الملف الليبي في 2019: فشل مبادرات الحل السلمي .. الأطراف المتصارعة تتخلى عن الحوار وتتجه نحو الخيار العسكري

سنة 2019 -التي نودعها- كانت استثنائية بكل المقاييس وكانت ابرز محطتها على صعيد المشهد الليبي –العملية العسكرية

الواسعة التي أطلقها المشير خليفة حفتر في الجنوب ضد قوات حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج بالتحالف مع أهم قبائل إقليم فزان –أولاد سليمان والحساونة كانت المحطة الثانية مؤتمر باليرمو بحضور دولي ومحلي رفيع وحضرته دول مصر وتشاد والنيجر وتونس والجزائر والولاياتالمتحدة وروسيا واليونان ،ورفض حفتر حضوره في البداية مشترطا إبعاد تركيا و قطر .

وقد فشل المؤتمر ليس بسبب تركيا لكن بسبب تغيب قديم –جديد لبعض الفرقاء الليبيين أما المحطة الثالثة فقد أعلن خلالها حفتر الهجوم على طرابلس ، وهي خطوة تزامنت مع تواجد الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا . المحطة الرابعة وهي الأكثر خطورة من حيث التداعيات تتمثل في توقيع السراج على مذكرتي تفاهم مع أنقرة – تشمل التعاون العسكري الأمني ورسم الحدود البحرية و أدت لاحقا لاتخاذ أنقرة قرارا بإرسال قوات عسكرية لليبيا لدعم السراج وصد هجوم حفتر .

في الوقت الذي كان فيه المبعوث الأممي يتحدث فيه الاستعداد لانجاز الملتقى الوطني الجامع . أعلن حفتر الزحف على الجنوب وقد انطلقت العملية في الأسبوع الأول من فيفري 2019 ، واستمرت لنصف شهر تقريبا و انتهت بسيطرة الجيش على المنطقة و عاصمتها سبها . اوباري أين توجد أبار النفط،تحالف حفتر مع أهم قبائل الإقليم أولاد سليمان والحساونة وعارضه التبو ولم تفلح المجموعات الموالية للوفاق في مواجهة قوات حفتر، علما بان الطيران الفرنسي قام باستهداف حركات المعارضة التشادية الداعمة للتبو و الوفاق في عدة مرات.

ولان حفتر اتخذ قراره بالتخلي عن سيناريو الحوار مع حكومة الوفاق، متهما السراج بالانقلاب على تفاهمات سابقة معه في لقاءات أبو ظبي و باريس ،فقد امتنع عن المشاركة في مؤتمر باليرمو .وقام وزير خارجية ايطاليا بزيارة للقائد العام للجيش في محاولة لإقناعه بالحضور لكن حفتر اشترط إبعاد تركيا ودولة خليجية معروفة بدعم الإرهاب وفعلا رضخت ايطاليا والأمم المتحدة لشرط حفتر وأبعدت ممثل تركيا عن قمة الرؤساء بمؤتمر باليرمو، أنجز المؤتمر لكن دون أية نتيجة تذكر.

تطورات متسارعة
في الرابع من افريل أعلن حفتر عن عملية طوفان الكرامة وبسرعة كبيرة ودون مواجهات مع المجموعات الموالية للسراج ،تمكنت قوات الجيش من الوصول إلى ضواحي طرابلس الجنوبية مما يكشف عن دعم القبائل والمدن الليبية لحفتر لئن تمكنت الوفاق من استرجاع مدينة غريان من الجيش إلا أن ذلك لم يؤثر إطلاقا في سير المعارك .

وقد نقل الجيش غرفة العمليات لترهونة واستمرت الحرب، وقد كثف الجيش من قصفه الجوي على تمركزات الميليشيات وعلى مخازن السلاح . ولم بعد أمام جماعة الإخوان إلا طلب تدخل مباشر من احد حلفائهم في الخارج، حكومة الوفاق توجهت نحو حليفها رقم واحد وهو تركيا ومن ثمة جاء توقيع مذكرتي التفاهم اللتين قوبلتا برفض شديد من الداخل و الخارج إلى درجة تلويح عدة دول إقليمية بالتدخل لدعم حفتر عسكريا .

مذكرة التفاهم ينطلق تنفيذها هذا الأسبوع بعد تصويت البرلمان التركي عليها ، علما بان البرلمان التركي اضطر لقطع عطلته ليعقد جلسة طارئة بطلب من الرئيس اردوغان و تبدو الرئاسة التركية مستعجلة في إرسال قوات لليبيا بعد طلب الوفاق ذلك الشيء الذي يوحي بتطور الأحداث نحو الأسوء من المعلوم كذلك أن اللقاء المرتقب بين بوتين و اردوغان ينعقد يوم 8 جانفي،معنى ذلك أن الرئيس التركي آما انه نسق أو اتفق مع بوتين على تفاهمات معينة وحدود تدخل الجيش التركي أو انه لن يعطي أهمية لتحذيرات الكرملين من تداعيات إرسال قوات تركية .

الخطر الارهابي
على صعيد اخر يرى مراقبون بان أقوى تنظيم إرهابي اليوم في طرابلس .تنظيم القاعدة و فروعه والقريب من جماعة الإخوان المسلمين و تنظيم «داعش» الارهابي وبقايا أنصار الشريعة ،وإذا أخذنا بعين الاعتبار تحالف «داعش» ليبيا مع الجماعات الإرهابية بدول الساحل من جماعة بوكو حرام و الجماعات الإرهابية الأخرى ببلاد المغرب العربي مثل «الموقعون بالدم» فانه يمكن القول أن غرب ليبيا وطرابلس أصبحا يمثلان اكبر تمركز للجماعات الإرهابية وبتدفق السلاح التركي وحاجة إخوان ليبيا لمن يقف معهم في وجه الجيش الذي يقوده حفتر وقرب تركيا من تلك الجماعات فإننا نتوقع حصول سيناريو شمال سوريا في منطقة شمال إفريقيا و حصول هذا السيناريو ينطلق مع بدء أنقرة في إرسال قوات لليبيا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115