المنطقة تدخل مرحلة جديدة من الصراع الإيراني الأمريكي: سيناريوهات الرد الإيراني على مقتل سليماني

إعداد : روعة قاسم ووفاء العرفاوي 

مثّل مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني نقطة مفصلية في الصراع بين إيران والولايات المتحدة وصاعد

من التوتر الذي تعيشه المنطقة منذ أعوام . وحذّر العراق من «حرب مدمرة» على أرضه بعد العملية وسط تصاعد القلق في العالم ودعوات الى ضبط النفس. وسليماني هو موفد إيران إلى العراق وسوريا ولبنان للتنسيق مع المجموعات المسلحة الموالية لإيران فيها. وكان رسمياً نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي يشكل جزءا من القوات العراقية . واليوم يبدو جليا ان الجمهورية الإسلامية تدرس خيارات الرد ولا يمكن استبعاد حدوث المواجهة العسكرية ضد واشنطن من خلال ضرب قواتها المتواجدة في الشرق الأوسط، ولكن السؤال المطروح أساسا يتعلق بمدى حجم الرد وتداعياته على الوضع الأمني والسياسي في العراق والمنطقة.

ولا يخفى ان ايران اليوم باتت رقما صعبا في المعادلة في الشرق الأوسط وتمتلك عديد وسائل الرد واوراق الضغط على واشنطن سواء عسكريا او من خلال المناورات البحرية واستخدام ورقة مضيق هرمز بكل ما يمثله من أهمية استراتيجية ومن تهديد لأمن تدفق النفط عبر هذا المضيق الى جميع انحاء العالم. وقد قرّر التحالف الدولي الذي تقوده امريكا تقليص عملياته العسكرية في العراق غداة الضربة الأمريكية ، في الوقت الذي نصحت فيه بريطانيا امس، رعاياها بعدم السفر إلى ايران إلا في حالات الضرورة.

شرارة الحرب العالمية الثالثة
اعتبر الباحث السوري المختص في العلاقات الدولية خيام الزعبي لـ«المغرب» ان حادثة إغتيال اللواء قاسم سليماني خلال القصف الأخير للقوات الأمريكية على مطار بغداد الدولي في العاصمة العراقية لم تكن حدثاً عابراً، بل كانت محطة كبيرة ، ونبَّهت الأمتين العربية والإسلامية الى الخطر الحقيقي الذي يمثّله الإحتلال الأمريكي على أرض العراق، وأشار الى انه سبق إن إغتال الأمريكيون قادة من محور المقاومة ولم تتوقَّف المقاومة».

إن استهداف امريكا « قائد قوة القدس» في العراق تزامنا مع اغتيال عدد من قادة الحشد الشعبي العراقي أثار عدة تساؤلات، أهمها : لماذا تم استهدافهم في نفس الوقت؟. فقد أعلن البنتاغون في بيان رسمي «بتوجيه من الرئيس ترامب قتل سليماني كإجراء دفاعي حاسم لحماية الموظفين الأمريكيين في الخارج»، في هذا السياق تتهم أمريكا السليماني بأنه شريك الحاج عماد مغنية في الدفاع عن لبنان في حرب جويلية 2006، والداعم الأول للمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي - البريطاني للعراق، ومهندس خطوط الدفاع عن دمشق، والشريك الميداني للرئيس الأسد في مختلف المعارك السورية، وهو الوصلة الأولى بين إيران وفصائل المقاومة الفلسطينية، وهو ما ترى فيه تل أبيب خطراً وجودياً».

ويضيف محدثنا: «سارعت واشنطن إلى تبني عملية اغتيال السليماني، لأن هناك انتفاضة شعبية تسعى واشنطن إلى استثمار نتائجها لصالحها، من أجل تقليص نفوذ طهران في بلاد الرافدين، وتنفيذ انقلاب ضد الحشد الشعبي وفصائل المقاومة العراقية، كما لجأت أمريكا الى الاعتداء على مقار للحشد الشعبي عند الحدود العراقية - السورية، قبل عدة أيام، وذلك من أجل الفصل بين سوريا والعراق، وتحجيم «الحشد» وباقي قوى محور المقاومة في بلاد الرافدين».

وقال :«تعيش أمريكا وذيلها إسرائيل حالة متنامية من القلق والخشية غير مسبوقتين، فأمريكا متيقنة من أن الرد آت لا محالة، ومفتقرة في الوقت نفسه إلى معلومات حسية تقودها إلى تحديد مكان الرد وزمانه وحجمه وأسلوبه، الأمر الذي يطلق العنان لتقديرات وتنبؤات استخبارات واسعة، وهي في أغلبها تقديرات تشاؤمية مقلقة».

اما عن إمكانيات اية تصعيد الى حرب شاملة يجيب الزعبي بالقول: «الحرب القادمة بين ايران والولايات المتحدة ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم أمريكا وحلفائها وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، كما أنها ستدفع بالقوى الدولية لإعادة النظر في حقيقة موازين القوى وسبل قياسها، فإيران لن تفاجئ أمريكا في حجم ترسانة صواريخها وتنوعها فحسب، بل ستفاجئها أيضاً بأسلوبها وجهوزيتها القتالية على مستوى العدة والعديد.»

إن المنطقة اليوم تدخل في مرحلة جديدة وسط توقعات بإنفجار الوضع برمته في ظل الحرب المحتملة بين ايران وحلفائها من جهة وامريكا وحلفائها من جهة أخرى . وعملية اغتيال سليماني ستفتح أبواب الصراع على مصراعيه .

«تصعيد قد يؤدي الى حرب»
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي السوري عبد القادر خليفة لـ«المغرب» انّ «الاستهداف الأمريكي لأهم شخصية عسكرية وهو قاسم سليماني ليس في إيران فقط بل في محور المقاومة بكامله هو تصعيد إلى درجة قد تؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة «.وتابع أن واشنطن من خلال سلوكها يبدو أنها تريد العودة إلى بسط سيطرتها العسكرية على العراق بشكل كامل و منع أي تواجد لأي نفوذ آخر غير نفوذها و وجودها و سيطرتها على كل مفاصل الحياة الاقتصادية العسكرية فيه .

وبالنسبة للرد الإيراني أجاب محدثنا «اظن أنه سيكون في كافة جبهات محور المقاومة على الجبهة السورية مع الكيان الصهيوني وفي جبهة اليمن مع السعودية وفي العراق خصوصا من خلال ضرب التواجد الأمريكي مباشرة بواسطة تفعيل عمليات مقاومة تستهدف الجنود والضباط الأمريكيين وسنرى قتلاهم بهدف -وسيكون الهدف الأسمى لإيران- إخراج الولايات المتحدة نهائيا من المنطقة».

وأضاف محدّثنا انه وفق المؤشرات في إيران ورفع جاهزية القوات العسكرية والحرس الثوري إلى السرعة القصوى ، وتحرك سلاح الجو الإيراني على الحدود العراقية وإعلان قائد سلاح الصواريخ جاهزيته لتلقي الأوامر فإنّ الرد سيكون مباشرا وسيطال المصالح الأمريكية في عموم المنطقة و في العراق خصوصا ، ولن تكون الملفات العالقة كالملف النووي خارج حسابات طهران في الرد ، وسينتهي زمن الصبر الدبلوماسي في هذه الملفات خصوصا .

وأشار الكاتب السوري أن «سلاح الجو و قواعد الصواريخ و الحرس الثوري الإيراني في حالة استنفار قصوى بالاضافة الى تحليق طائرات حربية إيرانية على الحدود مع العراق فجيش الاحتلال الأمريكي في المنطقة بأسرها رفع مستوى الجاهزية إلى القصوى مع استنفار كافة قواعد الباتريوت في الخليج ، وواشنطن تجلي رعاياها المدنيين من العراق دليل على أن أمريكا خائفة من الأحداث القادمة كما أنّ الجيش الصهيوني في حالة استنفار وفي كافة منتجعاته ومرافقه على الحدود الشمالية». وأضاف خليفة أن الترقّب والحذر يجتاح المنطقة ويجرّ خلفه ترقب وحذّر العالم بأسره .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115