية الديمقراطية بمصر وجمعية إسراء للثقافة والعلوم بسيدي بلعباس بالجزائر، ورئيس البيت العربي بأوكرانيا ، ومنتدى قرطاج للأخوة التونسية الفلسطينية بفلسطين وغيرها. وقال انه أمام كل هذه التحديات التي تواجه منطقتنا سنجد أنفسنا ننشد أكثر للقضايا والاستراتيجيات العملية التي تجعل من تعاملنا مع صفقة القرن لا يقف عند حدود التحليل والتعبير وانما عند مناقشة الأدوات العلمية للنضال ضدها .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115