سياسيا اقتصاديا أمنيا واجتماعيا: مالذي سيتغير بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ؟

لاشك أن قرار الانفصال الرسمي لبريطانيا عن الاتحاد الأوروبي والذي دخل حيز التنفيذ أمس الجمعة ستكون له تبعات وخيمة سياسيا واقتصاديا

على الاتحاد الأوروبي الذي يعاني من أزمة مالية في منطقة اليورو وهجرة جماعية غير مسبوقة من دول الحروب في الشرق الأوسط ومعضلة إرهاب عابر للقارات، وأيضا تأثيرات خطيرة على الجانب البريطاني الذي يتخبّط لتجاوز النتائج القريبة والبعيدة لقراره الانفصال عن القارة العجوز.على الصعيد السياسي كما الاقتصادي والاجتماعي سيكون لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي متغيّرات عدة باعتبارها دولة عضو في مجلس الأمن وأيضا هي دولة تمتلك جيشا قويا مايجعل تأثيرات الخروج غير مقتصرة على الجانب الاقتصادي والسياسي بل على الجانب الأمني أيضا.

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد فوز معسكر «الخروج» على معسكر «البقاء» في انفصال تاريخي بعد علاقة استمرت 47 عاما، غيّر وسيغير خطوط المشهد السياسي البريطاني في مرحلة أولى والعالمي في مرحلة ثانية كما كانت له تداعيات سياسية واقتصادية عدة باعتبار المملكة إحدى قاطرات التكتل الأوروبي والفاعل الاستراتيجي على المستوى الأوروبي، والنموذج على المستوى الديمقراطي ، في وقت تتنامى فيه حدّة النزعة الانفصالية عن القارة العجوز ووضعها أمام تحدّي الحفاظ على الوحدة وحرب النأي بالوحدة الأوروبية عن التجاذبات الإقليمية والدولية. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هل بدأ عصر نهاية التكتلات الإقليمية؟

المشهد السياسي البريطاني عاش على وقع اضطرابات مستمرة منذ الإعلان عن خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي ، ممّا أحدث شرخا عميقا وانقساما جغرافيا حادّا في البلاد بين مؤيدي البقاء ورافضيه.ويرى مراقبون أنّ الانقسام الذي أحدثه الاستفتاء غذى الصراع السياسي داخليا ، و فتح الباب أمام تصدع الاتحاد الأوروبي بعد خمسين عاما على البناء الشاق.

وبعد الخروج الذي دخل حيز التنفيذ يوم 31 جانفي تدخل بريطانيا فترة انتقالية، مدتها 11 شهرا.وخلال هذه المدة تستمر المملكة في الخضوع والامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي ومنها دفع المساهمات المالية أيضا وستحتفظ محكمة العدل الأوروبية بحق الفصل في النزاعات القانونية التي لها علاقة بالمملكة.

والى جانب استمرار بريطانيا في تطبيق عدد من القواعد ستتغير أمور أخرى بعد الخروج من بينها فقدان الأعضاء البريطانيين في البرلمان الأوروبي لمقاعدهم وعددهم 73 عضوا باعتبار أنّ بريطانيا ستغادر بشكل تلقائي كافة المؤسسات والكيانات والمنظمات السياسية التابعة للاتحاد الأوروبي.

ستفقد بريطانيا أيضا حقها في المشاركة التلقائية والمتجددة في قمم الاتحاد الأوروبي الدورية وسيكون حضور أي مسؤول وعلى الأغلب رئيس الوزراء البريطاني بدعوة شخصية يتم توجيهها قبيل القمة.

وعلى الصعيد التجاري بإمكان بريطانيا اليوم الدخول في محادثات ذات صبغة تجارية اقتصادية مع كافة دول العالم دون التقيد بقيود الاتحاد الأوروبي وبقواعد وشروط جديدة تضعها الحكومة البريطانية . إذ تحتم عضوية أية دولة للاتحاد الأوروبي على الدول المعنية ضرورة التقيد وعدم إجراء مفاوضات تجارية مع عدد من الدول منها أمريكا واستراليا . ويسعى ساسة بريطانيا إلى استفادة بلادهم من هذه الحرية التجارية التي باتت تتمتع بها المملكة عبر مساع جادة لوضع سياسات تجارية خاصة وجديدة تصب في مصلحة البلاد وتعزيز الاقتصاد الداخلي والانفتاح على أسواق جديدة.

يشار إلى أنه بعد انتهاء الفترة الانتقالية المقررة بـ11 شهرا للتمتع بنفس المعاملات التجارية ، فإنه بعد انقضاء هذه المدة يتعين على سلطات المملكة العمل على مواجهة الرسوم الجمركية التي سيتم فرضها على سلعها وبضائعها.

إجراءات وتغييرات
وفق تقارير اعلامية ستعود جوازات السفر ذات اللون الأزرق الداكن، بعد مرور أكثر من 30 عاماً على استبدالها بجوازات السفر ذات اللون الأحمر القاني.ويذكر أن وزير الدولة لشؤون الهجرة، براندون لويس، كان قد أشاد بخطوة العودة للتصميم «الأيقوني» لجواز السفر ذي اللون الأزرق الداكن، الذي اعتُمد لأول مرة عام 1921.وبطبيعة الحال، ستبقى جوازات السفر ذات اللون الأحمر القاني صالحة.

كما ستطرح الحكومة البريطانية ثلاثة ملايين قطعة نقدية تذكارية، من فئة الـ50 بنساًتحمل عبارة: «السلام والرخاء والصداقة مع كل الأمم»، إلى جانب تاريخ الخروج الموافق 31 جانفي 2020. سيتم حل الفريق الحكومي الذي تولى مفاوضات الخروج بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، واتخاذ الإجراءات التحضيرية لخروج بريطانيا من الاتحاد دون اتفاق.أما فيما يتعلق بالمحادثات المستقبلية، فسيتخذ فريق التفاوض مع الاتحاد من مبنى رئاسة الوزراء، في داوننغ ستريت، مقراً له.

لن يمكن إعادة بعض من المشتبه في ضلوعهم في ارتكاب جرائم إلى المملكة المتحدة، حال فرارهم إلى ألمانيا؛ إذ لا يسمح الدستور الألماني بتسليم المواطنين الألمان إلا للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

لأن الفترة الانتقالية ستبدأ بعد الخروج الرسمي، مباشرة، ستظل الغالبية العظمى من الأمور على حالها، حتى نهاية ديسمبر 2020، على أقل تقدير. سيعامل المواطنون البريطانيون معاملة الأوروبيين، خلال الفترة الانتقالية وسيستمر تسيير القطارات والقوارب والرحلات الجوية، كالمعتاد. وخلال الفترة الانتقالية. ولدى مراجعة جوازات سفرهم، سيبقى بإمكان مواطني المملكة المتحدة الاصطفاف في الطوابير المخصصة لوصول مواطني الاتحاد الأوروبي فقط.

رخص القيادة وجوازات سفر الحيوانات الأليفة ستظل صالحة، طالما كانت سارية.ستواصل المملكة المتحدة المساهمة في ميزانية الاتحاد الأوروبي، خلال الفترة الانتقالية، ما يعني أن الاتحاد الأوروبي سيواصل تمويل الخطط البريطانية الممولة من قبله.كما ستستمر التجارة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي دون فرض أي رسوم أو حواجز جمركية إضافية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115