ولادة عسيرة للحكومة الجديدة: مشاورات صعبة وشبح «الشغور» يخيم على لبنان من جديد

تتزامن المشاورات السياسية الصعبة في لبنان مع استمرار الغضب الشعبي في مختلف المدن ، وسط انباء عن وجود انقسامات وخلافات

حادة داخل العائلة السياسية الفاعلة في البلاد . وفي هذا السياق أعلنت الرئاسة اللبنانية تأجيل الاستشارات النيابية التي كانت مقررة بداية بتسمية رئيس للوزراء، إلى اليوم الخميس، بناء على طلب من رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري وهو ما اعتبره البعض تعميقا لأزمة البلاد التي عاشت سابقا فراغا على مستوى رئاسة البلاد استمر لأكثر من سنتين.

وجاء تأجيل الحسم في اختيار مرشح لرئاسة الحكومة ليزيد من عمق الفجوة بين أصحاب القرار السياسي في البلاد والمحتجين المرابطين بالشوارع منذ أشهر رغم استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري. ومن المفارقات التي يرى البعض انها زادت من تأجيج المشهد هو إعادة اقتراح اسم سعد الحريري من جديد لتشكيل الحكومة الجديدة، وسط مواقف متضاربة وانقسام حاد رغم انه أعلن في البداية رفضه. وأجبرت الاحتجاجات الشعبية المتواصلة الحريري على تقديم استقالة حكومته، في 29 أكتوبر الماضي، فيما يطالب المحتجون بحكومة تكنوقراط بعيدا عن القوى السياسية.
هذا التأجيل هو الثاني منذ استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وهو مايزيد من مخاوف الشارع من استمرار أزمة الفراغ في البلاد على غرار ماحصل منذ أكثر من عام والتداعيات الخطيرة للفراغ السياسي نتيجة شغور مقعد الرئاسة لأكثر من عامين مما سبب شللا حادا في الحياة السياسية والاقتصادية بالبلاد. يشار الى ان الشغور السياسي في لبنان كان بين عامي 2014 - 2016 ، وهو فراغ رئاسي لمدة سنتين ونصف بدأت من نهاية ولاية الرئيس ميشيل سليمان حتى تسلم الرئيس ميشيل عون الحكم في لبنان، و كان يقوم بأمور رئاسة الجمهورية الحكومة اللبنانية المؤقتة تمام سلام، وتعود الأسباب إلى حساسية منصب رئاسة لبنان بسبب وجود 18 طائفة فيه.
وقالت مصادر مقربة من المشاورات إن «الإشكال لا يكمن لدى رئيس الجمهورية وإنما عند الحريري، فهو من يُطالب بالتأجيل».وتضيف أن «الحريري وضع العديد من الشروط ولا أحد يرضى بها خصوصا وأنّ لبنان بلد ديمقراطي».وتابع: «الحريري يودّ تأليف الحكومة، واختيار وزرائها والحصول على جميع الصلاحيات، متناسيا أنّ لبنان ليس بلدا ديكتاتوريا».

مشاورات عسيرة
ويرى مراقبون أن تفجر غضب الشارع في لبنان يأتي نتيجة تراكمات سياسية واقتصادية متتالية عاشت على وقعها البلاد في السنوات الأخيرة ، وكان لتدهور قيمة العملة المحلية التي تراجعت قيمتها في السوق السوداء مقابل الدولار، دور كبير في تدهور الاقتصاد اللبناني . واعتبر متابعون أنّ اختيار الحكومة فرض ضرائب جديدة كان القطرة التي أفاضت الكأس وأدخلت مختلف مناطق البلاد في احتجاجات شعبية تتزايد حدّتها .
واعتبر مُتابعون للشأن اللبناني أنّ المُظاهرات تعدّت مرحلة الإطاحة بالحكومة ليرتفع سقفها اذ يطالب المحتجون بتكوين حكومة تكنوقراط تضم كفاءات وتقطع مع نظام الطائفية والمحسوبية والفساد في البلاد. ويؤكّد مراقبون أنّ هذه الاحتجاجات التي اتخذت شكلا اكثر عنفا يوم امس ستكون لها نتائج مُختلفة على صعيد مشاورات تشكيل الحكومة التي اتخذت مسارا صعبا وتاجيلا مستمرا منذ أيام. وعلّق مراقبون أنّ ماتعيشه لبنان اليوم هو انتفاضة شعبية تعبر عن حالة وعي بات يعيشها اللبنانيون بسبب تفشي المحسوبية والطائفية في البلاد.
وقال محللون مختصون في الشأن اللبناني أنّ الساعات القليلة المقبلة قد تكون حاسمة في لبنان ، خصوصا مع تفجر الوضع في الشارع من جديد ما يضع أصحاب القرار أمام امتحان صعب بين تسريع المشاورات وضرورة التوافق أو إدخال البلاد من جديد في أتون فراغ وشغور سياسي قد يعصف باقتصاد البلاد الذي بدأ يتعافى بعد عامين من الركود.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115