الجنرال قاسم سليماني بضربة أمريكية في بغداد قبل أيام قليلة . واستهدفت الصواريخ الإيرانية قاعدتي «عين الأسد» و»أربيل» وسط قراءات مختلفة للردّ الإيراني وانتظارات حذرة للموقف الأمريكي . يشار إلى أن إن قاعدتي عين الأسد وأربيل هما من أبرز وأكبر القواعد الجوية في العراق. وأشار إلى أن القاعدة الثانية، والواقعة في إقليم كردستان، هي «أمريكية بحتة» وأقرب القواعد الأمريكية من الحدود الإيرانية على مسافة 115 كلم .
وتضم القاعدة الأمريكية ‘’عين الأسد’’ عددا كبيرا من الجنود والمستشارين من جملة 5 آلاف جندي ومستشار عسكري أمريكي في العراق، يتوزّعون على أكثر من 12 قاعدة عسكرية، كما تضم قاعدة ‘’عين الأسد’’ مباني عسكرية ومخازن محصنة ومرافق خدمية.
ولئن انقسمت الآراء حول طبيعة الرد الإيراني -خاصة بعد عدم إعلان الجانب الأمريكي عن سقوط ضحايا رغم تأكيد البنتاغون تعرض القاعدتين لهجوم بالصواريخ - يرى مراقبون أن الخطوة الإيرانية كانت فقط لحفظ ماء الوجه وامتصاص غضب الشارع الإيراني الغاضب من مقتل الجنرال سليماني على يد الأمريكان ، في حين اعتبر البعض الآخر الرد قويا وسيكون له تداعيات كبيرة على المنطقة التي تقف على فوهة البركان منذ تنفيذ الولايات المتحدة هجوما بالطيران المسير، أسفر عن مقتل قائد فيلق القدس في «الحرس الثوري» الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، ومارافق ذلك من حراك دبلوماسي دولي واقليمي متسارع في المنطقة.
وتحدثت وكالة «فارس» شبه الرسمية في ايران، عن وقوع 80 قتيلا على الأقل، في الهجوم الذي قالت إنه أوقع أضرارا كبيرة في قاعدة «عين الأسد»، وهو ما نفاه مسؤول أمريكي في تصريح لقناة «سي إن إن».ولاحقا أعلن متحدث الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، أن بلاده لا تملك إحصائيات حول عدد القتلى والأضرار جراء الهجوم، وأنها «لا تؤيد أي إحصائية». فيما تحدثت مصادر في القوات المسلحة العراقية عن جرح عدد من أفراد الجيش العراقي، في حين تناقلت وسائل إعلام محلية معلومات تفيد بمقتل ضابط عراقي كبير في الهجوم الإيراني، لكن بغداد نفت الأمر.
ويرى مراقبون أنّ الرد الإيراني الذي قال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أنه تم اعلامه به قبيل التنفيذ بوقت قصير ، كان على شاكلة الغارة الأمريكية التي استهدفت سليماني مباشرة ومعلنة وتمت بصواريخ ايرانية، وهي خطوة قد تليها ردود أخرى هذه المرة لكن هذه المرة عبر وكلاء وأذرع وحلفاء طهران في المنطقة العربية أي في العراق سوريا اليمن ضد أهداف أمريكية أو ربما ضد حلفاء أمريكا في المنطقة وعلى رأسهم «اسرائيل». إذ توعد الأمين العام لعصائب أهل الحق العراقية، قيس الخزعلي، القوات الأمريكية بالرد على مقتل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس. ومن جهته هدد الحشد الشعبي في العراق برد ‘’مزلزل’’ على الغارة الأمريكية التي استهدفت الجنرال سليماني . في حين توعد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الجيش الأمريكي بـ«دفع الثمن»، وحدد نصر الله أن الهدف سيكون: كل جندي أمريكي في المنطقة.
على صعيد آخر حذر رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتانياهو،أمس الأربعاء، من أن بلاده سترد بقوة على أي هجوم ، وهدد نتانياهو إيران بـ»ضربة مدوية» في حال استهدفت إسرائيل، مضيفا «كل من يحاول مهاجمتنا سيواجه أقوى ضربة».وأضاف أن إسرائيل «تقف تماما» إلى جانب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلا إنه ينبغي تهنئة ترامب على تحركه «بسرعة وجرأة وحزم».
التهديدات المتبادلة والتصعيد الكلامي بين أمريكا وإيران ووكلائهما في المنطقة اعتبره مراقبون بداية اعتماد الطرفين على الرد بـ»الوكالة’’ عبر استعمال ضربات متفرقة تنفذها أذرع الطرفين في المنطقة مايزيد من تعقيدات المشهد المتوتر بطبعه. واعتبر مراقبون أنّ إعلان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى اعتبار هجوم بلاده الصاروخي على القواعد العراقية هو الرد النهائي على مقتل سليماني، يصب في خانة انتقال المواجهة بين الطرفين إلى نطاق حرب ‘’الوكالة’’ فيما يرى شق آخر من المتابعين أنّ الهجوم الإيراني الذي لم يتم الإعلان عن مخلفاته قد يكون ‘’مدروسا’’ بين الجانبين .
في الاثناء من المقرر أن يُطلع مسؤولون من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكونغرس في وقت متأخر الأربعاء على قضية قتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني .ويدلي وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع مارك إسبر ورئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة مارك ميلي ومديرة وكالة المخابرات المركزية جينا هاسبل بإفادات أمام مجلس النواب في جلسة مغلقة وأمام مجلس الشيوخ .وقد يوافق مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون هذا الأسبوع على تشريع يطالب القوات الأمريكية بوقف الأعمال القتالية مع إيران خلال 30 يوما ما لم يعلن الكونجرس حربا أو يجيز استخدام القوات المسلحة.