بسبب العراق.. هل ستنشب الحرب بين أمريكا وإيران؟

تشكل العلاقات الأمريكية -الإيرانية اليوم محور اهتمام دولي وسط ترقب مثير من قبل العديد من دول العالم، لما لهذا التطور المهم من إنعكاسات واضحة

على ملفات سياسية وأمنية وإستراتيجية متداخلة معقدة، ومن هنا تفتح واشنطن كل يوم بابا جديدا على المنطقة، فلم تعد تكتفي بدورها المخرب في العراق، بل تشهد الأراضي العراقية مواجهة غير مباشرة بين واشنطن وطهران وذلك من أجل الحصول على النفوذ داخل العراق، وكذلك نتيجة للتوتر الحاصل بينهما بسبب الخلاف على قضية الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني.

فبعد صعود خطر تنظيم داعش الإرهابي، تواجد في العراق حوالي 5200 جندي أمريكي وفي ظل وجود آلاف المقاتلين الذين تدعمهم ايران، في ظل هذه الحقيقة المعقدة، وضع المسؤولون العراقيون في موقف صعب، في الوقت الذي يدرسون فيه العلاقات الأمنية مع أمريكا وعلاقاتهم السياسية والدينية مع إيران.

وفي هذا السياق يعتبر الوجود الإيراني في العراق أمرا واضحا وأقرت به حتى أمريكا، كما أن هناك اتفاقيات تعاون مع إيران، لذلك من الصعب على الحكومة العراقية الإخلال بها كما أن العراق سيحاول التوصل إلى حل دبلوماسي بين أمريكا وإيران وذلك بحكم علاقته القوية والمحكمة بالطرفين لذلك لن يغامر العراق بالسماح للقوات الأمريكية باستخدام أراضيه لمهاجمة إيران وذلك للتحالف الوثيق بين البلدين، وفي الطرف الأخر لأمريكا قواعد عسكرية عدة في دول الجوار مثل قطر وغيرها، كما أنّ لديها أسطولا بحريا وحاملات طائرات ضخمة ولن تحتاج الى الأراضي العراقية من أجل استهداف إيران.

بالتالي كشفت أمريكا عن وجهها التآمري على المستوى السياسي والمذهبي، فتدخلت في العراق مطالبة بحقوق «أهل السنة»، والإنفصال عن إيران بتحريض مذهبي، ومن هذا المنطلق تسير العلاقة الإيرانية - الأمريكية على حافة الهاوية، ويعمل الحلف العربي-الإسرائيلي على إيقاع الصدام بينهما لتحقيق تدمير قوة الإسلام السياسي بجناحيه «السني والشيعي»، في تكرار للحرب الإيرانية - العراقية ، فضلاً عن إشعال الفتنة المذهبية بين «السنة والشيعة»، والتي تمثل آخر حلقات الحرب الأمريكية.

والمؤكد أن إسرائيل تدعم أي مبادرة لإزالة القدرات النووية الإيرانية، بما في ذلك المبادرة الدبلوماسية الأمريكية الحالية، بيد أنها متشككة من نجاح أي جهود دبلوماسية في إنجاز ذلك الهدف، فإسرائيل قلقة من إمتلاك إيران لسلاح نووي يمثل تهديداً لا يمكن تقبله، وهو غير مقبول بالنسبة للولايات المتحدة أيضاً، وتلتزم الولايات المتحدة بشكل كامل بمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، لا لأن ذلك يشكل تهديداً لأمنها القومي بل من أجل تحقيق أمن إسرائيل في المنطقة.

إن المنطقة مقبلة على تحولات وأزمات خطيرة، لأن إيران لن تسمح لأمريكا بالعبث بالعراق مرة أخرى مهما كلفها الأمر، فالتوتر بين طهران وواشنطن وصل ذروته في الأشهر الأخيرة لدرجة أن طهران هددت بقصف أي قوات أمريكية تجتاز الحدود العراقية، وكذلك فإن طهران هي الأخرى ستبذل كل ما بوسعها لدعم العراق بالأسلحة والعتاد، لكن السؤال يبقى: هل ستنقل أمريكا وإيران الصراع إلى داخل العراق؟ وهل إنهما مستعدتان لدخول حرب عالمية من اجل منطقة خرجت من سيطرة كل الأطراف الدولية والإقليمية على السيطرة على خيوط اللعبة؟ وبإختصار شديد يمكن القول إن الحقبة القادمة ستكون إيرانية بإمتياز، هذا رغم مخاوف أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة خاصة إسرائيل، وفي تقديري سيشهد هذا العام تدويراً للكثير من الزوايا في مجمل العلاقات الدولية، والأيام المقبلة وحدها ستجيب عن ذلك.

خيام الزعبي
كاتب وأكاديمي بجامعة الفرات

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115