بعد مخاض عسير: ولادة صعبة للحكومة اللبنانية وسط واقع داخلي وإقليمي مُعقد

تم الإعلان يوم أمس الأول في لبنان عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة رئيس الوزراء المكلف حسان دياب في ظل أزمة سياسية وشعبية

حادة يعيشها الشارع اللبناني منذ أشهر طويلة وصفها البعض بالانتفاضة الشعبية بعد أن نجح المتظاهرون في دفع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى الاستقالة. وتواجه هذه الحكومة الكثير من الصعاب والمطبات مع استمرار الغضب الشعبي في الشوارع اللبنانية ضد الفساد والمحسوبية والنخبة السياسية الحاكمة.

وقال دياب في مؤتمر صحفي بعد إعلان حكومته «المهم الآن أن نحفظ الاستقرار ونؤازر الجيش والقوى الأمنية».وتضم الحكومة الجديدة 20 حقيبة وزارية يشغلها وزراء مدعومون من أحزاب ممثلة في البرلمان. كما طالب الرئيس اللبناني ميشال عون الحكومة الجديدة أمس الأربعاء بضرورة العمل لمعالجة الأوضاع الاقتصادية واستعادة ثقة المجتمع الدولي بالمؤسسات اللبنانية.ونقل مكتب عون عنه قوله في أول اجتماع للحكومة الجديدة «مهمتكم دقيقة». وأضاف أن على الحكومة العمل لتعويض ما فات خلال الفترة الماضية.وتضم الحكومة الجديدة، التي توصف بأنها حكومة تكنوقراط، 6 نساء للمرة الأولى في تاريخ البلاد.

ورغم أنّ مراقبين اعتبروا الحكومة الجديدة متوازنة من حيث التركيبة إلا أن المعارضات أيضا كان لها نصيب كبير خاصة بعد انتقادات لبعض الأسماء المقترحة في حكومة حسان دياب الجديدة.

ولئن يرى البعض أن الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة سيبث نوعا من الهدوء في البلاد بعد أسابيع من التوتر، يرى البعض الآخر أن فشل السلطات الحالية في تشكيل حكومة بكفاءات غير فاسدة ، خصوصا بعد الجدل والغضب الكبيرين بعد الأنباء والاحتمالات القائلة أن السلطة تسير نحو تعيين وزير المالية اللبناني السابق، محمد الصفدي خلفا لرئيس الوزراء سعد الحريري، إلا أن ذلك لم يرق للشارع اللبناني الذي سرعان ما صدح صوته الغاضب مناديا بعدم تعيينه لما يتعلق به من اتهامات بالفساد.

تخبط الشارع
وتواجه الحكومة اللبنانية الجديدة مظاهرات شعبية لم تنقطع بعد توقعات دولية بعودة الهدوء وذلك اثر استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري إلاّ أنّ السلطات تفاجأت بارتفاع سقف المطالب وسط دعوات للقطع مع منظومة الفساد والمحسوبية المهيمنة على أغلب دواليب الدولة.

ويرى مراقبون أنّ بداية الاحتجاجات الشعبية في لبنان كانت عفوية إلاّ أنها سرعان من دخلت في أتون التجاذبات السياسية بعد مساعي أطراف حزبية وسياسية للاستفادة من ثمار الهبة الشعبية التي يقودها الشعب اللبناني منذ أسابيع ، ولئن لم يكن نجاح هذه الأطراف كاملا إلاّ أن تأثيرها النسبي ساهم في خلق نوع من الاحتقان وأعمال العنف التي تخللت التظاهر بعد أن كانت في البداية مرفوقة بأجواء سلمية مبهجة.واعتبر مراقبون أنّ ما يعيشه لبنان اليوم انتفاضة شعبية بمطالب مشروعة ، إلا أنّه يخشى من تحويل هذه المظاهرات العارمة عن وجهتها وتحويلها إلى فوضى كارثية تلقي بظلالها على المشهد في البلاد، خصوصا بعد المواجهات الليلية الأخيرة والصدام بين ممثلي الأحزاب ولجوء البعض إلى أعمال العنف وقطع الطرقات.

والى جانب الوضع الاجتماعي والاقتصادي الهش الذي يعيش على وقعه لبنان في الآونة الأخيرة مع تصاعد حدة الحركات الاحتجاجية في البلاد، يجد بلد الأرز نفسه محاطا بواقع إقليمي مشوب بالتوتر في أغلبه على غرار مايحصل في سوريا والعراق واليمن والصراع الإيراني الأمريكي في المنطقة وما يحمله ذلك أيضا من تداعيات مباشرة على واقعه الداخلي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115