منبر: كيف يتصدى البيت العربي لمخاطر الأطماع الخارجية في الشأن الليبي ؟

محمد عبد الوهاب
باحث مصري في الشؤون الاقليمية
تزداد المخاوف لدى دول الجوار الليبي من حجم المخاطر التي يتعرض لها الأمن القومي العربي

جراء التدخل التركي في الشأن الليبي وإفصاح النظام الحاكم في أنقره عن أطماعه التوسعية في محيطنا الجغرافي الذي يعاني أصلاً من أزمات سياسية وإقتصادية وإجتماعية لا حصر لها.

وبصرف النظر عن التطرق في أكثر من جهة، إلى أهمية وجود دور قوي وتنسيق فاعل بين دول الجوار للتأكيد على مستقبل المشهد السياسي في ليبيا وأهمية الإجتماعات الدورية لآلية دول جوار ليبيا ، وما تستلزمه تطورات الأوضاع السياسية في ليبيا من تكثيف ذلك التنسيق المأمول ، فإن مايثير الإنتباه في هذا الإطار ، أن إجتماع الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية - على مستوى المندوبين الدائمين – شهد مواقف - غير معهودة - من بعض دول جوار ليبيا ، عارضت تضمين القرار الصادر عن الإجتماع إشارات واضحة وإدانه للتدخلات الخارجية وإنتقال مقاتلين أجانب إلى الأراضي الليبية ومع ذلك صدر القرار رافضاً التدخلات الخارجية التي تسهم في إنتقال المقاتلين الأجانب إلى ليبيا.

من المعلوم أن مخاطر إنتقال المقاتلين الأجانب من سوريا إلى الأراضي الليبية مع حرص كل دولة من جوار ليبيا على أمنها وسلامة حدودها ، ومن المعلوم أن لكل دولة شواغلها وحساباتها السياسية إلا أن الأمن القومي العربي له ثوابت تاريخية تتعرض في الآونة الأخيرة لإختراقات من جماعات سياسية لا تؤمن بالدولة المركزية والحدود السياسية وأنها لديهم توجه تاريخي - غير خفي - بأن دول منطقتنا وشعوبها تخضع الى مرجعية سياسية دينية.

كما أشرنا إلى الركود الذي إتسم به الملف الليبي لشهور طويلة وإقتصار الإهتمام الدولي على عقد إجتماعات لم تسفر عن تحقيق إختراق ملموس في المشهد السياسي الليبي ، وفي الوقت الذي يستعد فيه المبعوث الأممي والدول المؤيدة إلى عقد قمة برلين ، جاء الإختراق التركي الذي ضاعف من تأزم المشهد الليبي ، بالتوقيع على إتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع رئيس حكومة الوفاق بالتوازي مع توقيع الطرفين إتفاقية تعاون أمني ساعدت أنقره على تنفيذ مساعيها لبسط نفوذها على الأراضي الليبية وبدأت في إتباع تكتيكات سياسية وعسكرية تجعل من الملفين السوري والليبي رهنا لأطماعها.

وفي مقابل ذلك التجاهل الإعلامي الذي يسود منطقتنا العربية تجاه ما يتعرض له بلد عربي من نقل المرتزقة ومقاتلين ينتمون إلى جماعات جهادية عملت مؤخراً بجانب عناصر الجيش التركي في هجماتها على دولة عربية أخرى (شمال غرب سوريا) فإن الصحف الأروروبية - وبالأخص الفرنسية قد أفردت مساحات هامة للحديث عن دور شركة SADAT التركية في نقل المقاتلين – من أصل عربي أو تركمانستان – من أجل إثارة علامات إستفهام .

حول كيفية نقل هؤلاء المقاتلين وإلقاء الضوء على الطرق المستخدمة في ضوء إرتفاع اللوجيستية لنقل مقاتلين إلى ليبيا ، مقارنة بالتكلفة الخاصة بنقلهم إلى سوريا في وقت سابق.

كما ألمحت عديد من المصادر السياسية والإعلامية إلى إتباع وسائل جوية وبرية سواء في مطار مصراته أو مطارات دول أخرى تجاور ليبيا وإستثمار أنقره علاقاتها الأيديولوجية بأحزاب سياسية (في بعض دول جوار ليبيا) تتمتع بنفس مرجعية النظام السياسي في أنقره لتسهيل عملية النقل إلى مدن الغرب الليبي.

أخيراً ، وبصرف النظر عن صيغ التنافس/ التنسيق بين الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بالشأن الليبي ، فإن إستخدام مطارات دول عربية لنقل مقاتلين أجانب إلى داخل الأراضي الليبية أمر لا يمكن السكوت عنه ويجب تسليط الضوء عليه من قبل وسائل الإعلام في دولنا لإستيضاح الحقائق حول ذلك الأمر الخطير الذي يضر بالأمن القومي العربي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115